الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنِ ادَّعَى أَنَّكَ اشتَرَيتَهُ بِأَلْفٍ، قال: بَلَ اتَّهَبْتُهُ. أَوْ: وَرثْتُهُ. فَالْقَولُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا، أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ أَخْذُهُ، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ، وَإِمَّا أنْ تُبْرِئَ مِنْهُ.
ــ
2424 - مسألة: (وَإِنِ ادَّعَى أَنَّكَ اشتَرَيتَهُ بِأَلْفٍ، قال: بَلَ اتَّهَبْتُهُ. أَوْ: وَرثْتُهُ. فَالْقَولُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا، أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ أَخْذُهُ، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ، وَإِمَّا أنْ تُبْرِئَ مِنْهُ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه إذا ادَّعَى الشَّفِيعُ على بعضِ الشُّرَكاءِ أنَّك اشْتَرَيتَ نَصِيبكَ، فلي أخْذُه بالشُّفْعَةِ، فإنَّه يَحْتاجُ إلى تَحْرِيرِ دَعْواه، فيُحَدِّدُ المَكانَ الَّذي فيه الشِّقْصُ، ويَذْكُرُ قَدْرَ الشِّقْصِ والثَّمَنِ، ويَدَّعِي الشُّفْعَةَ فيه، فإذا ادَّعَى، سُئِل المُدَّعَى عليه، فإن أقَرَّ، لَزِمَه، وإن أنْكَرَ وقال: إنَّما اتَّهَبْتُه. أو: وَرِثْتُه، فلا شُفْعَةَ لك فيه. فالقولُ قولُ مَن يَنْفِيه، كما لو ادَّعَى عليه نَصِيبَه مِن غير شُفْعَةٍ، فإن حَلَف، بَرِئَ، وإن نَكَل، قُضِيَ عليه. وإن قال: لا يَسْتَحِقُّ عليَّ شُفْعَةً. فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، ويكون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَمينُه على حَسَبِ كونِه (1) في الإِنْكارِ، وإذا نَكَل وقُضِيَ عليه بالشُّفْعَةِ، عَرَض عليه الثَّمَنَ، فإذا أخَذَه دَفَع إليه. وإن قال: لا أسْتَحِقُّه. ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحَدُها، يُقَرُّ في يَدِ الشَّفِيعِ إلى أن يَدَّعِيَه المُشْتَرِي، فيُدْفَعَ إليه، كما لو أقَرَّ له بدارٍ فأنْكَرَها. والثاني، يَأْخُذُه الحاكِمُ، فيَحْفَظُه لصاحِبِه إلى أن يَدَّعِيَه، ومتى ادَّعاهُ المُشْتَرِي، دُفِعَ إليه. والثالثُ، يُقالُ له: إمّا أن تَقْبِضَه، وإمّا أن تُبْرِئَ منه. كسَيِّدِ المُكاتَبِ إذا جاءَه المُكاتَبُ بمالِ الكِتَابَةِ، فادَّعَى أنَّه حَرامٌ. اختارَه القاضِي. وهذا يُفارِقُ المُكاتَبَ؛ لأنَّ سَيِّدَه يُطالِبُه بالوَفاءِ مِن غيرِ هذا الَّذي أتَاه به، فلا يَلْزَمُه ذلك بمُجَرَّدِ دَعْوَى سَيِّدِه تَحْرِيمَ ما أتَاه به، وهذا لا يُطالِبُ الشَّفِيعَ بشيءٍ، فلا يَنْبَغي أن يُكَلَّفَ الإِبْراءَ مِمّا لا (2) يَدَّعِيه. والوَجْهُ الأوَّلُ أوْلَى، إن شاءَ اللهُ تَعالى.
(1) في م: «قوله» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قال: اشْتَرَيتُه لفُلانٍ. وكان حاضِرًا، اسْتَدْعاه الحاكِمُ وسَأْلَه، فإن صَدَّقَه، كان الشِّراءُ له والشُّفْعَةُ عليه. وإن قال: هذا مِلْكِي، ولم أشْتَرِه. انْتَقَلتِ الخُصُومَةُ إليه، وإن كَذَّبَه، حَكَم بالشِّراءِ لمَن اشْتَراه، وأخَذَ منه بالشُّفْعَةِ. وإن كان المُقَرُّ له غائِبًا، أخَذَه الحاكِمُ ودَفَعَه إلى الشَّفِيعِ، وكان الغائِبُ على حُجَّتِه إذا قَدِمَ، لأَنَّنا لو وَقَفْنا الأمْرَ في الشُّفْعَةِ إلى حُضُورِ المُقَرِّ له، كان في ذلك إسْقاطُ الشُّفْعَةِ؛ لأنَّ كلَّ مُشتَرٍ يَدَّعِي أنَّه لغائِب. وإن قال: اشْتَرَيتُه لابْنِي الطِّفْلِ. أو: لهذا الطِّفْلِ. وله عليه ولايَةٌ، لم تَثْبُتِ الشُّفْعَةُ، في أحَدِ الوَجْهَين، لأنَّ المِلْكَ ثَبَت للطِّفْلِ، ولا تَجبُ الشُّفْعَةُ بإقْرارِ الوَلِيٍّ عليه؛ لأنَّه إيجابُ حَقٍّ في مالِ صَغِير بإقْرارِ وَلِيِّه. والثاني، تَثْبُتُ، لأنَّه يَمْلِكُ الشِّراءَ له، فصَحَّ إقْرارُه فيه، كما يَصِحُّ إقْرارُه بعَيبٍ في مَبِيعِه. فأمَّا إنِ ادَّعَى عليه شُفْعَةً في شِقصٍ، فقال: هذا لفُلانٍ الغائِبِ. أو: لفُلانٍ الطِّفْلِ. ثم أقَرَّ بشِرائِه له، لم تثْبُتْ فيه الشُّفْعَةُ، إلَّا أن تَثْبُتَ ببَيِّنَةٍ، أو يَقْدَمَ الغائِبُ، ويَبْلُغَ الطِّفْلُ، فيُطالِبَهما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بها؛ لأنَّ المِلْكَ ثَبَت لهما بإقْرارِه به، وإقْرارُه بالشِّراءِ بعدَ ذلك إقْرارٌ في مِلْكِ غيرِه، فلا يُقْبَلُ، بخِلافِ ما إذا أقَرَّ بالشِّراءِ ابْتِداءً؛ لأنَّ المِلْكَ ثَبَت لهما بذلك الإِقْرارِ المُثْبِتِ للشُّفْعَةِ، فَثَبَتَا جَمِيعًا. وإن لم يَذْكُرْ سَبَبَ المِلْكِ، لم يَسْأْلَه الحاكِمُ عنه، ولم يُطالبْ ببَيانِه؛ لأنَّه لو صَرَّحَ بالشِّراءِ لم تَثْبُتْ به شُفْعَةٌ، فلا فائِدَةَ في الكَشْفِ عنه. ومَذْهَبُ الشافعيِّ في هذا الفَصْلِ كُلِّه كمَذْهَبِنا.
فصل: وإذا كانت دارٌ بينَ حاضِرٍ وغائِبٍ، فادَّعَى الحاضِرُ على مَن في يَدِه نَصِيبُ الغائِبِ أنَّه اشْتَراه منه، وأنَّه يَسْتَحِقُّه بالشُّفْعَةِ، فصَدَّقَه، فللشَّفِيع أخْذُه بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ من في يَدِه العَينُ يُصَدَّقُ في تَصَرُّفِه فيما في يَدِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، وأصحابُه. ولأصحّابِ الشافعيِّ في ذلك وَجْهان؛ أحَدُهما، ليس له أخْذُه؛ لأنَّ هذا إقْرارٌ على غيرِه. ولَنا، أنَّه أقَرَّ بما في يَدِه، فقُبِلَ إقْرارُه، كما لو أقَرَّ بأصْلِ مِلْكِه. وهكذا لو ادَّعَى عليه أنَّك بِعْتَ نَصِيبَ الغائِب بإذْنِه، وأقَرَّ الوَكِيلُ، كان كإقْرارِ البائِع بالبَيعِ. فإذا قَدِم الغائِبُ فأَنْكَرَ البَيعَ، أو الإِذْنَ في البَيعِ، فالقولُ قوله مع يَمِينِه، ويَنْتزِعُ الشِّقْصَ، ويُطالِبُ بأُجْرَتِه مَن شاءَ منهما، ويَسْتقِرُّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضَّمانُ على الشَّفِيعِ؛ لأنَّ المَنافِعَ تَلِفَتْ تحتَ يَدِه؛ فإن طَالبَ الوَكِيلَ، رَجَع على الشَّفِيعِ، وإن طالبَ الشَّفِيعَ، لم يَرْجِعْ على أحَدٍ. وإنِ ادَّعَى على الوَكِيلِ أنَّك اشْتَرَيتَ الشِّقْصَ الَّذي في يَدِكَ، فأنْكَرَ، وقال: إنَّما أنا وَكِيلٌ فيه. أوْ: مُسْتَوْدَعٌ له. فالقولُ قولُه مع يَمِينِه. وإن كان للمُدَّعِي بَيِّنَةٍ، حُكِمَ بها. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، مع أنَّ أبا حنيفةَ لا يَرَى القَضاءَ على الغائِبِ؛ لأنَّ القَضاءَ ههُنا على الحاضِرِ، لوُجُوبِ الشُّفْعَةِ عليه، واسْتِحْقاقِه انْتَزاعَ الشِّقْصِ مِن يَدِه، فحَصَلَ القَضاءُ على الغائِبِ ضِمْنًا. فإن لم تَكُنْ بَيِّنَةٍ، وطَلَب الشَّفِيعُ يَمِينَه (1)، ونَكَل الشفيعُ (2) عنها، احْتَمَلَ أن يَقْضِيَ عليه؛ لأنَّه لو أقَرَّ لقَضَى عليه، فكذلك إذا نَكَل. واحْتَمَلَ أن لا يَقْضِيَ عليه؛ لأنَّه قَضاءٌ على الغائِبِ بغيرِ بَيِّنَةٍ ولا إقْرارِ مَنِ الشِّقْصُ في يَدِه.
فصل: وإذا ادَّعَى على رجل شُفْعَةً في شِقْصٍ اشْتَراه، فقال: ليس له مِلْكٍ في شَرِكَتِي. فعلى الشَّفِيعِ إقامَةُ البَيِّنَةِ بالشَّرِكَةِ. وبه قال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ، والشافعيُّ. وقال أبو يُوسُفَ: إذا كان في يَدِه، اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ به؛ لأنَّ الظاهِرَ مِن اليَدِ المِلْكُ. ولَنا، أنَّ المِلْكَ لا يَثْبُتُ بمُجَرَّدِ اليَدِ، وإذا لم يَثْبُتِ المِلْكُ الَّذي يَسْتَحِقُّ به الشُّفْعَةَ، لم تَثْبُتْ، ومُجَرَّدُ
(1) في م: «بينة» .
(2)
في م: «الوكيل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الظاهِرِ لا يَكْفِي، كما لو ادَّعَى وَلَدَ أمَةٍ في يَدِه. فإنِ ادَّعَى أنَّ المُدَّعِيَ (1) يَعْلَمُ أنَّه شَرِيكٌ، فعلى المُشْتَرِي اليَمِينُ أنَّه لا يَعْلَمُ ذلك؛ لأنَّها يَمِينٌ على نَفْي فِعْلِ الغيرِ فكانت على العِلْمِ، كاليَمِينِ على نَفْي دَينِ المَيِّتِ، فإذا حَلَف، سَقَطَتْ دَعْواه، وإن نَكَل، قُضِيَ عليه.
فصل: إذا ادَّعَى على شَرِيكِه، أنَّك اشْتَرَيتَ نَصِيبَكَ مِن عَمْرٍو، فلِي شُفْعَتُه. فصَدَّقَه عَمْرٌو، وأنْكَرَ الشَّرِيكُ، وقال: بل وَرِثْتُه مِن أبى. فأقامَ المُدَّعِي بَيِّنَةً أنَّه كان مِلْكَ عَمْرٍو، لم تَثْبُتِ الشُّفْعَةُ بذلك. وقال محمدٌ: تَثْبُتُ، ويُقالُ له: إمّا أن تَدْفَعَه وتَأْخُذَ الثَّمَنَ، وإمّا أن تَرُدَّه إلى البائِعِ، فيَأْخُذَه الشَّفِيعُ؛ لأنَّهما شَهِدَا بالمِلْكِ لعَمْرو، فكأنَّهما شَهِدَا بالبَيعِ. ولَنا، أنَّهما لم يَشْهَدَا بالبَيعِ، وإقْرارُ عَمْرٍو على المُنْكِرِ بالبَيعِ لا يُقْبَلُ؛ لأنَّه إقْرارٌ على غيرِه، فلا يُقْبَلُ في حَقِّه، ولا تُقْبَلُ شَهادَتُه عليه، وليستِ الشُّفْعَةُ مِن حُقُوقِ العَقْدِ فيُقْبَلُ فيها قولُ البائِعِ، فصارَ بمَنْزِلَةِ ما لو حَلَف: أنِّي ما اشْتَرَيتُ الدّارَ. فقال مَن كانتِ الدّارُ مِلْكَه: أنا بِعْتُه إيّاها. لم يُقْبَلْ عليه في الحِنْثِ، ولا يَلْزَمُ عليه (2) إذا أقَرَّ البائِعُ بالبَيعِ والشِّقْصُ في يَدِه، وأنْكَرَ المُشْتَرِي الشِّراءَ؛ لأنَّ الَّذي في يَدِه الدّارُ مُقِرٌّ بها للشّفيعِ، ولا مُنازِعَ له (3) فيها سِوَاه، وههُنا مَنِ الدّارُ في يَدِه يَدَّعِيها لنَفْسِه، والمُقِرُّ
(1) في م: «المدعى عليه» .
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: الأصل.