الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي، أَن يَكُونَ الْمَركُوبَانِ وَالْقَوْسَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَجُوزُ بَينَ عَرَبِيٍّ وَهَجِينٍ، وَلَا بَينَ قَوْس عَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ. وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازُ.
ــ
فصل: ويَجُوزُ عَقْدُ النِّضالِ على اثْنَين، وعلى جَماعَةٍ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ على أصْحابٍ له يَنْتَضِلُون، فقال:«ارْمُوا، وأنَا مَعَ ابنِ الأدْرَعِ» . فأمْسَكَ الآخَرُون، وقالُوا: كيف نَرْمِي وأنت مع ابنِ الأدْرَعِ؟ فقال: «ارْمُوا، وَأنَا مَعَكُم كُلِّكُمْ» . رَواه البُخارِيُّ (1). ولأنَّه إذا جاز أن يَكُونا اثْنَين، جاز أن يَكُونا جَماعَتَين؛ لأنَّ المَقْصُودَ مَعْرِفَةُ الحِذْقِ، وهو يَحْصُلُ في الجَماعَتَين. وكذلك في سِباقِ الخَيلِ، وقد ثَبَت أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سابَقَ بينَ الخَيلِ المُضْمَرَةِ، وبينَ الخَيلِ التي لم تُضْمَرْ (2).
2230 - مسألة: (الثّانِي، أن يَكُونَ المَرْكُوبان والقَوْسان مِن نَوْعٍ واحِدٍ، فلا يَجُوزُ بينَ عَرَبِيٍّ وهَجِين، ولا بينَ قَوْسٍ عَرَبِيَّةٍ وفارسِيَّةٍ. ويَحْتَمِلُ الجَوَازُ)
إذا كانا مِن جِنْسَين، كالفَرَسِ والبَعِيرِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّ البَعِيرَ لا يَكادُ يَسْبِقُ الفَرَسَ، فلا يَحْصُلُ الغَرَضُ مِن هذه
(1) في: باب التحريض على الرمي، من كتاب الجهاد، وفي: باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد} ، من كتاب الأنبياء، وفي: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل. . . .، من كتاب المناقب. صحيح البخاري 4/ 45، 46، 179، 219.كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 50.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 6.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُسابَقَةِ. فإن كانا مِن نَوْعَين؛ كالعَرَبِيِّ والهَجِينِ، والبُخْتِيِّ والعِرابِيِّ (1)، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَصِحُّ. ذَكَرَه أبو الخَطّابِ؛ لأنَّ التَّفاوُتَ بينَهما في الجَرْي مَعْلُومٌ بحُكْمِ العادَةِ، فأشْبَها الجنْسَين. والثانِي، يَصِحُّ. ذَكَرَه القاضي. وهو مَذْهبُ الشافعيِّ، [لأنَّهما مِن جِنْسٍ واحِدٍ، وقد يَسْبِقُ كلُّ واحِدٍ منهما الآخَرَ، والضّابِطُ الجِنْسُ، وقد وُجدَ، ويَكْفِي في المَظِنَّةِ احْتِمالُ الحِكْمَةِ ولو على بُعْدٍ. وكذلك الحُكْمُ لو تَناضَلا على أن يَرْمِيَ أحَدُهما بقَوْسٍ عَرَبيَّةٍ والآخَرُ بالفارِسِيَّةِ، هل يَصِحُّ؟ فيه الوَجْهان؛ يَصِحُّ عندَ القاضي. وهو مَذْهبُ الشافعيِّ. ولا يَصِحُّ عندَ أبي الخَطّابِ؛ لِما ذَكَرْنا](2).
(1) البختي: الإبل الخراسانية. والعرابي: الخيل العربية.
(2)
سقط من: تش، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا بَأْسَ بالرَّمْي بقَوْسٍ فارِسِيَّةٍ، في ظاهِرِ كَلامِ أحمدَ. وقد نَصَّ على جَواز المُسابَقَةِ بها. وقال أبو بكر: يُكْرَه؛ لأنَّه قد رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه رَأَى مع رجل قَوْسًا فارِسِيَّة، فقال:«ألْقِها فإنَّها مَلْعُونَةٌ، وَلَكِنْ عليكم بالْقِسِيِّ الْعَرَبِيَّةِ، وَبِرِمَاحِ الْقَنَا، فَبِها يُؤيِّدُ اللهُ الدِّينَ، وَبِهَا يُمَكِّنُ اللهُ لَكُم فِي الأَرْضِ» . رَواه الأثْرَمُ (1). ولَنا، انْعِقادُ الإجْماعِ على الرَّمْي بها وإباحَةِ حَمْلِها، فإنَّ ذلك جارٍ في أكْثرَ الأعْصارِ، وهي التي يَحْصُلُ الجِهادُ بها في عَصْرِنا هذا. وأمَّا الخَبَرُ، فيَحْتَمِلُ أنَّه لَعَنَها؛ لأنَّ حَمَلَتَها في ذلك العَصْرِ العَجَمُ، ولم يَكُونُوا أسْلَمُوا بعدُ، ومَنَع العَرَبَ مِن حَمْلِها لعَدَمِ مَعْرِفَتِهم بها، ولهذا أمَرَ برِماحِ القَنا، ولو حَمَل إنْسان رُمْحًا غيرَها لم يكنْ مَذْمُومًا. وحَكَى أحمدُ، أنَّ قَوْمًا اسْتَدَلُّوا على القِسِيِّ الفارِسِيَّةِ بقَوْلِه تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (2). لدُخُولِه في عُمُومِ الآيَةِ. واللهُ أعلمُ.
(1) وأخرجه ابن ماجه، في: باب في السلاح، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 939.
وفي الزوائد: في إسناده عبد الله بن بشر الجياني، ضعفه يحيى القطان وغيره، وذكره ابن حبان في الثقات لكنه ما أجاد في ذلك.
(2)
سورة الأنفال 60.