المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبح على أرض أحد - السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة - جـ ٢

[محمد الصوياني]

فهرس الكتاب

- ‌اليهود

- ‌ما هي قصة صيام يوم عاشوراء

- ‌يهودي ينتقد المسلمين

- ‌كيف ينادي إلى الصلاة

- ‌رجلٌ من حلم وأذان من وحي

- ‌فرحة لامرأة من الأنصار

- ‌المدينة حريقًا ومذابح

- ‌فماذا توقع أبو بكر

- ‌حراسة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌السلاح صباحًا .. السلاح مساءً

- ‌نشاط عسكري

- ‌غزوة العُشَيرة

- ‌غزوة الأبواء

- ‌سرية نخلة

- ‌فما هو هذا الخبر

- ‌أهل الصفة

- ‌ماذا حدث يا فضالة

- ‌ملابسكم يا أهل الصفة

- ‌صيام شهر رمضان

- ‌ما هو الصيام

- ‌أحكام جديدة في الصيام

- ‌رقية مريضة

- ‌كيف كان ليل رمضان في مكة

- ‌رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب

- ‌الخروج وأسبابه

- ‌المشورة قبل الانطلاق

- ‌سرية في الانطلاق

- ‌كيف علمت قريش بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌بدر

- ‌أين محمد

- ‌ كيف علم صلى الله عليه وسلم بخروج قريش

- ‌كيف عرف صلى الله عليه وسلم عدد قريش

- ‌عدد الصحابة

- ‌المشورة الثانية

- ‌وجاءت البشرى من الله

- ‌16/ 9/ 2 ه

- ‌مصارع القوم

- ‌المطر .. المطر

- ‌ الصلاة جامعة

- ‌بشرى ومنام

- ‌فعل السبب .. وجعل النتائج على الله

- ‌لماذا يرفض صلى الله عليه وسلم مشاركة حذيفة ووالده

- ‌الصوف الأبيض شعارًا للمسلمين

- ‌النعاس وشيء آخر

- ‌أين رسول الله وأين الملائكة

- ‌عبد الرحمن ابن عوف يتمنى مكانًا آخر

- ‌هل أسلم أبو جهل

- ‌(قم يا حمزة .. وقم يا علي .. وقم يا عبيدة)

- ‌شاهت الوجوه

- ‌علي خائف من الموت

- ‌قصة أمية وعبد الرحمن بن عوف

- ‌أشجع رجلٍ في بدر

- ‌ أين أبو جهل

- ‌ماذا فعل ابن مسعود بأبي جهل

- ‌ثمانية عشر شهيدًا

- ‌قضية الغنائم

- ‌إحراق الغنائم

- ‌قضية الأسرى

- ‌رأيًا لأبي بكر ورأيًا لعمر

- ‌إعدام طاغوت

- ‌بقية الأسري في نعيم

- ‌عفراء حزينة تنوح

- ‌ماذا قالت سودة

- ‌المعجزة

- ‌إطلاق الأسرى دون مقابل

- ‌ماذا عن بقية الأسرى

- ‌الخدمة الاجتماعية بدلًا من الحبس

- ‌كعب بن الأشرف

- ‌وثيقة مكتوبة بين النبي والمسلمين واليهود

- ‌أعلن يهود النضير وقريظة الحرب

- ‌قصة إجلاء بني النضير

- ‌أبو بكر وعمر وعلي يريدون فاطمة

- ‌هل وقع شجار بين حمزة وعلي

- ‌ألا يا حمزة للشرف النواء

- ‌مولد النفاق

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالانتفاع بالخمر

- ‌أبو طلحة ومهر أم سليم الغالي

- ‌جبير بن مطعم والهموم

- ‌حمزة بابًا للحرية

- ‌رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌دعاهم ليستشيرهم

- ‌البنات والمعركة

- ‌والد جابر يشرب خمرًا قبل المعركة

- ‌إنهما من الأوائل

- ‌{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}

- ‌المرابطون

- ‌بين عينين وأُحد

- ‌البداية دعاء

- ‌بشائر النصر

- ‌هل من مبارز

- ‌ضيفان على المعركة

- ‌ضيف ثالث على المعركة

- ‌ماذا فعل الرماة

- ‌المعركة بأيدي المشركين

- ‌صرخة تقتل حسيلًا

- ‌استشهاد حمزة

- ‌إن محمدًا قد قتل

- ‌استشهد مصعب

- ‌حنظلة بن أبي عامر وأبو سفيان بن الحارث

- ‌شهادة هو اختارها

- ‌رسول الله صلى الله عليه وسلم في السماء

- ‌أول من عرفه صلى الله عليه وسلم

- ‌الرسول يستسقي دماءً

- ‌الشهيد الذي يمشي على الأرض

- ‌النعاس من جديد

- ‌هذا الفارس من أهل النار

- ‌أوجب طلحة

- ‌النبي يبشّر الشهداء

- ‌الصلاة على الشهداء

- ‌ما سر حفاوة الله بوالد جابر

- ‌أبو سفيان وجيشه نادمون

- ‌غزوة حمراء الأسد

- ‌شبح على أرض أُحُد

- ‌تحريم النياحة على الميت

- ‌أحب الأسماء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌إلى أين تتجه الهموم بجابر

- ‌على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جابر يتعلم أدبًا

- ‌جاءت المعجزة

- ‌من أخذ مال سعد بن الربيع

- ‌ما هي عقبى أم سلمة

- ‌رؤيا أم الفضل

- ‌فاطمة تلد حربًا

- ‌عقيقة الحسن

- ‌أم الفضل تضرب الحسن

- ‌تتمادى البراءة فيتمادى الحب

- ‌الرحمة تذهله صلى الله عليه وسلم

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم والإماء والمعاقين

- ‌قصة أولها رحمة وآخرها جحيم

- ‌اغتيال خالد بن سفيان

- ‌سرايا لمرثد بن أبي مرثد

- ‌حرم الله الزنا

- ‌عامر بن الطفيل يهدد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سرية الرجيع

- ‌ماذا حدث لأم سليم رضي الله عنها

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌أم سليم تلد طفلًا

- ‌أم سلمة تلد بنتًا

- ‌تغيير اسم برة بنت أبي سلمة

- ‌ذات الرقاع

- ‌أعرابي يحاول قتل النبي صلى الله عليه وسلم بسيفه

- ‌صلاة الخوف

- ‌صفة ثانية لصلاة الخوف

- ‌جابر وجمله الهزيل

- ‌المرأة والرجل

- ‌زريبة للنساء

- ‌زيد بن محمد ليس زيد بن محمد

- ‌ماذا كان يفعل صلى الله عليه وسلم بأسامة لو كان فتاةً

- ‌شاب اسمه جليبيب

- ‌معركة جليبيب

- ‌تطلق زوجها لأنها لا تحبه

- ‌كيف فتحت توراتهم بيوت الدعارة

الفصل: ‌شبح على أرض أحد

من بعد ما أصابهم ما أصابهم من فقد الأحباب والأصحاب .. لكن قريشًا لاذت بالفرار خشية أن يصيبها ما أصابهها في أوّل المعركة .. أو يحدث لها ما كان في غزوة بدر .. فجيش محمَّد صلى الله عليه وسلم كالأسود الجريحة .. الرماة يريدون التكفير عن معصيتهم لأوامر قائدهم صلى الله عليه وسلم .. وبقية الصحابة يريدون اللحاق بحمزة وعبد الله بن حرام وأصحابهم .. لعل الله أن يخاطبهم هذا المساء .. لكن قريشًا لاذت بالفرار.

فمكث صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنه بعض الوقت ثم عادوا مثقلين إلى المدينة الحزينة .. المشتاقة إلى نبيّها وفرسانها ..

سأستأذنكم قليلًا لأسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته لا إلى المدينة .. بل سأعود إلى أرض أُحد .. فقد خيّم اللّيل على جبالها وشعابها .. وهناك حركة غريبة تحدث بين تلك الشعاب .. هناك شبح ينهض من بين الأموات ..

‌شبح على أرض أُحُد

دعونا نقترب منه .. إنه يقف على قدميه .. يترنّح من الألم والبرد يزيد من آلامه .. ها هو .. إنه ليس من الجنّ .. إنه أحد أفراد جيش أبي سفيان .. وقد كان طوال اليوم يتظاهر بالموت والدم ينزف منه .. يقول أنس بن مالك: (كان وهب بن عمير شهد أُحدًا كافرًا، فأصابته جراحة، فكان في القتلى، فمرّ به رجل من الأنصار، فعرفه فوضع سيفه في بطنه حتى خرج من ظهره ثم تركه، فلما دخل الليل وأصابه البرد لحق بمكة، فبرأ، فاجتمع هو وصفوان بن أمية في الحجر، فقال وهب: لولا عيالي ودين عليّ لأحببت أن أكون أنا الذي أقتل محمدًا، فقال له صفوان: كيف تصنع؟

ص: 257

فقال: أنا رجل جواد لا ألحق، آتيه فأغترّه، ثم أضربه بالسيف، فألحق بالخيل ولا يلحقني أحد.

فقال له صفوان: فعيالك مع عيالي، ودينك علي) (1).

لن أكمل هذا الحوار .. سأترك الرجلين وما يكيدان لألحق بحبيبي صلى الله عليه وسلم .. ها هو يسير نحو المدينة الحزينة .. دون حمزة .. دون سبعين من الشهداء الأبرار .. والبيوت تضجّ بالحزن والنواح .. يدخل صلى الله عليه وسلم المدينة ويمشي بين أبياتها .. فيحاصره النواح والبكاء في كل الطرقات والدروب ..

لم يتوقف النواح في المدينة ولم تتوقف الدموع .. ولا الأحزان .. إنها تتقاطر من قلوب المؤمنين .. كما يتقاطر سيف هذا المحارب المخيف .. الذي يسلم لحبيبته سيفًا أحمر يتقاطر موتًا .. سيفًا حنته المعركة لكنها لم تَحْنِ حامله ..

إنه عليّ بن أبي طالب وهو الآن برفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولا أعلم هل هما في بيت النبي صلى الله عليه وسلم أم في بيت فاطمة .. ؟

يبدو أنهما في بيت فاطمة رضي الله عنها، فقد (جاء علي رضي الله عنه بسيفه يوم أحد قد انحنى فقال لفاطمة رضي الله عنها: هاكي السيف

(1) سنده قوي رواه الطبراني (17/ 62) وابن منده -ذكره في الإصابة .. وسند الطبراني: حدثنا أحمد بن زهير التستري، حدثنا محمَّد بن سهل بن عسكر، حدثنا عبد الرواق، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني- لا أعلمه إلا عن أنس بن مالك:

وقد توبع ابن عسكر عند ابن منده تابعه أبو الأزهر .. وأبو الأزهر حسن الحديث إذا لم يخالف، ومحمَّد بن سهل ثقة، انظر التقريب (2/ 167) وعبد الرزاق معروف، وجعفر بن سليمان صدوق من رجال مسلم- التقريب (1/ 131) وأبو عمران الجوني اسمه: عبد الملك بن حبيب الأزدي تابعي ثقة من رجال الشيخين، التقريب (1/ 518). وابن منده من شيوخ الطبراني.

ص: 258

حميدًا فإنها قد شفتني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كنت أجدت الضرب بسيفك لقد أجاده سهل بن حنيف، وأبو دجانة وعاصم بن ثابت الأقلح، والحارث بن الصمة) (1).

توجّه صلى الله عليه وسلم إلى بيته خلال النواح والبكاء .. إنه يستمع إلى النائحات والوجد يحرق أكبادهن .. فيتذكر عمّه حمزة رضي الله عنه .. وتعاوده الأحزان من جديد .. فيستجيب لها بكلمات تفيض حزنًا ووفاءً لذلك الفقيد الحميم .. فقد (مرّ صلى الله عليه وسلم بنساء بني الأشهل)(2) عندما (رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد فسمع نساء بني الأشهل يبكين على هلكاهنّ، فقال:

لكن حمزة لا بواكي له، فجئن نساء الأنصار فبكين على حمزة عنده .. ورقد صلى الله عليه وسلم فاستيقظ وهن يبكين، فقال: ويلهنّ إنهن لها هنا حتى

(1) سنده صحيح رواه الحاكم (3/ 24) واللفظ له والطبرانيُّ (7/ 122)(11/ 251) وسند الحاكم هو حدثنا أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله الصفار، حدثنا أبو الحسن علي بن محمَّد الثقفي بالكوفة حدثنا منجاب بن الحارث التميميّ، قال: وزعم سفيان بن عيينة عن عمرو ابن دينار عن عكرمة عن ابن عباس

وهذا السند صحيح فسفيان وعمرو وعكرمة أئمة ثقات معروفون ومنجاب التميميّ ثقة من رجال مسلم (التقريب-2/ 264) فقول الحاكم رحمه الله إن الحديث على شرط البخاري فيه نظر .. بل العكس لأن منجاب من رجال مسلم فقط فالحديث على شرط مسلم .. وأبو الحسن الثقفي ثقة انظر: تاريخ بغداد (12/ 63) وشيخ الحاكم عالم ثقة قال عنه تلميذه الحاكم: أنه محدث عصره. انظر: سير أعلام النبلاء (15/ 437) وقد توبع الثقفي عند الطبراني وفيه تصريح بسماع سفيان من عمرو.

(2)

سنده حسن رواه ابن ماجه (الصحيح 1/ 26) والحاكم (3/ 195) ابن وهب وعبيد الله ابن موسى أخبرنا أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر وأسامة بن زيد حسن الحديث إذا لم يخالف (التقريب- 1/ 53) وصحح الحديث الإمام الألباني في صحيح ابن ماجه (1/ 265) وبقية السند كالذهب.

ص: 259