الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآن) (1)(ويحهن ما انقلبن بعد)(2) ولا انصرفن إلى بيوتهن حتى الآن .. إنها بعض عادات الجاهلية التي لا زال التمسك بها مباحًا حتى الآن .. لكنها عادة لا تعبّر عن الحزن العميق فقط .. إنها تتجاوز الحزن إلى شيء خطير جدًا .. شيء جاء الإِسلام ليمحوه من أعماق كل مؤمن ومؤمنة.، وهذا الشيء هو الجزع من أقدار الله والاحتجاج على قضائه .. وهذا قد يؤدي إلى هدم أحد أركان الإيمان الستّة التي جاء بها الإِسلام .. وهو الركن السادس.
فأركان الإيمان هي:
1) الإيمان بالله.
2) وملائكته.
3) وكتبه.
4) ورسله صلّى الله عليهم جميعًا.
5) والإيمان باليوم الآخر والبعث والنشور.
6) الإيمان بقضاء الله وقدره.
ولهذا نزل الأمر من الله بـ:
تحريم النياحة على الميت
يقول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد فسمع نساء بني الأشهل يبكين على هلكاهن، فقال: لكن حمزة لا بواكي له، فجئن نساء الأنصار فبكين على حمزة عنده .. ورقد صلى الله عليه وسلم فاستيقظ وهنّ يبكين، فقال: ويلهن إنهن لها هنا حتى الآن ..
(1) هو الحديث السابق.
(2)
هو الحديث السابق.
مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم) (1)، ولم يقف الأمر عند التحريم فقط .. فبعد فترة من الزمن نزل الوحي يشدّد تحريم النياحة على الميت .. يجعلها من كبائر الذنوب .. وهو بذلك يتغلغل داخل أعماق المؤمنين والمؤمنات .. يتتبّع آثار الجاهلية، يمحوها ويغرس مزيدًا من الإيمان مكانها ..
يقول صلى الله عليه وسلم: (النياحة على الميت من أمر الجاهلية، وإن النائحة إذا لم تتب قبل أن تموت، فإنها تبعث يوم القيامة عليها سرابيل من قطران، ثم يغلى عليها بدروع من لهب النار)(2)، وسرابيل القطران تعني ثيابًا من نحاس مذاب أعاذنا الله من ذلك .. النياحة من أمر الجاهلية .. وهي ليست -أبدًا- مقياسًا لمدى الشعور بالحزن وفقدان الحبيب .. إنها نوع من التطرّف والغلوّ في إظهار المشاعر ..
ولذلك نزل الوحي مرّة أخرى مذكرًا .. وواصفًا تلك الممارسات بشيء خطير جدًا .. فقد قال صلى الله عليه وسلم:
(اثنتان من الناس هما بهم كفر: الطعن في الأنساب والنياحة على الميت)(3) توقف النواح .. ولم تتوقف الدموع وكذلك الحياة لم تتوقف .. ففي المدينة كانت الرسالة هي الحياة .. على الأحياء أن يؤدّوها كما أدّاها أولئك الشهداء ..
وتمرّ الأيام ويتبقى لأُحدٍ وشهدائها ذكريات وعطر يفوح في أجواء
(1) سنده حسن ورواه ابن ماجه (الصحيح 1/ 265) والحاكم (3/ 195) ابن وهب وعبيد الله بن موسى أخبرنا أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر وأسامة بن زيد حسن الحديث إذا لم يخالف (التقريب- 1/ 53) وصحح الحديث الإمام الألباني في صحيح ابن ماجه (1/ 265) وبقية السند كالذهب.
(2)
حديث صحيح - صحيح الجامع الصغير (2/ 1151).
(3)
حديث صحيح رواه مسلم وأحمدُ (صحيح الجامع-1/ 90).