الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسُّنَّةُ أنْ يَكُونَ لَهُمَا غَرَضَانِ، إذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِغرَضٍ، بَدَأَ الْآخَرُ بِالثَّانِي.
ــ
حتى يَقْضِيَا رَمْيَيهما؛ لأنَّ إطْلاقَ المُناضَلَةِ يقْتَضِي المُراسَلَةَ، ولأنَّه أقْرَبُ إلى التَّساوي، وأنْجَزُ للرَّمْيِ، لأنَّ أحَدَهما يُصْلِحُ قَوْسَه (1) ويَعْدِلُ سَهْمَه حتى يَرْمِيَ الآخَرُ. وإن رَمَيا سَهْمَين سَهْمَين، فحَسَنٌ. وإنِ اشْتَرَطا أن يَرْمِيَ أحَدُهما رِشْقَه، ثم يَرْمِيَ الآخَرُ، أو يَرْمِيَ أحَدُهما عَدَدًا، ثم يَرْمِيَ الآخَرُ مِثْلَه، جاز؛ لأنَّه لا يُؤثِّرُ في مَقْصودِ المُناضَلَةِ، وإن خالفَ مُقْتَضَى الإِطْلاقِ، كما يَجُوزُ أن يَشْتَرِطَ في البَيعِ ما لا يَقْتَضِيه الإِطْلاقُ مِن النُّقُودِ والخِيارِ والأجَلِ، لَمّا كان غيرَ مانِعٍ مِن المَقْصُودِ.
2248 - مسألة: (والسُّنَّةُ أن يكونَ لهما غَرَضان)
يَرْمِيان أحَدَهما، ثم يَمْضِيانِ إليه، فيَأْخُذان السِّهامَ يَرْمِيانِ الآخَرَ؛ لأنَّ هذا كان فِعْلَ أصْحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقد رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«مَا بَيْنَ الغَرَضَينِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» (2). وقال إبراهيمُ التيمِيُّ: رَأيتُ حُذَيفَةَ يَشْتَدُّ بينَ الهَدَفَين يقولُ: أنا بها (3). في قَمِيصٍ. وعن ابنِ عُمَرَ مِثْلُ ذلك (4). والهَدَفُ ما يُنْصَبُ الغَرَضُ عليه؛ إمّا تُرابٌ
(1) في م: «فرسه» .
(2)
أخرجه الديلمي، في مسند فردوس الأخبار 2/ 61 بلفظ:«تعلموا الرمي فإن ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة» .
(3)
بعده في م: «أنا بها» .
(4)
تقدم الأثران في صفحة 11.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَجْمُوعٌ، أو حائِطٌ. ويُرْوَى أنَّ أصْحابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانُوا يَشْتَدُّون بينَ الأغْراضِ يَضْحَكُ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ، فإذا جاء اللَّيلُ كانُوا رُهْبانًا. فإن جَعَلُوا غَرَضًا واحِدًا، جاز؛ لأنَّ المَقْصُودَ يَحْصُلُ به، وهو عادَةُ أهْلَ عَصْرِنا.
فصل: وإذا تَشاحّا في الوُقُوفِ، فإن كان المَوْضِعُ الذي طَلَبَه أحَدُهما أوْلَى، مثلَ أن يكونَ في أحَدِ المَوْقِفَين (1) يَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ، أو رِيحًا يُؤْذِيه اسْتِقْبالُها، ونحوَ ذلك، والآخَرُ يَسْتَدْبِرُها، قُدِّمَ قولُ مَن طَلَب اسْتِدْبارَها؛ لأنَّه العُرْفُ، إلَّا أن يكونَ في شَرْطِهما اسْتِقْبالُ ذلك، فالشَّرْطُ أوْلَى، كما لو اتَّفَقا على الرَّمي ليلًا. وإن كان المَوْقِفان سَواءً، كان ذلك إلى الذي يَبْدَأُ، فيَتْبَعُه الآخرُ، فإذا كان في الوَجْهِ الثانِي، وَقَف الثاني حيث شاءَ، ويَتْبَعُه الأوَّلُ.
فصل: فإن أراد أحَدُهما التَّطْويلَ والتَّشاغُلَ عن الرَّمْي بما لا حاجَةَ إليه؛ مِن مَسْحِ القَوْسِ والوَتَرِ، ونحو ذلك، إرادَةَ التَّطْويلِ على صاحِبِه، لَعَلَّه يَنْسَى القَصْدَ الذي أصاب به أو يَفْتُرُ، مُنِع مِن ذلك، وطُولِبَ بالرَّمْي، ولا يُزْعَجُ بالاسْتِعْجالِ بالكُلِّيَّةِ، بحيث يُمْنَعُ مِن تحَرِّي الإِصابَةِ. ويُمْنَعُ كل واحِدٍ منهما مِن الكَلامِ الذي يَغِيظُ به صاحِبَه، مثلَ أن يَرْتَجِزَ، ويَفْتَخِرَ، ويَتَبَجَّحَ بالإِصابَةِ، ويُعَنِّفَ صاحِبَه على الخَطَأ،
(1) في ر: «الموقعين» ، وفي ق:«المرفقين» .