الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشببة) (1)(ثلاثة نفر .. : عوف ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء، ورجل آخر يقال له عبد الله بن رواحة .. فقال: من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار .. فقالوا: ما لنا بكم حاجة، ثم نادى مناديهم: يا محمَّد أَخْرِجْ إلينا أكفاءنا من قومنا)(2) و (قال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن نبارز من بني عمنا من بني عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(قم يا حمزة .. وقم يا علي .. وقم يا عبيدة)
(3)
ثلاثة من بني عبد المطلب كأن وجوههم السيوف .. ثلاثة أقبلوا كأنهم الموت .. فكان عتبة الضحية لحمزة هذا اليوم وهوت حكمته وشجاعته وشركه وعناده على أرض بدر .. وهوى أخوه شيبة جثة هامدة تحت قدمي علي رضي الله عنه .. لم يستغرقا وقتًا طويلًا أمام هذين الفارسين من بني عبد المطلب .. لكن ماذا حدث لعبيدة بن الحارث رضي الله عنه .. عليٌّ يقص علينا ما حدث فيقول:
(أقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلت إلى شيبة، واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحدٍ منهما صاحبه، ثم ملنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عبيدة)(4).
ابتهج صلى الله عليه وسلم بفرسانه وفرح بانتصارهم .. وتحمس المؤمنون جميعًا لعناق الموت .. فرائحة الشهادة تعطر أجواء بدر .. وتأجج حماسهم عندما ازدادت زخات المدد من السماء فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه .. وقال
(1) جزء من حديث أحمد الصحيح وقد مر معنا (سيرة ابن كثير 2/ 422).
(2)
جزء من حديث ابن إسحاق حسن بحديث أحمد السابق وحديث ابن إسحاق ضعيف إلا ما كان له شاهد.
(3)
جزء من حديث أحمد الصحيح وقد مر معنا (سيرة ابن كثير 2/ 422).
(4)
حديث صحيح. صحيح أبي داود (2665).
الله في ذلك: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ} (1) وكانوا خير مدد .. وكانوا خير الملائكة ..
هذا كبيرهم: جبريل عليه الصلاة والسلام يصفهم بنفسه .. فقد (سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم: كيف أهل بدر فيكم؟ قال صلى الله عليه وسلم: خيارنا. قال: وكذلك من شهد بدرًا من الملائكة هم خيار الملائكة)(2).
أما كبار الملائكة .. : ميكائيل وإسرافيل .. فقد كان في نزولهم تكريمًا لأبي بكر الصديق ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم فلقد (قيل لأبي بكر الصديق وعلي يوم بدر: مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيل ملك عظيم، يشهد القتال، أو يقف في الصف [ولا يقاتل] (3).
شاهد صلى الله عليه وسلم ذلك وأيقن بالنصر فقد استجاب الله له، فصاح بأصحابه:
(قوموا إلى جنة عرضها السموات الأرض)(4).
سمع أحد الصحابة -وهو الذي كان يحمل تمرًا في جيبه ربما عند خروجه من المدينة- سمع ذكر الجنة فطار قلبه وتوجه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم كالفرح .. وقف أمامه وقال: (يا رسول الله .. جنة عرضها السموات والأرض؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: بخٍ .. بخٍ ..
(1) سورة آل عمران: الآية 124.
(2)
حديث صحيح. رواه البخاري (3993) والبيهقيُّ (3/ 151) واللفظ له.
(3)
سنده صحيح. رواه ابن أبي شيبة واللفظ له عدا ما بين المعقوفين (7/ 353) والبيهقيُّ (3/ 55) وأحمدُ والبزار (الزوائد 2/ 314) من طرق عن مسعر بن كدام الهلالي وهو ثقة ثبت فاضل (التقريب 2/ 187) عن شيخه أبي عون الثقفي وهو ثقة من رجال الشيخين (التقريب (2/ 187) عن شيخه التابعي الثقة أبي صالح عبد الرحمن بن قيس الحنفي (التقريب 1/ 495).
(4)
حديث صحيح. رواه مسلم وأحمد (سيرة ابن كثير 2/ 421).