الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، أوْ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا يَشتَرِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ؟ عَلَى وَجهَينِ.
ــ
2431 - مسألة: (وهل تَجِبُ الشُّفْعَةُ للمُضارِبِ على رَبِّ المالِ، أو لرَبِّ المالِ على المُضارِبِ فيما يَشْتَرِيه مِن مالِ المُضارَبَةِ؟ على وَجْهَين)
إذا بِيعَ شِقْصٌ في شَرِكَةِ مالِ المُضارَبَةِ، فللعامِلِ الأخْذُ بها إذا كان الحَظُّ فيها، فإن تَرَكَها فلرَبِّ المالِ الأخْذُ؛ لأنَّ مال المُضاربَةِ مِلْكُه، ولا يَنْفُذُ عَفْوُ العامِلِ؛ لأنَّ المِلْكَ لغيرِه، فلم يَنْفُذْ عَفْوُه، كالمَأذُونِ له. فإنِ اشْتَرَى المُضارِبُ بمالِ المُضارَبَةِ شِقْصًا في شَرِكَةِ رَبِّ المالِ، فهل لرَبِّ المالِ فيه شُفْعَة؟ على وَجْهَين مَبْنِيَّيْن على شِرَاءِ رَبِّ المالِ مِن مالِ المُضارَبَةِ، وقد ذَكَرْناهُما. وإن كان المُضارِبُ شَفِيعَه، ولا رِبْحَ في المالِ، فله الأخْذُ بها؛ لأنَّ المِلْكَ لغيرِه. وإن كان فيه رِبْح، وقُلْنا: لا يَمْلِكُ بالظُّهُورِ. فكذلك. وإن قُلْنا: يَمْلِكُ بالظُّهُورِ. ففيه وَجْهان، كرَبِّ المالِ. ومَذْهَبُ الشَّافعيِّ في هذا كلِّه على ما ذَكَرْنا. فإن باعَ المُضارِبُ شِقْصًا في شَرِكَتِه، لم يَكُنْ له أخْذُه بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّه مُتَّهَم، فأشْبَهَ شِراءَه مِن نَفْسِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا كانت دارٌ بينَ ثَلاثةٍ، فقارَضَ واحِدٌ منهم أحَدَ شَرِيكَيه بألْفٍ، فاشْتَرَى به نِصْفَ نَصِيبِ الثالثِ، لم تَثْبُتْ فيه شُفْعَة في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّ أحَدَ الشَّرِيكَين رَبُّ المالِ، والآخَرَ العامِلُ، فهما كالشَّرِيكَين في المَتاعِ، فلا يَسْتَحِقُّ أحَدُهما على الآخَرِ شُفْعَةً. وإن باعَ الثَّالِثُ باقيَ نَصِيبِه لأجْنَبِي، كانتِ الشُّفْعَةُ مُسْتَحَقَّةً بينَهم أخْماسًا، لرَبِّ المالِ خُمْساها (1)، وللعامِلِ مِثْلُه، ولمالِ (2) المُضارَبَةِ خُمْسُها بالسُّدْسِ الذي له، فيُجْعَلُ مالُ المُضارَبَةِ كشَرِيكٍ آخَرَ؛ لأنَّ حُكْمَه مُتَمَيِّز عن مالِ كلِّ واحِدٍ منهما.
(1) في الأصل: «خمساه» .
(2)
في م: «لرب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كانتِ الدّارُ بينَ ثَلاثة أثْلاثًا، فاشْتَرَى أجْنَبِيٌّ نَصِيبَ أحَدِهِم، فطالبَه أحَدُ الشَّرِيكَين بالشُّفْعَةِ، فقال: إنَّما اشْتَرَيتُه لشَرِيكِك. لم تُؤَثِّرْ هذه الدَّعْوَى في قَدْرِ ما يَسْتَحِقُّ مِن الشُّفْعَةِ، فإن الشُّفْعَةَ بينَ الشَّرِيكَين نِصْفَين، سَواءٌ اشْتَراها الأجْنَبِيُّ لنَفْسِه أو للشَّرِيكِ الآخَرِ. وإن تَرَك المُطالِبُ بالشُّفْعَةِ حَقَّه منها بِناءً على هذا القولِ، ثم تَبَيَّنَ كَذِبُه، لم تَسْقُطْ شُفْعَتُه. وإن أخَذَ نِصْفَ المَبِيعِ لذلك (1)، ثم تَبَيَّنَ كَذِبُ المُشْتَرِي، وعَفَا الشَّرِيكُ عن شُفْعَتِه، فله أخْذُ نصِيبِه مِن الشُّفْعَةِ؛ لأنَّ اقْتِصارَه على أخْذِ النِّصْفِ انْبَنَى على خَبَرِ المُشْتَرِي، فلم يُؤَثِّرْ في إسْقاطِ الشُّفْعَةِ، واستَحَقَّ أخْذَ الباقِي لعَفْو شَرِيكِه عنه. وإنِ امْتَنَعَ مِن أخْذِ الباقِي سَقَطَتْ شُفْعَتُه كلُّها، لأنَّه لا يمْلِكُ تَبْعِيضَ صَفقَةِ المُشْتَرِي. ويَحْتَمِلُ أن لا يَسْقُطَ حَقِّه مِن النِّصْفِ الذي أخَذَه، ولا يَبْطُلُ أخْذُه له، لأنَّ المشَترِيَ أقَرَّ بما تَضَمَّنَ اسْتِحْقاقَه لذلك، فلا يَبْطُلُ برُجُوعِه عن إقْرارِه. وإن أنْكرَ الشَّرِيكُ كَوْنَ الشِّراءِ له، وعَفَا عن شُفْعَتِه، وأصَرَّ المُشْتَرِي على الإقْرارِ للشَّرِيكِ به، فللشَّفِيعِ أخْذُ الكُلِّ؛ لأنَّه لا مُنازِعَ له في اسْتِحْقاقِه، وله الاقْتِصارُ على النِّصْفِ، لإقْرارِ المُشْتَرِي له باسْتِحْقاقِ ذلك.
(1) في م: «كذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قال أحَدُ الشَّرِيكَين للمُشْتَرِي: شِراؤكَ باطِلٌ. وقال الآخَرُ: هو صَحِيحٌ. فالشُّفْعَةُ كلها للمُعْتَرِفِ بالصِّحّةِ. وكذلك إن قال: ما اشْتَرَيتُه، إنَّما اتَّهَبْتُه. وصَدَّقَه الآخَرُ أنَّه اشْتَراه، فالشفْعَةُ للمُصَدِّقِ بالشِّراءِ؛ لأنَّ شَرِيكَه مُسْقِطٌ لحَقِّه باعْتِرافِه أنَّه لا بَيعَ، أو لا بَيعَ صَحِيحٌ. ولو احْتال المُشْتَرِي على إسْقاطِ الشُّفْعَةِ بحِيلَةٍ لا تُسْقِطُها، فقال أحَدُ الشَّفِيعَين: قد سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ. تَوَفَّرَتْ على الآخَرِ؛ لاعْتِرافِ صاحِبِه بسُقُوطِها. ولو تَوَكَّلَ أحَدُ الشَّفِيعَين في البَيعِ أو الشِّراءِ، أو ضَمِن عُهْدَةَ المَبِيعِ، أو عَفَا عن الشُّفْعَةِ قبلَ البَيعِ، وقال: لا شُفْعَةَ لي؛ لذلك. تَوَفَّرَتْ على الآخَرِ. وإنِ اعتَقَدَ أنَّ له شُفْعَةً، وطالبَ بها، فارْتَفَعا إلى حاكِم، فحَكَمَ بأنَّه لا شُفْعَةَ له، تَوَفَّرَتْ على الآخرِ؛ لأنَّها سَقَطَتْ بحُكْمِ الحاكِمِ، فأشْبَهَ ما لو سَقَطَتْ بإسْقاطِ المُسْتَحِقِّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا ادَّعَى رجلٌ على آخَرَ ثُلُثَ دار، فأنكَرَه، ثم صالحَه عن دَعْواه بثُلُثِ دار أخْرَى، صَحَّ، ووَجَبَتِ الشُّفْعَةُ في الثُّلُثِ المصالحِ به؛ لأنَّ المُدَّعِيَ يَزْعُمُ أَنَّه مُحِقٌّ في دَعْواه، وأنَّ ما أخَذَه عِوَضٌ عن الثُّلُثِ الذي ادَّعاه، فلَزِمَه حُكْمُ دَعْواه، ووَجَبَتِ الشُّفْعَةُ، ولا شُفْعَةَ على المُنْكِر في الثُّلُثِ المُصالحِ عنه؛ لأنَّه يَزْعُمُ أنَّه على مِلْكِه لم يَزُلْ، وإنَّما دَفَع ثُلُثَ دارِه إلى المُدَّعِي اكْتِفاءً لشَرِّه ودَفْعًا لضَرَرِ الخُصُومَةِ واليَمينِ عن نَفْسِه، فلم تَلْزَمْه فيه شُفْعَة. وإن قال المُنْكِرُ للمُدَّعِي: خُذِ. الثُّلُثَ الذي تَدَّعِيه بثُلُثِ دارِكَ. ففَعَلَ، فلا شُفْعَةَ على المُدَّعِي فيما أخَذَه، وعلى المُنْكِرِ الشُّفْعَةُ في الثُّلُثِ الذي يَأخُذُه؛ لأنَّه يَزْعُمُ أنَّه أخَذَه عِوَضًا عن مِلْكِه الثابِتِ له. وقال أصحابُ الشَّافعيِّ: تَجِبُ الشُّفْعَةُ في الثُّلُثِ الذي أخَذَه المُدَّعِي أيضًا؛ لأنَّها مُعاوَضَة مِن الجانِبَين بشِقْصَين، فوَجَبَتِ الشُّفْعَةُ فيهما، كما لو كانت بينَ مُقِرَّين. ولَنا، أنَّ المُدَّعِيَ يَزْعُمُ أنَّ ما أخَذَه كان مِلْكًا له قبلَ الصُّلْح، ولم يَتَجَدَّدْ له عليه مِلْكٌ، وإنَّما اسْتَنْقَذَه بصُلْحِه، فلم تَجِبْ فيه شُفْعَة، كما لو أقَرَّ له به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا كانت دارٌ بينَ ثلاثةٍ أثْلاثًا، فاشْتَرَى أحَدُهُم نَصِيبَ أحَدِ شَرِيكَيه، ثم باعَه لأجْنَبِي، ثم عَلِم شَرِيكُه، فله أن يَأخُذَ بالعَقْدَين، وله الأخْذُ بأحَدِهما؛ لأنَّه شَرِيكٌ فيهما. فإن أخَذَ بالعَقْدِ الثَّاني أخَذَ جَميع ما في يَدِ مُشْتَرِيه؛ لأنَّه لا شَرِيكَ له في شُفْعَتِه. وإن أخَذَ بالعَقْدِ الأوَّلِ، ولم يَأخُذْ بالثَّاني، أخذَ نِصْفَ المَبِيعِ، وهو السُّدْسُ؛ لأنَّ المُشْتَرِيَ شَرِيكُه في شُفْعَتِه، ويَأخُذُ نِصْفَه مِن المُشْتَرِي الأوَّلِ، ونِصْفَه مِن المُشْتَرِي الثَّاني؛ لأنَّ شَرِيكَه لمّا اشْتَرَى الثُّلُثَ كان بينَهما نِصْفين، لكلِّ واحِدٍ منهما السُّدْسُ، فإذا باع الثُّلُثَ مِن جَمِيعِ ما في يَدِه، وفي يَدِه ثُلُثان، فقد باع نِصْفَ ما في يَدِه، والشَّفِيعُ يَسْتَحِقُّ رُبْعَ ما في يَدِه، وهو السُّدْسُ، فصارَ مُنْقَسِمًا في يَدَيهِما نِصْفَين، فيَأخُذُ مِن كلِّ واحِدٍ منهما نِصفَه، وهو نِصْف السُّدْسِ، ويَدْفَعُ ثَمَنَه إلى الأوَّلِ، ورْجِعُ المُشْتَرِي الثَّاني على الأوَّلِ برُبْعِ الثَّمَنِ الذي اشْتَرى به، وتكونُ المسألةُ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ، ثم تَرْجِعُ إلى أرْبَعَةٍ، للشَّفِيعِ نِصْف الدّارِ، ولكلِّ واحِدٍ مِن الآخَرَين الرُّبْع. وإن أخَذَ بالعَقْدَين أخَذَ جَمِيعَ ما في يَدِ الثَّاني ورُبْعَ ما في يَدِ الأوَّلِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصارَ له ثَلاثةُ أرْباعِ الدّارِ، ولشَرِيكِه الرُّبْعُ، ويَدْفَعُ إلى الأوَّلِ نِصْفَ الثَّمَنِ الأوَّلِ، ويَدْفَعُ إلى الثَّاني ثَلاثةَ أرْباعِ الثَّمَنِ الثَّاني، ويَرْجِعُ الثَّاني على الأوَّلِ برُبْع الثَّمَنِ الثَّاني؛ لأنَّه يَأخُذُ نِصْفَ ما اشْتَراه الأوَّلُ، وهو السُّدْسُ، فيَدْفعُ إليه نِصْفَ الثَّمَنِ؛ لذلك، وقد صار نِصْفُ هذا النِّصْفِ في يَدِ الثَّاني، وهو رُبْعُ ما في يَدِه، فيَأخُذُه منه، ويَرْجِعُ الثَّاني على الأوَّلِ بثَمَنِه، وبَقِيَ المَأخُوذُ مِن الثَّاني ثَلاثةَ أرْباعِ ما اشْتَراه، فأخَذَها منه، ودَفَع إليه ثلاثةَ أرْباعِ الثَّمَنِ. وإن كان المُشتَرِي الثَّاني هو البائِعَ الأولَ، فالحُكْمُ على ما ذَكَرْنا، لا يَخْتَلِفُ. وإن كانتِ الدّارُ بينَ الثلاثةِ أرْباعًا، لأحَدِهم نِصْفُها وللآخَرَين نِصْفُها بينَهما، فاشْتَرَى صاحِبُ النِّصْفِ مِن أحَدِ شَرِيكَيه رُبْعَه، ثم باعَ رُبْعًا مِمَّا في يَدِه لأجْنَبِي، ثم عَلِم شَرِيكُه فأخَذَ بالبَيعِ الثَّاني، أخَذَ جَمِيعَه، ودَفَع إلى المُشْتَرِي ثَمَنَه. وإن أخَذَ بالبَيعِ الأوَّلِ وحدَه، أخَذَ ثُلُثَ المَبِيعِ، وهو نِصْفُ سُدْسٍ؛ لأنَّ المَبِيعَ كلَّه رُبْعٌ، فثُلُثُه نِصْفُ سُدْس، ويَأخُذُ ثُلُثَيه مِن المُشْتَرِي الأوَّلِ، وثُلُثَه مِن الثَّاني، ومَخْرَج ذلك مِن سِتَّةٍ وثَلاثينَ، النِّصْفُ ثمانِيَةَ عَشرَ، ولكلِّ واحِدٍ منهما تِسْعَة، فلما اشْتَرَى صاحِبُ النِّصْفِ تِسْعَةً، كانت شُفْعَتُها بينَه وبينَ شَرِيكِه الذي لم يَبعْ أثْلاثًا، لشَرِيكِه ثُلُثُها ثَلاثة، فلما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
باعَ صاحِبُ النِّصْفِ ثُلُثَ ما في يَدِه، حَصَل في المَبِيع مِن الثلاثةِ ثُلثها، وهو سَهْمٌ، بَقِيَ في يَدِ البائِعِ منها سَهْمان، فتُرَدُّ الثلاثةُ إلى الشَّرِيكِ، يَصِيرُ في يَدِه اثْنَا عَشَرَ، وهي الثُّلُثُ، ويبقى في يَدِ المُشْتَرِي الثَّاني ثَمانِيَةٌ، وهي تُسْعانِ، وفي يَدِ صاحِبِ النِّصْفِ سِتَّةَ عَشَرَ، وهي أرْبعةُ أتْساع، ويَدفَعُ الشَّرِيكُ الثَّمَنَ إلى المُشْتَرِي الأوَّلِ ويَرْجِعُ المُشْتَرِي الثَّاني عليه بتُسْعِ الثَّمَنِ الذي اشْتَرَى به؛ لأنَّه قد أخَذَ منه تُسْعَ مَبِيعِه، وإن أخَذَ بالعَقْدَين، أخَذَ مِن الثَّاني جَمِيعَ ما في يَدِه، وأخَذَ مِن الأوَّلِ نِصْفَ التُّسْعِ، وهي سَهْمانِ مِن سِتَّةٍ وثَلاثينَ، فيَصِيرُ في يَدِه عشْرُونَ سَهْمًا، وهي خَمْسَةُ أتْساع ويَبْقَى في يَدِ الأوَّلِ سِتَّةَ عَشَرَ سهْمًا، وهي أرْبَعَةُ أتْساع، ويَدْفَعُ إليه ثُلُثَ الثَّمَنِ الأوَّلِ، ويَدْفَعُ إلى الثَّاني ثَمانِيَةَ أتْساعِ الثَّمَنِ الثَّاني، ويَرْجِعُ الثَّاني على الأوَّلِ بتُسْعِ الثَّمَنِ الثَّاني.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا كانت دارٌ بينَ ثلاثةٍ؛ لزَيدٍ نِصْفُها، ولعَمْرو ثُلثها، ولبَكْرٍ سُدْسُها، فاشْتَرَى بَكْرٌ مِن زَيدٍ ثُلُثَ الدّارِ، ثم باع عَمْرًا سُدْسَها، ولم يَعْلَمْ عَمْرُوٌ بشِرائِه للثُّلُثِ، ثم عَلِم، فله المُطالبَةُ بحَقِّه مِن شُفْعَةِ الثُّلُثِ، وهو ثُلُثاه، وهو تُسْعَا الدّارِ، فيَأخُذُ مِن بَكْر ثُلُثَيْ ذلك، وقد حَصَل ثُلُثُه الباقِي في يَدِه بشِرائِه للسُّدْسِ، فيَفْسَخُ بَيعَه فيه، ويَأخُذُه بشُفْعَةِ البَيعِ الأوَّلِ، ويَبْقَى مِن بَيعِه خَمْسَةُ أتْساعِه، لزَيدٍ ثُلُث شُفْعَتِه، فتُقْسَمُ بينَهما أثلاثًا. وتَصِحُّ المسألةُ مِن مائةٍ واثْنَين وسِتِّين سَهْمًا، الثُّلُثُ المَبِيعُ أرْبَعَة وخَمْسُونَ، لعَمْرو ثُلُثاهَا بشُفْعَتِه سِتَّة وثَلاثونَ سَهْمًا، يَأخُذُ ثُلُثَيها مِن بَكْرٍ، وهي أرْبَعَة وعِشْرُونَ سَهْمًا، وثُلُثُها في يَدِه اثْنا عَشَرَ سَهْمًا، والسُّدْسُ الذي اشْتَراه سَبْعَة وعِشْرُونَ سَهْمًا، قد أخَذَ منها اثْنيْ عَشَرَ بالشُّفْعَةِ، بَقِيَ منها خَمْسَةَ عَشَرَ، له ثُلُثاها عَشَرَة، ويَأخُذُ منها زَيدٌ خَمْسَةً، فحَصَلَ لزَيدٍ اثْنانِ وثَلاثونَ سهْمًا، ولبَكْر ثَلاثونَ سَهْمًا، ولعَمْرو مائةُ سَهْمٍ، وذلك نِصْف الدّارِ وتُسْعُها ونِصْفُ تُسْعِ تُسْعِها،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَدْفَعُ [عَمْروٌ إلى بَكْر](1) ثُلُثَي الثَّمَنِ في البَيعِ الأوَّلِ، وعلى زَيدٍ خَمْسَةُ أتْساعِ الثَّمَنِ الثَّانِي بينَهما أثْلاثًا. فإن عَفَا عَمْرو عن شُفْعَةِ الثُّلُثِ، فشُفْعَةُ السُّدْسِ الذي اشْتَراه بينَه وبينَ زَيدٍ أثلاثًا، ويَحْصُلُ لعَمْرو أرْبَعَةُ أتْساعِ الدّارِ، ولزَيدٍ تُسْعاها، ولبَكْر ثُلثها، وتَصِحُّ مِن تِسْعَةٍ. وإن باعَ بَكْرٌ السُّدْسَ لأجْنَبِي فهو كبَيعِه إيّاه لعَمْرو، إلَّا أنَّ لعَمْرو العَفْوَ عن شُفْعَتِه في السُّدْسِ، بخِلافِ ما إذا كان هو المُشْتَرِيَ، فإَّنه لا يَصِحُّ عَفْوُه عن نَصِيبِه منها. وإن باع بَكْر الثُّلُثَ لأجْنَبِي، فلعَمْرو ثُلُثَا شُفْعَةِ المَبِيعِ الأوَّلِ وهو التُّسْعانِ، يَأخُذُ ثُلُثَهُما مِن بَكْر وثُلُثَيهِم مِن المُشْتَرِي الثَّاني، وذلك تُسْعٌ وثُلُثُ تسع، يَبْقَى في يَدِ الثَّاني سُدْسٌ وسُدْسُ تُسْع، وهو عَشَرَة مِن أرْبَعَةٍ وخَمْسِينَ بينَ عَمْرو وزَيدٍ أثلاثًا، وتَصِحُّ أيضًا مِن مائةٍ واثْنَين وسِتِّينَ، ويَدْفَعُ عَمْرو إلى بَكْر ثُلُثَيْ ثَمَنِ مَبِيعِه، ويَدْفَعُ هو وزَيدٌ إلى المُشْتَرِي الثَّاني ثَمَنَ خَمْسَةِ أتْساعِ مَبِيعِه بينَهما أثلاثًا، ويَرْجِعُ المُشْتَرِي الثَّاني على بَكْر بثَمَنِ أرْبَعَةِ أتْساعِ مَبِيعِه. وإن لم يَعْلَمْ عَمْروٌ حتَّى باع مِمَّا في يَدَيه سُدْسًا، لم تَبْطُلْ شُفْعَتُه في أحَدِ الوجوه، وله أن يَأخُذَ بها كما لو لم يَبع شيئًا. والثَّاني، تَبْطُلُ شُفْعَتُه كلُّها. والثَّالثُ، تَبْطُلُ في قَدْرِ ما باع، وتبْقَى فيما لم يَبعْ. وقد ذَكَرْنا تَوْجِيهَ هذه الوُجُوهِ. فأمَّا شُفْعَةُ ما باعَه، ففيها ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحَدُها، أنَّها بينَ المُشْتَرِي الثَّاني وزَيدٍ
(1) في م: «بكر إلى عمرو» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبَكْر أرْباعًا، للمُشْتَرِي نِصْفُها، ولكلِّ واحِدٍ منهما (1) رُبْعُها، على قَدْرِ أمْلاكِهِم حينَ بَيعِه. والثاني، أنَّها بينَ زَيدٍ وبَكْر على أرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، لزَيدٍ تِسْعَة، ولبَكْر خَمْسَة؛ لأنَّ لزَيدٍ السُّدْسَ، ولبَكْر سُدْسٌ يَسْتَحِقُّ منه أرْبَعَةَ أتْساعِه بالشُّفْعَةِ، فيَبْقَى معه خَمْسَةُ أتْساعِ السُّدْسِ مِلْكُه مُستَقِرٌّ عليها، فأضَفْناه (2) إلى سُدْسِ زَيدٍ، وقَسَمْنا الشُّفْعَةَ على ذلك، ولم نُعْطِ المُشْتَرِيَ الثانيَ ولا بَكْرًا بالسِّهامِ المُسْتحَقَّةِ بالشُّفْعَةِ شيئًا؛ لأنَّ المِلْكَ عليها غيرُ مُسْتَقِرٍّ. والثَّالثُ، إن عَفَا لهم عن الشُّفْعَةِ اسْتَحَقُّوا بها، وإن أُخِذَتْ بالشُّفْعَةِ لم يَسْتَحِقُّوا بها شيئًا، وإن عَفَا عن بعضِهم دُونَ بعض، اسْتَحَق المَعْفُوُّ عنه بسِهَامِه دُونَ غيرِ المَعْفُوِّ عنه. وما بَطَلَتِ الشُّفْعَةُ فيه ببَيعِ عَمْرو، فهو بمَنْزِلةِ المَعْفُوِّ عنه، فيُخَرَّجُ في قَدْرِه وَجْهانِ. ولو اسْتَقْصَينا فُرُوعَ هذه المسألةِ على سَبِيلِ البَسْطِ، لطَال، وخَرَجَ إلى الإمْلالِ.
فصل: إذا كانت دارٌ بينَ أرْبَعَةٍ أرْباعًا، فاشْتَرَى اثْنانِ منهم نَصِيبَ أحَدِهم، اسْتَحَقَّ الرّابع الشُّفْعَةَ عليهما، واسْتَحَق كلُّ واحِدٍ مِن المُشْتَرِيَيْن الشُّفْعَةَ على صاحِبِه. فإن طالبَ كلُّ واحِدٍ منهم بشُفْعَتِه، قُسِمَ المَبِيعُ بينَهم أثلاثًا، وصارتِ الدّارُ بينَهم كذلك، وإن عَفَا الرّابع وحدَه، قُسِمَ المَبِيعُ بينَ المُشْتَرِيَين نِصْفَين. وكذلك إن عَفَا الجَمِيعُ عن
(1) في م: «منهم» .
(2)
في م: «فأضفناها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شُفْعَتِهم، فيَصِيرُ لهما ثلاثةُ أرْباعِ الدَّارِ، وللرّابع الرُّبعُ بحالِه. وإن طالبَ الرابعُ وحدَه، أخَذَ منهما نِصْفَ المَبِيعِ؛ لأنَّ كلِّ واحِدٍ منهما له مِن المِلْكِ مثلُ ما للمُطالِبِ، فشُفْعَةُ مَبِيعِه بينَه وبينَ شَفِيعِه نِصْفَين، فيَحْصُلُ للرّابع ثلاثةُ أثْمانِ الدّارِ، وباقِيها بينَهما نِصْفَين، وتَصِحُّ مِن سِتَّةَ عَشَرَ. وإن طالبَ الرابعُ وحدَه أحَدَهُما دُونَ الآخَرِ، قاسَمَه الثَّمَنَ نِصْفَين، فيَحْصُلُ للمَعْفُوِّ عنه ثلاثةُ أثْمانٍ، والباقِي بينَ الرابعِ والآخَرِ نِصْفَين، وتَصِحُّ مِن سِتَّةَ عَشَرَ. وإن عَفَا أحَدُ المُشتَرِيَين ولم يَعْفُ الآخَرُ ولا الرابعُ، قسِمَ مَبِيعُ المَعْفُوِّ عنه بينَه وبينَ الرابع نِصْفين، ومِبيعُ الآخرِ بينَهم أثلاثًا، فيَحْصُلُ للذي لم يَعْفُ عنه رُبْع وثُلُثُ ثُمْنٍ، وذلك سُدْسٌ وثُمْن، والباقِي بينَ الآخرَين نِصْفَين، وتَصِحُّ مِن ثَمانِيَةٍ وأرْبَعِينَ. وإن عَفَا الرَّابع عن أحَدِهما، ولم يَعْفُ أحَدُهما عن صاحِبه، أخَذَ مِمَّن لم يَعْفُ عنه ثُلُثَ الثَّمَنِ، والباقِي بينَهما نِصْفَين، ويكَونُ الرَّابع كالعافِي في التي قبلَها، وتَصِحُّ أيضًا مِن ثَمانِيَةٍ وأرْبَعِينَ. وإن عَفَا الرَّابع، وأحَدُهما عن الآخَرِ، ولم يَعْفُ الآخَرُ، فلغيرِ العافِي رُبْعٌ وسُدْسٌ، والباقِي بينَ العافِيَين نِصْفَين، لكل واحِدٍ منهما سُدْسٌ وثُمْنٌ، وتَصحُّ مِن أرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ، وما يُفَرَّعُ مِن المَسائِلِ، فهو على سِياقِ (1) ما ذَكَرْناه.
(1) في م: «مساق» .