الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ كَانَ عِوَضًا في الْخُلْعِ أو النِّكَاحِ أَو عَنْ دَمٍ عَمْدٍ، فَقَال الْقَاضِي: يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ. وَقَال غيرُهُ: يَأْخُذُهُ بالدِّيَةِ وَمَهْرِ الْمِثْلَ.
ــ
بالبَيعِ لا شيءَ في يَدِه، ولا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِ (1) الشِّقْصِ، فافْتَرَقَا.
2425 - مسألة: (وإن كان عِوَضًا في الخلْعِ)
والصَّدَاقِ والصُّلْحِ (عن دَمِ العَمْدِ) وقلْنا بوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فيه (فقال القاضي: يَأْخذه بقِيمَتِه) قال: وهو قِياسُ قولِ ابنِ حامِدٍ. وهو قولُ مالكٍ، وابن شُبْرُمَةَ، وابنِ أبي لَيلَى؛ لأنَّه مَلَك الشِّقْصَ القابِلَ للشُّفْعَةِ ببَدَلٍ ليس له مِثْل، فوَجَبَ الرُّجُوعُ إلى قِيمَتِه في الأخْذِ بالشُّفْعَةِ، كما لو باعَه بسِلْعَةٍ لا مِثْلَ لها، ولأنَّنا لو أوْجَبْنا مَهْرَ المِثْلِ، لأفْضَى إلى تَقْويمِ البُضْعِ على الأجانِبِ، وأضَرَّ بالشَّفِيعِ؛ لأنَّ المَهْرَ يَتَفاوَتُ مع المُسَمَّى، لتَسامُحِ الناسِ فيه في العادَةِ، بخِلافِ البَيعِ (وقال غيرُ القاضِي: يَأْخُذُه بالدِّيَةِ ومَهْرِ المِثْلِ) وحَكَاه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر عن ابنِ حامدٍ. وهو قولُ
(1) في م: «تقسيم» .
فَصْلٌ: وَلَا شُفْعَةَ في بَيعِ الْخِيَارِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ. نَصَّ عَلَيهِ. وَيَحْتَمِلُ أن تَجِبَ.
ــ
العُكْلِيِّ، والشافعيِّ؛ لأنَّه مَلَكَ الشِّقْصَ ببَدَلٍ ليس له مِثْلٌ، فيَجِبُ الرُّجُوعُ إلى قِيمَةِ البَدَلِ، إذا لم يَكُنْ نَقْدًا ولا مِثْلِيًّا، وعِوَضُ الشِّقْصِ هو البُضْعُ، وقِيمَةُ البُضْعِ مَهْرُ المِثْلِ.
فصل: قال الشيخُ، رَحِمَه اللهُ تَعالى:(ولا شُفْعَةَ في بَيعِ الخِيَارِ قبلَ انقْضِائِه. نَصَّ عليه. ويَحْتَمِلُ أن تَجِبَ) لا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في بَيْعِ الخِيارِ قبلَ انْقِضائِه، سَواءٌ كان الخِيَارُ لهما أو لأحَدِهما وحدَه، أَيُّهما كان. وقال أبو الخَطَّابِ: يَتَخَرَّجُ أن تَثْبُتَ الشُّفْعَةُ؛ لأنَّ المِلْكَ انْتَقَلَ، فَثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ في مُدَّةِ الخِيارِ، كما بعدَ انْقِضائِه. وقال أبو حنيفةَ: إن كان الخِيارُ للبائِعِ أو لهما، لم تَثْبُتِ الشُّفْعَةُ حتَّى يَنْقَضِيَ؛ لأنَّ في الأخْذِ بها إسْقاطَ حَقِّ البائِعِ مِن الفَسْخِ، وإلْزامَ البَيعِ في حَقِّه بغيرِ رِضَاه، ولأنَّ الشَّفِيعَ إنَّما يَأْخُذُ مِن المُشْتَرِي ولم يَنْتَقِلِ المِلْكُ إليه، وإن كان الخِيارُ للمُشْتَرِي، فقد انْثَقَلَ المِلْكُ إليه، ولا حَقَّ لغيرِه فيه، والشَّفِيعُ يَمْلِكُ أخْذَه بعدَ لُزُومِ البَيعِ واسْتِقْرارِ المِلْكِ، فلأنْ يَمْلِكَ ذلك قبلَ لُزُومِه أوْلَى، وغايةُ ما يُقَدَّرُ ثُبُوتُ الخِيَارِ له، وذلك لا يَمْنَعُ الأخْذَ بالشُّفْعَةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كما لو وَجَد به عَيْبًا. وللشافعيِّ قَوْلان كالمَذْهَبَين. ولَنا، أنَّه مَبِيعٌ فيه الخِيارُ، فلم تَثْبُتْ فيه (1) الشُّفْعَةُ، كما لو كان للبائِعِ؛ وذلك لأنَّ الأخْذَ بالشُّفْعَةِ يُلْزمِ المُشْتَرِيَ بالعَقْدِ بغيرِ رِضَاه، ويُوجِبُ العُهْدَةَ عليه، ويُفَوِّتُ حَقَّه مِن الرُّجُوعِ في عَينِ الثَّمَنِ، فلم يَجُزْ، كما لو كان الخِيارُ للبائِعِ، فإنَّنا إنَّما مَنَعْنا مِن الشُّفْعَةِ لما فيه مِن إبْطالِ خِيارِ البائِعِ، وتَفْويتِ حَقِّ الرُّجُوعِ في عينِ مالِه، وهما في نَظَرِ الشَّرْعِ على السَّواءِ. وفارَقَ الرَّدَّ بالعَيبِ؛ فإنَّه إنَّما ثَبَت لاستِدْراكِ الظُّلامَةِ، وذلك يَزُولُ بأخْذِ الشَّفِيعِ، فإن باعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَه في مُدَّة الخِيارِ عالِمًا ببَيعِ الأوَّلِ، سَقَطَتْ شُفْعَتُه، وقد ذَكَرْنا ذلك فيما مَضَى.
فصل: وبَيعُ المَرِيضِ كبَيعِ الصَّحِيحِ في الصِّحَّةِ، وثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، وسائِرِ الأحْكامِ، إذا باعَ بثَمَنِ المِثْلِ سَواءٌ كان لوارِثٍ أو غيرِ وارِثٍ. وبهذا قال الشافعيُّ، وأبو يُوسُف، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ بَيعُ المَرِيضِ مَرَضَ المَوْتِ لوارِثِه؛ لأنَّه مَحْجُورٌ عليه في حَقِّه، فلم يَصِحَّ بَيعُه، كالصَّبِيِّ. ولَنا، أنَّه إنَّما حُجِرَ عليه في التَّبَرُّعِ في حَقِّه، فلم يَمْنَعِ الصِّحَّةَ فيما سِوَاه، كالأجْنَبِيِّ إذا لم يَزِدْ على التَّبَرُّعِ بالثُّلُثِ؛ وذلك لأنَّ الحَجْرَ في شيءٍ لا يَمْنَعُ صِحَّةَ غيرِه، كما أنَّ الحَجْرَ على المُرْتَهِنِ في الرَّهْنِ لا يَمْنَعُ التَّصرُّفَ في غيرِه، والحَجْرُ على المُفْلِسِ في مالِه لا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ في ذِمَّتِه. فأمّا بَيعُه بالمُحاباةِ فلا
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَخْلُو؛ إمّا أن يكونَ لوارِثٍ أو لغيرِه، فإن كان لوارِثٍ، بَطَلَتِ المُحاباةُ؛ لأنَّها في المَرَضِ بمَنْزِلَةِ مُحاباةِ الوَصِيَّةِ، [والوَصِيَّةُ](1) لوَارِثٍ لا تَجُوزُ، ويَبْطُلُ البَيعُ في قَدْرِ المُحاباةِ مِن المَبِيعِ. وهل يَصِحُّ فيما عَداهُ؟ فيه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحَدُها، لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المُشْتَرِيَ [بَذَل الثَّمَنَ](2) في كل المَبِيعِ، فلم يَصِحَّ في بعضِه، كما لو قال: بِعْتُكَ هذا الثَّوْبَ بعَشَرَةٍ. فقال: قَبِلْتُ البَيعَ في نِصْفِه. أو قال: قَبِلْتُه بخَمْسَةٍ. أو: قَبِلْتُ نِصْفَه بخَمْسَةٍ. ولأنَّه لا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ البَيعِ على الوَجْهِ الَّذي تَواجَبَا عليه، فلم يَصِحَّ، كتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. الثاني، أنَّه يَبْطُل البَيعُ في قَدْرِ المُحاباةِ، ويَصِحُّ فيما يُقابِلُ الثَّمَنِ المُسَمَّى، وللمُشْتَرِي الخِيارُ بينَ الأخْذِ والفَسْخِ؛ لأنَّ الصَّفْقَةَ تَفرَّقَتْ عليه، وللشَّفِيعِ أخْذُ ما صَحَّ فيه البَيعُ. وإنَّما قُلْنا بالصِّحَّةِ؛ لأنَّ البُطْلانَ إنَّما جاءَ مِن المُحاباةِ، فاخْتَصَّ بما قابَلَها. الثالثُ، أنَّه يَصِح في الجَمِيعِ، ويَقِفُ على إجازَةِ الوَرَثَةِ؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ للوارِثِ صَحِيحَةٌ في أصَحِّ الرِّوايَتَين، وتَقِف على إجازَةِ الوَرَثَةِ، فكذلك المُحاباةُ له، فإن أجازُوا المُحاباةَ، صَحَّ البَيع في الجَمِيعِ، ولا خِيارَ للمُشْتَرِي، ويَمْلِكُ الشَّفِيعُ الأخْذَ به؛ لأنَّه يَأْخُذُ بالثَّمَنِ، وإن رَدُّوا، بَطَل البَيعُ في قَدْرِ المُحاباةِ، وصَحَّ فيما بَقِيَ. ولا يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الأخْذَ قبلَ إجازَةِ الوَرَثَةِ وردِّهم؛ لأنَّ حَقَّهُم مُتَعَلِّقٌ بالمَبِيعِ (3)، فلم
(1) في م: «في الوصية» .
(2)
في م: «أبرأ الضامن» .
(3)
في م: «بالبيع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَمْلِكْ إبْطاله، وله أخْذُ ما صَحَّ البَيعُ فيه، فإنِ اخْتارَ المُشْتَرِي الرَّدَّ في هذه الصُّورَةِ، وفي التي قبلَها، واخْتارَ الشَّفِيعُ الأخْذَ بالشُّفْعَةِ، قُدِّمَ الشَّفِيعُ؛ لأنَّه لا ضَرَرَ على المُشْتَرِي، وجَرَى مَجْرَى المَعِيبِ إذا رَضِيَه الشَّفِيعُ بعَيبِه.
فصل: إذا كان المُشْتَرِي أجْنَبِيًّا، والشَّفِيعُ أجْنَبِيًّا، فإن لم تَزِدِ المُحاباةُ على الثُّلُثِ، صَحَّ البَيعُ، وللشَّفِيعِ الأخْذُ بذلك الثَّمَنِ؛ لأنَّ البَيعَ حَصَل به، فلا يَمْنَعُ منها كَوْنُ المَبِيعِ مُسْتَرْخَصًا، فإن زادَتْ على الثُّلُثِ، فالحُكْمُ فيه حُكْمُ أصْلِ المُحاباةِ في حَقِّ الوارِثِ. وإن كان الشَّفِيعُ وارِثًا، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، له الأخْذُ بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ المُحاباةَ وَقَعَتْ لغيرِه، فلم يَمْنَعْ منها تَمَكُّنُ الوارِثِ مِن أخْذِها، كما لو وَهَب غَرِيمَ وارِثِه مالًا فأخَذَه الوارِثُ. والثاني، يَصِحُّ البَيعُ، ولا تَجِبُ الشُّفْعَةُ. وهو قولُ أصحابِ أبي حنيفةَ؛ لأنَّنا لو أثْبَتْناهَا جَعَلْنا للمَوْرُوثِ سَبِيلًا إلى إثْباتِ حَقٍّ لوارِثِه في المُحاباةِ، ويُفارِقُ الهِبَةَ لغَرِيمِ الوارِثِ؛ لأنَّ اسْتِحْقاقَ الوارِثِ الأخْذَ بدَينِه لا مِن جِهَةِ الهِبَةِ، وهذا اسْتِحْقاقُه بالبَيعِ الحاصِلِ مِن مَوْرُوثِه، فافْتَرَقا. ولأصحابِ الشافعي في هذا خَمْسَةُ أوْجُهٍ؛ وَجْهان كَهَذَين. والثالثُ، أنَّ البَيعَ باطِل مِن أصْلِه؛ لإفْضائِه إلى إيصالِ المُحاباةِ إلى الوارِثِ. وهذا فاسِدٌ؛ لأنَّ الشُّفْعَةَ فَرْعٌ للبَيعِ، ولا يُبْطِلُ الأصْلَ فَرْعُه. وعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، ما حَصَلَتْ للوارِثِ المُحاباةُ إنَّما حَصَلَتْ لغيرِه، ووَصَلَتْ إليه بجِهَة الأخْذِ مِن المُشْتَرِي، فأشْبَهَ هِبَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غَرِيمِ الوارِثِ. الوجهُ الرابعُ، أنَّ للشَّفِيعِ أن يَأْخُذَ بقَدْرِ ما عَدَا المُحاباةَ بجَمِيعِ الثَّمَنِ، بمَنْزِلَةِ هِبَةِ المُقابِلِ للمحُاباةِ؛ لأنَّ المُحاباةَ بالنِّصْفِ مَثَلًا هِبَة للنِّصْفِ. وهذا لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لو كان بمَنْزِلَةِ هِبَةِ النِّصْفِ، ما كان للشَّفِيعِ الأجْنَبِيِّ أخْذُ الكلِّ؛ لأنَّ المَوْهُوبَ لا شُفْعَةَ فيه. الخامسُ، أنَّ البَيعَ يَبْطُلُ في قَدْرِ المُحاباةِ. وهو فاسِدٌ؛ لأنَّها مُحاباة لأجْنَبِيٍّ بما دُونَ الثُّلُثِ، فلا تَبْطُلُ، كما لو لم يَكُنِ الشِّقْصُ مَشْفُوعًا.
فصل: ويَمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بأخْذِه وبكلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ على أخْذِه، بأن يقولَ: قد أخَذْتُه بالثَّمَنِ. أو: تَمَلَّكْتُه بالثَّمَنِ. ونَحْو ذك، إذا كان الثَّمَنُ والشِّقْصُ مَعْلُومَين. ولا يَفْتَقِرُ إلى حُكْمِ حاكِمٍ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ: يَمْلِكُه بالمُطالبَةِ؛ لأنَّ البَيعَ السابِقَ سَبَبٌ، فإذا انْضَمَّتْ إليه المُطالبَةُ، كان كالإِيجابِ في البَيعِ إذا انْضَمَّ إليه القَبُولُ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْصُلُ إلَّا بحُكْمِ حاكِمٍ؛ لأنَّه نَقْل للمِلْكِ عن مالكِهِ إلى غيرِه قَهْرًا، فافْتَقَرَ إلى حُكْمِ حاكِمٍ، كأخْذِ دَينِه. ولَنا، أنَّه حَقٌّ ثَبَت بالنَّصِّ والإِجْماعِ، فلم يَفْتَقِرْ إلى حُكْمِ حاكِمٍ كالرَّدِّ بالعَيبِ. وبهذا يَنْتَقِضُ ما ذَكَرُوه، وبأْخْذِ الزَّوْجِ نِصْفَ الصَّداقِ بالطَّلاقِ قبلَ الدُّخولِ، ولأنَّه مالٌ يَتَمَلَّكُه قَهْرًا، فَمَلَكَه بالأخْذِ، كالغَنائِمِ والمُباحاتِ، ومَلَكَه باللَّفْظِ الدّالِّ على الأخْذِ؛ لأنَّه بَيْعٌ في الحَقِيقَةِ، لكنَّ الشّفِيعَ يَسْتَقِلُّ به، فاسْتَقَلَّ باللَّفْظِ الدّالِّ عليه.