الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ مَاتَ الْحَيَوَانُ، لِزَمَهُ رَدُّهُ، إلا أَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا.
ــ
2303 - مسألة: (فإن مات الحَيوانُ، لَزِمَه رَدُّه، إلَّا أن يكونَ آدَمِيُّا)
مَعْصُومًا؛ لأنَّ غيرَ الآدَمِيِّ لا حُرْمَةَ له بعدَ المَوْتِ، وحُرْمَةُ الآدَمِيِّ باقِيةٌ؛ ولهذا قال، عليه الصلاة والسلام:«كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ» (1). فعلى هذا يَرُدُّ قِيمَتَه.
(1) تقدم تخريجه في 6/ 270.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا غَصَب أَرْضًا، فحُكْمُها في جَوازِ دُخُولِ غيرِه إليها حُكْمُها قبلَ الغَصْبِ. فإن كانت مُحَوَّطَةً، كالدَّارِ والبُسْتانِ المُحَوَّطِ عليه، لم يَجُزْ دُخُولُها لغيرِ مالِكِها إلَّا بإذْنِه؛ لأنَّ مِلْكَ مالِكِها لم يَزُلْ عنها، فلم يَجُزْ دُخُولُها بغيرِ إذْنِه، كما لو كانتْ في يَدِه. قال الإِمامُ أحمدُ، رضي الله عنه، في الضَّيعَةِ تَصِيرُ غَيضَةً (1) فيها سَمَكٌ: لا يَصِيدُ فيها أحَدٌ إلَّا بإذْنِهِم. وإن كانت صَحْراءَ، جازَ الدُّخُولُ فيها ورَعْيُ حَشِيشِها. قال الإمامُ أحمدُ: لا بَأْسَ برَعْي الكَلَأ في الأرْضِ المَغْصُوبةِ. وذلك لأنَّ الكَلَأَ لا يُمْلَكُ بملْكِ الأرْضِ. ويتَخَرَّجُ في كلِّ واحِدَةٍ مِن الصُّورَتَين مثلُ حُكْمِ الأُخْرى، قِياسًا لها عليها. ونَقَل عنه المَرُّوذِيُّ، في دارٍ طَوَابِيقُها غَصْبٌ: لا يَدْخُلُ على والدَيه؛ لأنَّ دُخُولَه عليهما تَصَرُّفٌ في الطَّوابِيقِ المَغْصُوبةِ.
(1) الغيضة: ماء يجتمع فينبت فيه الشجر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ونَقَل عنه الفَضْلُ بنُ عبدِ الصَّمَدِ (1)، في رجلٍ له إِخْوةٌ في أرْضِ غَصْبٍ: يَزُورُهُم ويُرَاودُهُمِ على الخُرُوجِ فإن أجَابُوه وإلَّا لم يُقِمْ معهم، ولا يَدَعُ زيارَتهُم. يعني يَزُورُهُم؛ يَأْتِي بابَ دَارِهم، ويَتَعَرَّفُ أخْبارَهم، ويُسَلِّمُ عليهم، ويُكُلِّمُهُم، ولا يَدْخُلُ إليهم. ونَقَل المَرُّوذِيُّ عنه: أَكْرَهُ المَشْيَ على العَبَّارَةِ التي يَجْرِي فيها الماءُ؛ وذلك لأنَّ العَبّارَةَ وُضِعَتْ لعُبُورِ الماءِ لا للْمَشْيِ عليها، [ورُبَّما أضَرَّ بها المَشْيُ عليها] (2). قال أحمدُ: لا يَدْفِنُ في الأَرْضِ المَغْصوبةِ؛ لِما في ذلك مِن التَّصَرُّفِ في أَرْضِهِم بغيرِ إذْنِهِم. وقال أحمدُ في مَن ابْتاعَ طَعامًا مِن مَوْضِعِ غَصْبٍ ثم عَلِمَ: رَجَع إلى المَوْضِعِ الذي أخَذَه منه فرَدَّه. ورُوِيَ عنه أنَّه قال: يَطْرَحُه. يَعْنِي على مَن ابْتاعَه منه؛ وذلك لأنَّ قُعُودَه فيه حَرامٌ مَنْهِيٌّ
(1) أبو يحيى الفضل بن عبد الصمد الأصفهاني، رجل جليل، عنده جزء من مسائل الإمام أحمد، لزم طرسوس، ومات في الأسر بعد سنة إحدى وسبعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 254.
(2)
سقط من: تش، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنه، فكان البَيعُ فيه مُحَرَّمًا، ولأنَّ الشِّراءَ مِمَّن يَقْعُدُ في المَوْضِعِ المُحَرَّمِ يَحْمِلُهم على القُعُودِ والبَيعِ فيه، وتَرْكُ الشِّرَاءِ منهم يَمْنَعُهُم القُعُودَ. وقال: لا يَبْتاعُ مِن الخَاناتِ التي في الطُّرُقِ، إلَّا أن لا يَجِدَ غيرَه، كأَنَّه بمَنْزِلَةِ المُضْطَرِّ. وقال في السُّلْطانِ إذا بَنَى دارًا، وجَمَع النّاسَ إليها: أَكْرَهُ الشِّراءَ منها. قال شيخُنا (1): وهذا على سَبِيلِ الوَرَعِ، إن شاءَ اللهُ تعالى؛ لِما فيه مِن الإِعَانَةِ على فِعْلِ المُحَرَّمِ، والظاهِرُ صِحَّةُ البَيعِ؛ لأنَّه إذا صَحَّتِ الصَّلاةُ في الدّارِ المَغْصُوبةِ في رِوَايَةٍ، وهي عِبادَةٌ، فما ليس بعِبادَةٍ أَوْلَى. وقال في مَن غَصَب ضَيعَةً، وغُصِبَتْ مِن الغاصِبِ، وأرادَ الثاني رَدَّها: جَمَع بينَهما. يَعْنِي بينَ مالِكِها والغاصِبِ الأوّلِ. وإن
(1) في: المغني 7/ 381.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ماتَ بعضُهم، جَمَع وَرَثَتَه. إنَّما قال هذا احْتِياطًا، خَوْفَ التَّبِعَةِ مِن الغاصِبِ الأوّلِ؛ لأنَّه رُبّما طالبَ بها فادَّعاها مِلكًا باليَدِ، وإلَّا فالواجِبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَدُّها على مالِكِها. وقد صَرَّحَ بهذا في رِوايَةِ عبدِ اللهِ، في رجلٍ اسْتَوْدَعَ رجلًا ألْفًا، فجاءَ رجل إلى المُسْتَوْدَعِ، فقال: إنَّ فُلانًا غَصَبَنِي الألْفَ