الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سرايا لمرثد بن أبي مرثد
وكان لمرثد رضي الله عنه صديقة في مكة .. ينزل عليها سرًّا .. كان يحبها وتحبه وتحفظ سره وعلاقته بها .. اسمها: (عناق) .. لكن أمرًا حدث في المدينة أثار غضب تلك الحسناء .. فخانت مرثد ونادت قريشًا لكي يحاصروه ويقبضوا عليه .. فماذا حدث لمرثد بن أبي مرثد.
يقول أحد الصحابة: إن (مرثد بن أبي مرثد، كان رجلًا "شديدًا" يحمل الأسرى من مكة، حتى يأتي بهم المدينة، وكانت امرأة بغيٌّ بمكة يقال لها: عناق، وكانت صديقة له، وأنه كان وعد رجلًا من أسارى مكة يحتمله، قال مرثد:
فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط، من حوائط مكة في ليلة مقمرة، فجاءت عناق، فأبصرت سواد ظلي بجنب الحائط، فلما انتهت إليّ عرفتني فقالت:"من هذا" مرثد؟ فقلت: مرثد. قالت: مرحبًا وأهلًا، هلم فبِتْ عندنا الليلة "انطلق الليلة فبت عندنا في الرحل".
حرم الله الزنا
قلت: يا عناق، حرّم الله الزنا، "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الزنا".
قالت: يا أهل الخيام، "هذا الدلدل، هذا الذي يحمل أسراءكم من مكة إلى المدينة".
فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة (1)، فانتهيت إلى غارٍ أو كهفٍ، فدخلت، فجاءوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، "فطار بولهم علي"، فظلّ
(1) جبل عند أحد مداخل مكة.
بولهم على رأسي، وعمَّاهم الله عني. ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي، فحملته، وكان رجلًا ثقيلًا، حتى انتهيت إلى الإذخر، "فلما انتهيت به إلى الأراك" فككت عنه أكبله، فجعلت أحمله ويعينني، حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله أنكح عناقًا؟
"فسكت عني"، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليّ شيئًا حتى نزلت:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا مرثد الزاني لا ينكح إلَّا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلَّا زان أو مشرك .. فلا تنكحها) (1).
لأنها تحترف الزّنا وتصرّ عليه .. أما إذا تابت الزانية وتاب الزاني وباب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة .. فيجوز عند ذلك .. أمّا إذا لم يتوبوا فهم أمراض متنقلة .. تنخر الأجساد والمجتمعات ..
إذًا فهناك رجال يمكن الاعتماد عليهم للقيام بمهام خطيرة ودقيقة .. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتردّد في بثّهم هنا وهناك .. فالمدينة في خطر .. والدعوة إلى التوحيد تحتاج إلى دولة قوية وذكية لنشرها .. كان لمرثد دور .. وكان لعبد الله بن أنيس دور آخر .. وللذين داخل المدينة أدوار يؤدّونها تحت قيادة هذا النبي الحكيم.
(1) سنده حسن رواه النسائي (الصحيح-3027) والترمذيُّ (الصحيح- 3538) واللفظ له والزوائد للنسائي .. من طريق عبيد الله بن الأخنس أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .. وعبيد الله بن الأخنس أبو مالك النخعي، ثقة قاله الأئمة: أحمد وابن معين وأبو داود والنسائيُّ، وانظر: التهذيب. والتقريب (1/ 530) وبقية السند حسن أي عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده وهو سند معروف.