الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيتُهُ بِأَلْفٍ. وَأقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفَينِ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِأَلْفٍ. وَإنْ قَال الْمُشْتَرِي: غَلِطْتُ. فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
2423 - مسألة: (وَإِنْ قَال الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيتُهُ بِأَلْفٍ. وَأقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفَينِ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِأَلْفٍ. وَإنْ قَال الْمُشْتَرِي: غَلِطْتُ. فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؟ عَلَى وَجْهَين)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ للشَّفِيعِ أن يَأْخُذَه بما قال الْمُشْتَرِي؛ لأنَّ المُشْتَرِيَ مُقِرٌّ له باسْتِحْقاقِه بأَلْفٍ، ويَدَّعِي أنَّ البَائِعَ ظَلَمَه. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن حَكَم الحاكِمُ بأَلْفَين أخَذَه الشَّفِيعُ بهما؛ لأنَّ الحاكِمَ إذا حَكَم عليه (1) بالبَيِّنَةِ، بَطَل قَوْلُه، وثبَت ما حَكَم به الحاكِمُ (1). ولَنا، أنَّ المُشْتَرِيَ يُقِرُّ بأنَّ هذه البَيِّنَةَ كاذِبَةٌ، وأنَّه ظُلِمَ بألْفٍ، فلم يُحْكَمْ له به، وإنَّما حُكِم بها للبائِعِ؛ لأنَّه لا يُكَذِّبُها فإن قال المُشْتَرِي: صَدَقَتِ البَيِّنَةُ وكُنْتُ أنا كاذِبًا -أو- ناسِيًا. ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يُقْبَلُ رُجُوعُه؛ لأنَّه رُجُوعٌ عن إقْرارٍ تَعَلَّقَ به حَقُّ آدَمِيٍّ غيرِه، فأشْبَهَ ما لو أقَرَّ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
له بدَينٍ. والثاني، يُقْبَلُ قولُه. قال القاضِي: هو قِياسُ المَذْهَب عندِي، كما لو أخْبَرَ في المُرابَحَةِ بثَمَنٍ، ثم قال: غَلِطْتُ، والثَّمَنُ أكْثَرُ قُبلَ قولُه مع يَمِينِه، بل ههُنا أوْلَى؛ لأنَّه قد قامَتِ البَيِّنَةُ بكَذِبه، وحَكَم الحاكِمُ بخِلافِ قَوْلِه، فقُبِلَ رُجُوعُه عن الكَذِبِ. وإن لمَ تَكُنْ للبائِعِ بَيِّنَةٌ، فتَحالفا، فللشَّفِيعِ أخْذُه بما حَلَف عليه البائِعُ، فإن أرادَ أخْذَه بما حَلَف عليه المُشْتَرِي، لم يَكُنْ له ذلك؛ لأنَّ للبائِعِ فَسْخَ البَيعِ، وأخْذُه بما قال المُشْتَرِي يَمْنَعُ ذلك، ولأنَّه يُفْضِي إلى إلْزامِ العَقْدِ بما حَلَف عليه المُشْتَرِي، ولا يَمْلِكُ ذلك. فإن رَضِيَ المُشْتَرِي بأخْذِه بما قال البائِعُ، جازَ، ومَلَك الشَّفِيعُ أخْذَه بالثَّمَنِ الَّذي حَلَف عليه المُشْتَرِي؛ لأنَّ حَقَّ البائِعَ مِن الفَسْخَ قد زال. فإن عادَ المُشْتَرِي فصَدَّقَ البائِعَ، وقال: الثَّمَنُ ألْفانِ وكُنْتُ غالِطًا. فهل للشَّفِيعِ أخْذُه بالثَّمَنِ الَّذي حَلَف عليه؟ فيه وَجْهان، كما لو قامَتْ به بَيِّنَةٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو اشْتَرَى شِقْصًا له شَفِيعان، فادَّعَى على أحَدِ الشَّفِيعَين أنَّه عَفَا عن الشُّفْعَةِ، وشَهِد له بذلك الشَّفِيعُ الآخرُ قبلَ عَفْوه عن شُفْعَتِه، لم تُقْبَلْ شَهادَتُه؛ لأنَّه يَجُرُّ إلى نَفْسِه نَفْعًا، وهو تَوَفُّرُ الشُّفْعَةِ عليه. فإذا رُدَّتْ شَهادَتُه، ثم عَفَا عن الشُّفْعَةِ، ثم أعادَ تلك الشَّهادَةَ، لم تُقْبَلْ؛ لأنَّها رُدَّتْ للتُّهْمَةِ، فلم تُقبَلْ بعدَ زَوالِها، كَشَهادَةِ الفاسِقِ إذا رُدَّت ثم تابَ وأعادَها، لم تُقْبَلْ. ولو لم يَشْهَدْ حتَّى عَفَا، قُبِلَتْ شَهادَتُه؛ لعَدَمِ التُّهْمَةِ، ويَحْلِفُ الْمُشْتَرِي مع شَهادَتِه، ولو لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ، فالقولُ قولُ المُنْكِرِ مع يَمِينِه. وإن كانتِ الدَّعْوَى على الشَّفِيعَين معًا، فحَلَفا، ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ. وإن حَلَف أحَدُهُما ونَكَل الآخَرُ، نَظرنا في الحالِفِ؛ فإن صَدَّقَ شَرِيكَه في الشُّفْعَةِ في أنَّه لم يَعْفُ، لم يَحْتَجْ إلى يَمِين، وكانتِ الشُّفْعَةُ بينَهما؛ لأنَّ الحَقَّ له، فإنَّ الشُّفْعَةَ تَتَوَفَّرُ عليه إذا سَقَطَتْ شُفْعَةُ شَرِيكِه. وإنِ ادَّعَى أنَّه عَفَا، فنَكَلَ، قُضِيَ له بالشُّفْعَةِ كلِّها. وسَواءٌ وَرِثَا الشُّفْعَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو كانا شَرِيكَين. فإن شَهِد أجْنَبِيٌّ بعَفْو أحَدِ الشَّفِيعَين، واحْتِيجَ إلى يَمِينٍ معه قبلَ عَفْو الآخَرِ، حَلَف، وأخَذَ الكلَّ بالشُّفْعَةِ. وإن كان بعدَه، حَلَف المُشْتَرِي، وسَقَطَتِ الشُّفْعَةُ. وإن كانوا ثَلاثَةَ شُفَعاءَ، فشَهِدَ اثْنانِ منهم على الثالِثِ بالعَفْو بعدَ عَفْوهما، قُبِلَتْ، وإن شَهِدَا قبلَه رُدَّتْ. وإن شَهِدَا بعدَ عَفْو أحَدِهما وقبلَ عَفْو الآخَرِ، رُدَّتْ شَهادَةُ غيرِ العافِي، وقُبِلَتْ شَهادَةُ العافِي. وإن شَهِد البائِعُ بعَفْو الشَّفِيعِ عن شُفْعَتِه بعدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، قُبِلَتْ شَهادَتُه. وإن كان قبلَه، قُبِلَتْ في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّهما سَواءٌ عندَه. والثاني، لا تُقْبَلُ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ قصَد ذلك ليُسَهِّلَ اسْتيفاءَ الثَّمَنِ؛ لأنَّ المُشْتَرِيَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ مِن الشَّفِيعِ، فيَسْهُلُ عليه وَفاؤُه، أو يَتَعَذَّرُ على المُشْتَرِي الوَفاءُ لفَلَسِه، فيَسْتَحِقُّ اسْتِرْجاعَ المَبِيعِ. وإن شَهِد لمُكاتَبه بعَفْو شفْعَتِه (1)، أو شَهِدَ بشَراءِ شيءٍ لمُكاتبِه فيه شفْعَةٌ، لم تُقْبَلْ؛ لأنَّ المُكاتَبَ عَبْدُه، فلا تُقْبَلُ شَهادَتُه له، كمُدَبَّرِه، ولأنَّ ما يَحْصُلُ للمُكاتَبِ يَنتفِعُ به السَّيِّدُ؛ لأنَّه إن عَجَز صارَ له، وإن لم يَعْجِزْ، سَهُلَ عليه وَفاؤُه. وإن شَهِدَ على مُكَاتَبِه بشيءٍ مِن ذلك، قُبِلَتْ شَهادَتُه؛ لأنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ، فأشْبَهَ الشَّهادَةَ على وَلَدِه.
(1) كذا بالنسخ وفي بعض نسخ المغني: «شفيعه» ، وفي بعضها:«شفعة» .