الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَال الْمُخْرِجُ: مَنْ سَبَقَ، فَلَهُ عَشَرَةٌ، وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ كَذَلِكَ. لَمْ يَصِحَّ إذَا كَانَا اثْنَينِ. وَإِنْ قَال: وَمَن صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ. صَحَّ.
ــ
المُحَلِّلُ، أحْرَزَ السَّبَقَين بالاتِّفاقِ، وإن سَبَق أحَدُ المُسْتَبِقَين وَحْدَه، أحْرَزَ سَبَقَ نَفْسِه، وأخَذَ سَبَقَ صاحِبِه، ولم يَأْخُذْ مِن المُحَلِّلِ شيئًا، وإن سَبَقَ أحَدُ المُسْتَبِقَين والمُحَلِّلُ، أحْرَزَ السّابِقُ مال نَفْسِه، ويكونُ سَبَقُ المَسْبُوقِ بينَ السّابِقِ والمُحَلِّلِ نِصْفين. وسَواءٌ كان المُسْتَبِقُون اثْنَين أو أكْثَرَ، حتى لو كانُوا مائَةً وبينَهم مُحَلِّلٌ لا سَبَقَ منه، جاز. وكذلك (1) لو كان المُحَلِّلُ جَماعَةً، جاز؛ لأنَّه لا فَرْقَ بينَ الاثْنَين والجَماعَةِ. وهذا كلُّه (2) مَذْهبُ الشافعيِّ.
2237 - مسألة: (وإن قال المُخْرِجُ: مَن سَبَق فله عَشَرَةِ، ومَن صَلَّى فله ذلك. لم يَجُزْ إذا كانا اثْنَين. وإن قال: مَن صَلَّى فله خَمْسَةٌ. جاز)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه إذا كان المُخْرِجُ غيرَ المُتَسابِقَين، فقال لهما أو لجَماعَةٍ: أيُّكم سَبَق فله عَشَرَةٌ. جاز؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهم يَطْلُبُ أن يكونَ سابِقًا، فأيُّهم سَبَق اسْتَحَقَّ العَشَرَةَ، فإن جاءُوا جَمِيعًا، فلا شيءَ لواحِدٍ منهم؛ لأنَّه لا سابِقَ فيهم. وإن قال لاثْنَين: أيُّكما سَبَق فله عَشَرَةٌ، وأيُّكما صَلَّى فله ذلك. لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا فائِدَةَ في طَلَبِ السَّبْقِ، فلا يَحْرِصُ عليه. وإن قال: ومَن صَلَّى فلَه خَمْسَة. صَحَّ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ
(1) في م: «ولذلك» .
(2)
سقط من: تش، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منهما يَطْلبُ السَّبْقَ لفائِدَتِه فيه بزِيادَةِ الجُعْلِ. وإن كانُوا أكْثَر مِن اثْنَين، فقال: مَن سَبَق فله عَشَرَةٌ، ومَن صَلَّى فله ذلك. صَحَّ؛ لأنَّ كل واحدٍ منهم يَطْلُبُ أن يكونَ سابِقًا أو مُصَلِّيًا. والمُصَلِّي هو الثانِي؛ لأنَّ رَأْسَه عندَ صَلَى الآخَرِ، والصَّلَوان؛ هما العَظْمان النّاتِئان مِن جانِبَي الذَّنَبِ. وفي الأثَرِ في عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّه قال: سَبَق أبو بكرٍ، وصَلَّى عُمَرُ، وخَبَطَتْنا فِتْنَةٌ (1). قال الشّاعِرُ (2):
إنْ تُبْتَدَرْ غَايَةٌ يَوْمًا لِمَكْرُمَةٍ
…
تَلْقَ السَّوابِقَ مِنَّا (3) وَالْمُصَلِّينَا
فإن قال: للمُجَلِّي، وهو الأوَّلُ مائةٌ، وللمُصَلِّي، وهو الثانِي، تِسْعُون، ولِلتّالِي، وهو الثالثُ، ثَمانون، وللنّازِعِ، وهو الرابعُ، سَبْعُون، وللمُرْتاحِ، وهو الخامِسُ، سِتُّون، وللحَظِيِّ، وهو السّادِسُ، خَمْسُون، وللعاطِفِ، وهو السابعُ، أرْبَعُون، وللمُؤمِّلِ، وهو الثامِنُ، ثَلاثُون، وللَّطِيمِ، وهو التاسِعُ، عِشْرُون، وللسِّكِّيتِ، وهو العاشِرُ، عَشَرَةٌ، وللفُسْكُلِ، وهو الآخِرُ، خمسةٌ. صَحَّ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ يَطْلُبُ السَّبْقَ، فإذا فاتَه طَلَب ما يَلِي السّابِقَ. والفُسْكُلُ اسمٌ للآخِرِ، ثم اسْتُعْمِلَ هذا في غيرِ المُسابَقَةِ بالخَيلِ تَجَوُّزًا، كما رُوِيَ أن أسْماءَ بنتَ عُمَيس كانت تَزَوَّجَتْ جَعْفَرَ بنَ أبي طالِبٍ، فوَلَدَتْ له عبدَ اللهِ ومحمدًا وعَوْنًا، ثم تَزَوَّجَها أبو بكر الصِّدِّيقُ، فوَلَدَت له محمدَ
(1) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 124، 132، 147. وإسناده حسن.
(2)
البيت لبشامة بن الغدير. الحماسة 1/ 78.
(3)
في الأصل، تش، م:«فينا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنَ أبي بكرٍ، ثم تَزَوَّجَها عليُّ بنُ أبي طالبِ، فقالت له: إنَّ ثلاثةً أنت آخِرُهم لأخْيارٌ. فقال لولَدِها: فَسْكَلَتْنِي أُمُّكم (1). وإن جَعَل للمُصَلِّي أكْثَرَ مِن السّابِقِ، أو جَعَل للتّالِي أكثرَ مِن المُصَلِّي، أو لم يَجْعَلْ للمُصَلِّي شيئًا، لم يَجُزْ؛ لأنَّ ذلك يُفْضِي إلى أن لا يَقْصِدَ السَّبْقَ بل يَقْصِدَ التَّأخُّرَ، فيَفُوتَ المَقْصُودُ.
فصل: وإذا قال لعَشَرَةٍ: مَن سَبَق منكم فله عَشَرَة. صَحَّ. فإن جاءُوا معًا فلا شيءَ لهم؛ لأنَّه لم يُوجَدِ الشَّرْطُ الذي يُسْتَحَقُّ به الجُعْلُ في واحِدٍ منهم. وإن سَبَقَهم واحِدٌ، فله العَشَرَةُ؛ لوُجُودِ الشَّرْطِ فيه. وإن سَبَق اثْنان، فلهما العَشَرَةُ. وإن سَبَق تِسْعَةٌ وتَأخَّرَ واحِدٌ، فالعَشَرَةُ للتِّسْعَةِ؛ لأنَّ الشَّرْطَ وُجِد فيهم، فكان الجُعْلُ بينَهم، كما لو قال: مَن رَدَّ عَبْدِي الآبِقَ فله كذا. فرَدَّه تِسْعَة. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ لكلِّ واحِدٍ مِن السّابِقِين عَشَرَةٌ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهم سابِقٌ، فيَسْتَحِقُّ الجُعْلَ بكَمالِه، كما لو قال: مَنْ رَدَّ عَبْدًا لي فله عَشَرةٌ. فرَدَّ كلُّ واحِدٍ عَبْدًا. وفارَقَ ما لو قال: مَن رَدَّ عَبْدِي. فردَّه تِسْعَةٌ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهم لم يَرُدَّه، إنَّما رَدُّه حَصَل مِن الكلِّ. ويَصِيرُ هذا كما لو قال: مَن قَتَل قَتِيلًا فله سَلَبُه. فإن قَتَل كلُّ واحِدٍ واحِدًا، فلكلِّ واحِدٍ سَلَبُ قَتِيِله كامِلًا. وإن قَتَل الجَماعَةُ واحِدًا، فلجَمِيعِهم سَلَبُ واحدٍ. وههُنا كلُّ واحِدٍ له سَبْقٌ مُفْرَدٌ، فكان له الجُعْلُ كامِلًا. فعلى هذا، لو قال: مَن سَبَق فله عَشَرَةٌ، ومَن صَلَّى فله خَمْسَةٌ.
(1) انظر الخبر في: نوادر المخطوطات لعبد السلام هارون 1/ 77.