الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ غَصَبَ خَيطًا، فَخَاطَ بهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ، وَخِيفَ عَلَيهِ مِنْ قَلْعِهِ، فَعَلَيهِ قِيمَتُهُ، إلا أنْ يَكُونَ الحَيَوَانُ مَأْكُولًا لِلْغَاصِبِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيُذْبَحُ الْحَيَوَانُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
وإن كان فيها مالٌ للغاصِبِ، أو لا مال فيها، فكذلك، في (1) أحَدِ الوَجْهَينِ. والثاني، يُقْلَعُ في الحالِ؛ لأنَّه أمْكَنَ رَدُّ المَغْصُوبِ، فلَزِمَه وإن أفْضَى إلى تَلَفِ مالِ الغاصِبِ، كرَدِّ السّاجَةِ المَبْنِيِّ عليها. ولأَصحابِ الشافِعِيِّ وَجْهان كهذَين. ولَنا، أنَّه أمْكَنَ رَدُّ المَغْصُوبِ مِن غيرِ إتْلافٍ، فلم يَجُزِ (2) الاتْلافُ، كما لو كان فيها مالُ غيرِه. وفارَقَ السّاجَةَ في البِناءِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ رَدُّها مِن غيرِ إتْلافٍ.
2302 - مسألة: (وإن غَصَب خَيطًا، فخاطَ به جُرْحَ حَيَوانٍ، وخِيفَ عليه مِن قَلْعِه، فعليه قِيمَتُه، إلَّا أن يكونَ الحَيَوانُ مَأْكُولًا للغاصِبِ، فهل يَلْزَمُه رَدُّه ويُذْبَحُ الحَيَوانُ؟ على وَجْهَين)
هذه المسألةُ
(1) سقط من: م.
(2)
بعده في تش، م:«مع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا تَخْلُو مِن ثَلاثَةِ أقْسامٍ؛ أحدُها، أن يَخِيطَ به جُرْحَ حَيَوانٍ لا حُرمَةَ له؛ كالمُرْتَدِّ والخِنْزِيرِ والكَلْبِ العَقُورِ، فيَجِبُ رَدُّه؛ لأنَّه لا (1) يَتَضَمَّنُ تَفْويتَ ذِي حُرْمَةٍ، أشْبَهَ ما لو خاطَ به ثَوْبًا. الثاني، أن يَخِيطَ به جُرْحَ حَيَوانٍ مُحْتَرَمٍ لا يَحِلُّ أكْلُه، كالآدَمِيِّ، فإن خِيفَ مِن نَزْعِه الهَلاكُ أو إبْطَاءُ بُرْئِه، فلا يَجِبُ؛ لأنَّ الحَيَوانَ آكَدُ حُرْمَةً مِن عَينِ (2) المالِ، ولهذا جازَ له أخْذُ مالِ غيرِه لحِفْظِ حَياتِه، وإتْلافُ المالِ لتَبْقِيَتِه، وهو ما يَأْكُلُه. وكذلك الدَّوَابُّ التي لا يُؤْكَلُ لَحْمُها، كالبَغْلِ والحِمارِ الأَهْلِيِّ. الثالثُ، أن يَخِيطَ به جُرْحَ حَيَوانٍ مَأْكُولٍ، فإن كان مِلْكًا لغيرِ الغاصِبِ، وخِيفَ تَلَفُه بقَلْعِه، لم يُقْلَعْ؛ لأنَّ، فيه إضْرارًا بصاحِبِه، ولا يُزَالُ الضُّرَرُ بالضَّرَرِ، ولا يَجِبُ إتْلافُ مالِ مَن لم يَجْنِ صِيانَةً لمالِ آخَرَ، وإن كان للغاصِبِ، فقال القاضِي: يَجِبُ رَدُّه؛ لأنَّه يُمْكِنُ ذَبْحُ الحَيَوانِ والانْتِفاعُ بلَحْمِه، وذلك جائزٌ، وإن حَصَل فيه نَقْصٌ على الغاصِبِ فليس ذلك بمانِعٍ
(1) سقط من: تش، م.
(2)
في تش، م:«غير» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن وُجُوبِ رَدِّ المَغْصُوبِ، كنَقْضِ البِنَاءِ. وقال أبو الخَطّاب: فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، هذا. والثاني، لا يَجِبُ قَلْعُه؛ لأنَّ للحَيوانِ حُرْمَةً في نَفْسِه، وقد نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذَبْحِ الحَيَوانِ لغيرِ مَأْكَلَةٍ (1). ولأصْحابِ الشافعيِّ وَجْهان كهذَين. قال شيخُنا (2): ويَحْتَمِلُ أن يُفَرَّقَ بينَ ما يُعَدُّ للأَكْلِ مِن الحيوانِ، كبَهِيمَةِ الأَنْعامِ والدَّجاجِ، وبينَ ما لا يُعَدُّ له، كالخَيلِ، وما يُقْصَدُ صَوْتُه مِن الطَّيرِ؛ فيَجِبُ ذَبْحُ الأوَّلِ إذا تَوَقَّفَ رَدُّ الخَيطِ عليه، ولا يَجِبُ ذَبْحُ الثاني؛ لأنَّه إتْلافٌ له، فجَرَى مَجْرَى ما لا يُؤْكَلُ لَحْمُه. ومتى أمْكَنَ رَدُّ الخَيطِ مِن غيرِ تَلَفِ الحَيَوانِ، أو بعضِ أعْضائِه، أو ضَرَرٍ كَثِيرٍ، وَجَب رَدُّه.
(1) تقدم تخريجه في 10/ 61.
(2)
في: المغني 7/ 408.