الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قول بخٍ. .. بخٍ؟
قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال صلى الله عليه وسلم: فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن) (1).
ما هذا الرجل ومن هو .. يبشره صلى الله عليه وسلم بالجنة فيأكل تمرًا .. سنعرف بعد قليل .. فلنعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث لا تمر في كفيه .. لكن كفه كانت مليئة بشيء غير التمر .. شيء لا يؤكل.
فما هو هذا الشيء وماذا يريد أن يفعل به؟.
لقد (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ كفًا من الحصى بيده، ثم خرج فاستقبل القوم، فقال:
شاهت الوجوه
تم نفحهم بها، ثم قال لأصحابه: احملوا) (2).
انطلق الصحابة كالسهام .. كالموت .. ونظر صاحب التمرات إلى تمراته ثم قال:
(لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل)(3) قتل شهيدًا رضي الله عنه وأرضاه .. هذا الشهيد أنصاري يدعى: عمير بن الحمام.
(1) حديث صحيح. رواه مسلم وأحمدُ (سيرة ابن كثير 2/ 421).
(2)
سنده قوي. رواه الأموي (ابن كثير 2/ 434) حدثنا أبي حدثنا ابن إسحاق حدثني الزهريّ عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير .. وقد صرح ابن إسحاق بالسماع من شيخه التابعيّ الإمام الثقة الزهري، وشيخ الزهريّ صحابي رضي الله عنه، والأموي وولداه ثقتان.
(3)
هو باقي حديث مسلم السابق.
أما حمزة فقد شق صفوف الوثنيين بسيفه .. يتساقطون أمامه واحدًا واحدًا .. أحد الجبناء: أمية بن خلف كان ينظر إليه وينتفض وينتفض السيف في يده وتنتفض الريشة التي زين بها حمزة صدره .. أمية بن خلف كان يرتعد خوفًا ويقول لمن حوله: (ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل) .. وهو لم يحدد من ذلك الشخص بعد .. لم يعرف أنه حمزة بعد .. وكان أحد ضحايا حمزة رجل من مشاهير قريش اسمه: طعيمة بن عدي وهو أخو المطعم بن عدي .. ومن مكان آخر انطلق عبد الرحمن بن عوف وانطلق الشابان من حوله .. يتسابقان نحو رأس أبي جهل .. لكن كيف والمشركون كالشجر الملتف حوله .. يحمونه من سيوف المهاجرين والأنصار .. أي سيف سيشق طريقًا نحو أبي جهل .. أي سيف سيجز ذلك الشجر الوثني الملتف حول أبي جهل .. الذين صنعوا الأحداث يتحدثون ..
عبد الرحمن بن عوف يقول للغلامين وسط الموت والسيوف:
(نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس، فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكم الذي تسألان عنه [فأشرت لهما إليه، فشدا عليه مثل الصقرين] فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال:
أيكما قتله؟ قال كل منهما: أنا قتلته، قال صلى الله عليه وسلم: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في السيفين فقال: كلاهما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، والآخر معاذ بن عفراء) (1) هذا ما حدث باختصار .. أما التفاصيل فعند من خاض سيفه في تفاصيل أبي جهل .. التفاصيل عند معاذ بن عمرو بن الجموح .. فبعد أن أشار عبد
(1) حديث صحيح. رواه البخاري ومسلمٌ وما بين المعقوفين عند البخاري (ابن كثير 2/ 442)
الرحمن بن عوف بيده إلى أبي جهل .. قال معاذ: (سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة (1) وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه .. فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربةً أطنت (2) قدمه بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها، وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني (3) القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها من خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها، ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ بن عفراء، فضربه حتى أثبته وتركه وبه رمق) (4).
تركه يشقى بآخر أنفاسه .. تدوسه الأقدام وتدوس زعامته ويكسوه التراب الذي طالما نثره في وجوه الضعفاء والمساكين .. هوى الطاغية الشرس الذي قضى أكثر من عشر سنين في محاربة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. في اضطهاد الفقراء وقتل العجائز والمسنين من المؤمنين .. هوى هذا الكافر على يد شابين صغيرين اقتحما ثأرًا لله ولرسوله وللمؤمنين .. وخيم الموت على أبي جهل والتهمت الصحراء ساقه .. خيمة من الموت ضربها الأنصاريان عليه .. فلم يبق منه سوى عينين زائغتين .. تضعفان كما سقط طاغوت آخر ..
(1) الشجر الملتف.
(2)
أطارت.
(3)
أي حال بينيه وبينه.
(4)
سنده صحيح. رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي (3/ 84) حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس، وعكرمة تلميذ ابن عباس تابعي ثقة مر معنا وثور بن يزيد الحمصي ثقة ثبت. انظر التقريب (1/ 121).