الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنكد والأمراض الجسدية والاجتماعية .. أنزل الله على نبيّه صلى الله عليه وسلم تحريم الزنا .. حتى تبقى ساحة الزواج نقيّة طاهرة .. هذه الأحكام النقية .. وبهذا القرآن العذب والسنّة المطهّرة .. أعاد الإِسلام للإنسان توازنه الذي اختلّ على أيدي اليهود والنصارى .. فاليهود حرّفوا التوراة .. فتحوا بين سطورها بيوتًا للدعارة .. والنصارى حاولوا إقفال تلك البيوت بأحكام تحرم الطلاق وتنهى عن الزواج أصلًا .. فبقي الإنسان محتارًا بين قريتين: قرية للرهبان .. وقرية للشيطان .. قد تتساءل فتقول:
كيف فتحت توراتهم بيوت الدعارة
؟
افتح التوراة .. تجد الاتهامات القبيحة لأنقى من مشى على الأرض .. وهل هناك أطهر من نبي .. التوراة المحرّفة تقول لليهود .. تقول لشعب الله المختار:
إن إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام زنى بزواجه من أخته من أبيه سارة (1) ..
إن لوطًا عليه السلام زنى بابنتيه وأنجب منهما (2)
إن أحد الأسباط وأكبرهم -ابن يعقوب- واسمه رابين زنى بزوجة أبيه وأم أخوته .. ويطير صوابك عندما تقول التوراة إن يعقوب لما علم دعا لابنه رابين وباركه ومدحه وسماه بالفاضل في العزّ والرفعة (3) ..
إن يهوذا وهو أخٌ لرابين زنى بزوجة ابنه "لعير" واسمها "شامار"(4) ..
(1) سفر التكرين- (20 - 12).
(2)
سفر التكوين (19 - 31).
(3)
سفر التكوين (35 - 55)(49 - 3).
(4)
سفر التكوين (19).
إن داود عليه السلام رأى زوجة جاره الجميلة فناداها وزنى بها (1) ..
إن ابن داود زنى بأخته (2) .. وغيرهم .. وغيرهم ..
أمّا كتابهم التلمود .. فيبيح لليهودي كل شيء خاصة مع المرأة غير اليهودية .. لأنها عبارة عن حيوان .. بل وحثّ الزوجة اليهودية على عدم الغيرة من المرأة غير اليهودية .. لأن الأخرى حيوان لا كرامة له .. فماذا تتوقع من شعب هكذا يُصوَّر له أنبياؤه -في كتابهم المقدس- وعندما جاء النصارى رأوا اليهود في حالة تثير الاشمئزاز والقرف .. فابتدعوا الرهبانية كرد فعل على إباحية اليهود .. فكرهوا الزواج ونهوا عنه .. وحرّموا الطلاق وجعلوا المطلّقة زانية والمتزوج منها أيضًا زان.
وبهذا أصبح اليهود والنصارى بين جحيمين .. فجاء الإسلام راحة ورحمة للإنسان يتقلّب فيها .. عامله لا كملاك ولا كشيطان .. بل إنسان يسعى نحو الأفضل .. لكنه في سعيه ذلك يتعرّض للعثرات والسقوط لأنه بشر .. لكن الإِسلام يدفعه لمقاومة ذلك السقوط والنهوض من جديد .. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:
(والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)(3).
جاء أحد الصحابة يستفسر عن حالة التغيّر عند المسلم عندما يغادر المسجد وقد تأثّر بكلمة أو موعظة أو محاضرة .. فإذا ذهب إلى بيته أو دكانه خفّ تأثره ذلك .. فأجاب صلى الله عليه وسلم عن هذا التساؤل الذي يطرأ على
(1) الكتاب المقدس -صموئيل الثاني- 11.
(2)
الكتاب المقدس -صموئيل الثاني- 13.
(3)
حديث صحيح رواه مسلم (2749).
المسلم .. وعلى ذلك الصحابي المدعوّ حنظلة بقوله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لو كنتم تكونون في بيوتكم على الحالة التي تكونون عليها عندي، لصافحتكم الملائكة، ولأظلّتكم بأجنحتها، ولكن يا حنظلة: ساعة وساعة)(1)
وعندما حاول ذلك الصحابي العظيم عثمان بن مظعون .. أن يمحو الساعة الثانية ويبقى في ساعة عبادة ممتدة من النوم إلى النوم أوقفه صلى الله عليه وسلم وأعاده إلى سنّته .. إلى بشريّته .. فلا رهبانية في الإِسلام ولا تطرّف .. تقول عائشة رضي الله عنها:
(دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فرأينها سيئة الهيئة، فقلن لها: مالك؟ فما في قريش أغنى من بعلك. قالت: ما لنا منه شيء، أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرن ذلك له، فلقيه، فقال: يا عثمان بن مظعون .. أما لك بي أسوة؟ فقال: بأبي وأمي، وما ذاك؟ قال صلى الله عليه وسلم: تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال: إني لأفعل. قال صلى الله عليه وسلم: "يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا .. أما لك فيّ أسوة؟ أما والله إن أخشاكم لله، وأحفظكم لحدوده لأنا" فأتتهن بعد ذلك وهي عطرة كأنها عروس، فقلن: مه؟ قالت: أصابنا ما أصاب الناس)(2) .. لم تشتك تلك المرأة الفاضلة من بخل ولا قلّة مال .. لم تشتك حتى من زوجها .. لكنها بثّت ما بصدرها لنساء النبي صلى الله عليه وسلم .. عبرت عن حاجة المرأة إلى وصال الزوج وحبّه .. وإلّا فإذا ستذبل .. وذبول المرأة يعرف بعدم اهتمامها بنفسها وأناقتها وأنوثتها .. أعاد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل النقى التقي إلى أجواء
(1) حديث صحيح - صحيح الجامع (2/ 1190) وهما عند مسلم.
(2)
حديث صحيح مر معنا. ورواه عبد الرزاق بسند صحيح (6/ 167) عن معمر عن الزهريّ عن عروة وعمرة عن عائشة.
الإسلام البيضاء الرحبة .. يحلّق فيها طائرًا أبيض بالحب والإيمان .. ثم يعود إلى عشّ حبيبته الجميل .. كما يعود النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته محملًا بالشوق والحب .. وإذا كانت الحياة الزوجية تقتضى ذلك .. فإن الحياة بكرامة إسلامية تقتضي أن يعود عثمان بن مظعون ورفاقه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض بدر مرة أخرى بعد أن فرض الشرك ذلك عليهم متحديًا .. معركة حددها أبو سفيان .. حدد موعدها .. ومكانها .. أما الموعد فهو بعد عام من غزوة أُحُد .. أي الآن .. وأمّا المكان .. فعلى أرض بدر وفي موسم بدر المشهور بالشعر والفخر والتجارة ..