الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأعْتَقَهُ، فَادَّعَى رَجُلٌ أنَّ الْبَائِعَ غصَبَهُ منه، فَصَدَّقَهُ أحَدُهُمَا، لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْآخَرِ. وإن
ــ
العارِيَّةَ تُوجِبُ الضَّمانَ على المُسْتَعِيرِ، فلو وَجَب الضَّمانُ على الغاصِبِ رَجَع به على المُسْتَعِيرِ، ولا فائِدَةَ في وُجُوبِ شَيءٍ عليه يَرْجِعُ به على مَن وَجَب له.
2350 - مسألة: (وإنِ اشْتَرَى عَبْدًا فأعْتَقَه، فادَّعَى رجل أنَّ البائعَ غَصَبَه منه، فصَدَّقَه أحَدُهما، لم يُقْبَلْ على الآخَرِ. وإن صَدَّقَاهُ مع العَبْدِ
،
صَدَّقَاهُ مَعَ الْعَبْدِ، لَم يَبْطُلِ الْعِتْقُ، وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَبْطُلَ الْعِتْقُ إذا صَدَّقُوهُ كُلُّهُمْ.
ــ
لم يَبْطُلِ العِتْقُ، ويَسْتَقِرُّ الضَّمانُ على المُشْتَرِي. ويَحْتَمِلُ أن يَبْطُلَ العِتْقُ إذا صَدَّقُوهُ كُلُّهُم) إذا أقامَ المُدَّعِي، بَيِّنَّةَ بما ادَّعاه، بَطَل البَيعُ والعِتْقُ، ويَرْجِعُ المُشْتَرِي على البائع بالثَّمَن. وإن صَدَّقَه البائعُ أو المُشْتَرِي، لم يُقْبَلْ قولُ أحَدِهما على الآخرِ؛ لأنَّه لا يُقْبَلُ إقْرارُه في حَقِّ غيرِه. وإن صَدَّقَاه جَمِيعًا، لم يَبْطُلِ العِتْقُ، وكان العَبْدُ حُرًّا؛ لأنَّه قد تَعَلَّقَ به حَق لغَيرِهما. فإن وافَقَهُما العَبْدُ، فقال القاضِي: لا يُقْبَلُ أَيضًا؛ لأنَّ الحُرِّيّةَ حَقٌّ يتَعَلَّقُ بها حَق الله تعالى، ولهذا لو شَهِدَ شاهِدانِ بالعِتْقِ مع اتِّفاق السَّيِّدِ والعَبْدِ على الرِّقِّ، قُبِلَتْ شَهادَتُهُما. ولو قال رجل: أنا حُرُّ. ثم أقَر بالرِّقِّ، لم يُقْبَلْ إقْرارُه. وهذا مَذْهبُ الشافعيِّ. ويَحْتَمِلُ أن يَبْطُلَ العِتْقُ إذا اتَّفَقُوا عليه كُلُّهُم، ويَعُود العَبْدُ إلى المُدَّعِي؛ لأنَّه مَجْهُولُ النَّسبِ، أقَرَّ بالرِّقِّ لمَن يَدعيه، فصَحَّ، كما لو لم يُعْتِقْه المُشْتَرِي. ومتى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَكَمْنا بالحريَّةِ، فللمالِكِ تَضْمِينُ أيِّهِما شاء قِيمَتَه يومَ عِتْقِه، فإن ضَمَّنَ البائعَ، رَجَع على المُشْتَرِي؛ لأنَّه أتْلَفَه، وإن ضَمَّنَ المُشْتَرِي، لم يَرْجِعْ على البائِعِ إلَّا بالثَّمَنِ؛ لأن التَّلَفَ حَصَل منه، فاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه. وإن ماتَ العَبْدُ وخَلَّف مالًا، فهو للمُدَّعِي؛ لاتِّفاقِهِم على أنَّه له. وإنَّما لم يُرَدَّ العَبْدُ إليه لتَعَلُّقِ حَقِّ الحُرِّيَّةِ به، إلَّا أن يُخَلِّفَ وارِثًا فيَأخُذَه، وليس عليه وَلاءٌ؛ لأنَّ أحدًا لا يَدَّعِيه. وإن صَدَّقَ المُشْتَرِي البائعَ وَحْدَه، رَجَع عليه بقِيمَتِه، ولم يَرْجِعِ المُشْتَرِي بالثَّمَنِ. وبَقِيَّةُ الأقْسامِ على ما نَذْكُرُ في الفَصْلِ بعدَه.
فصل: وإن كان المُشْتَرِي لم يُعْتِقْه، وأقَامَ المُدَّعِي بَينةً بما ادَّعاه، انْتَقَضَ البَيعُ، ورَجَع المُشْتَرِي على البائِعِ بالثَّمَنِ، وكذلك إذا أقَرَّا بذلك. وإن أقَرَّ أحَدُهما، لم يُقْبَلْ على الآخَرِ، فإن كان المُقِرُّ البائعَ، لَزِمَتْه القِيمَةُ للمُدَّعِي؛ لأنَّه حال بَينَه وبينَ مِلْكِه، ويُقَرُّ العَبْدُ في يَدِ المُشْتَرِي؛ لأنَّه مِلْكُه في الظاهِرِ، وللبائعِ إحْلافُه، ثُمَّ إن كان البائعُ لم يَقْبِضِ الثَّمَنَ، فليس له مُطالبَةُ المُشْتَرِي، لأنَّه لا يَدَّعِيه. ويَحْتَمِلُ أن يَمْلِكَ مُطالبَتَه بأقَلِّ الأمْرَين مِن الثَّمنِ أو قِيمَةِ العَبْدِ؛ لأنَّه يَدَّعِي القِيمَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على المُشْتَرِي، والمُشْتَرِي يُقِرُّ له بالثمَنِ، فقد اتَّفَقا على اسْتِحْقاقِ أقَلِّ (1) الأمْرَين، فوَجَبَ، ولا يَضُرُّ اخْتِلافُهُما في السَّبَبِ بعدَ اتفاقِهِما على حُكْمِه، كما لو قال: لي عليك ألفٌ مِن ثمَنِ مَبِيعٍ. فقال: بل ألْف مِن قَرْض. وإن كان قد قَبَضَ الثمنَ، فليس للمُشْتَرِي اسْتِرْجاعُه؛ لأنَّه لا يَدَّعِيه. ومتى عادَ العَبْدُ إلى البائعِ بفسْخ أو غيرِه، لَزِمَه رَدُّه إلى مُدَّعِيه، وله اسْتِرْجاعُ ما أخَذَ منه. وإن كان إقْرار البائِعِ في مُدَّةِ الخِيَارِ، انْفَسَخَ البَيعُ؛ لأنَّه يَمْلِكُ فَسْخَه، فقُبِلَ إقْرارُه بما يَفْسَخُه. وإن كان المُقِرُّ المُشْتَرِيَ وَحْدَه، لَزِمَه رَدُّ العَبْدِ (2)، ولم يُقْبَلْ إقْرارُه على البائِعِ، ولا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عليه بالثمَنِ إنْ كان قَبَضَه، وعليه دَفْعُه إليه إن لم يكُنْ قَبَضَه. فإن أقام المشتري بينةً بما أقَر به، قُبِلَتْ، وله الرُّجوعُ بالثمنِ. وإن كان البائعُ المُقِر، فأقَامَ بَينةً، فإن كان في حالِ البَيعِ، قال: بِعْتُكَ عَبْدِي هذا أو مِلْكِي. لم تُقْبَلْ بَيِّنتُه؛ لأنَّه يُكَذِّبُها، وإن لم يَكُنْ قال ذلك، قُبِلَتْ؛ لأنَّه يَبِيعُ مِلكَه وغيرَه، وإن أقَامَ المُدعِي البَيِّنةَ، سُمِعَتْ، ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ البائِعِ له؛ لأنَّه يَجُرُّ بها إلى نفْسِه نَفْعًا. وإن أنكَراه جَمِيعًا، فله إحْلافُهُما. قال أحمدُ، في رجل يَجِدُ سَرِقَتَه عندَ إنسانٍ بعَينِها، قال: هو مِلْكُه، يَأخُذُه، أذْهَبُ إلى حَدِيثِ سَمُرَةَ، رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدَ مَتاعَهُ عِنْدَ رَجُل فَهُوَ أحَقُّ بِهِ، ويَتْبَعُ
(1) في الأصل: «أولى» .
(2)
في م: «العيب» .
فَصْلٌ: وإنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ، ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ، إنْ كَانَ مَكِيلًا أوْ مَوْزُونًا.
ــ
المُبْتَاعُ مَنْ بَاعَه» (1). رَواه هُشَيم، عن مُوسَى بنِ السّائبِ، عن قَتادَةَ، عن الحسنِ، عن سَمُرَةَ. ومُوسَى بن السّائبِ ثِقَةٌ.
فصل: قال، رضي الله عنه:(وإن تَلِفَ المَغْصُوبُ، ضَمِنَه بمِثْلِه، إن كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا) متى تَلِفَ المَغْصُوبُ في يَدِ الغاصِبِ، لَزِمَه رَدُّ بَدَلِه؛ لقَوْلِه تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيكُمْ} (2). ولأنَّهُ لما تَعَذرَ رَدُّ العَينِ، لَزِمَه رَدُّ ما يَقُومُ مَقامَها. فإن كان المُتْلَفُ مِثْلِيًّا؛ كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ (3)، وَجَب
(1) تقدم تخريجه في 13/ 255.
كما أخرجه النَّسائيّ، في: باب الرَّجل يبيع السلعة فيستحقها مستحق، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 276.
(2)
سورة البقرة 194.
(3)
بعده في تش، م:«مكيلًا أو موزونًا» .