الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا، ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ في بَلَدِهِ مِنْ نَقْدِهِ.
ــ
2352 - مسألة: (وإن لم يَكُنْ مِثْلِيًّا، ضَمِنَه (بقِيمَتِه يومَ تَلَفِه في بَلَدِه مِن نَقْدِه)
لِما روَى عبد اللهِ بنُ عمرَ، رضي الله عنهما، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيهِ قِيمَةُ العِدْلِ» . مُتَّفَق (1)
(1) سقط من: تش، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[عليه (1). فأمَرَ بالتَّقْويمِ في حِصَّةِ الشَّرِيك؛ لألها مُتْلَفَةٌ بالعِتْقِ، ولم يَأمُرْ بالمِثْلِ. ولأنَّ هذه الأشْياءَ لا تتساوَى أجْزاوها، وتَخْتَلِفُ صِفاتُها، فالقِيمَةُ فيها أعْدَلُ وأقْرَبُ إليها فكانت أوْلَى](2). في قولِ الجَماعَةِ. وحُكِيَ عن العَنْبَرِيِّ: يَجِبُ في كلِّ شيءٍ مثلُه؛ لِما رَوَتْ جَسْرَةُ بنتُ دَجاجَةَ، عن عائشةَ، رضي الله عنها، أنها قالت: ما رَأيتُ صانِعًا مثلَ حَفْصَةَ، صَنَعَتْ طَعامًا فَبَعَثَتْ به إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأخَذَنِي الأفْكَلُ (3) فكَسَرْتُ الإنَاءَ، فَقُلْتُ: يَا رسول اللهِ، ما كَفَّارَةُ ما صَنَعْتُ؟ فقال:
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة العدل، وباب الشركة في الرقيق، من كتاب الشركة، وفي: باب إذا أعتق عبدًا بين اثنين، وباب إذا أعتق نصيبًا في عبد. . . .، من كتاب العتق. صحيح البُخَارِيّ 3/ 182، 184، 185، 189، 190. ومسلم، في: أول كتاب العتق، وفي: باب من أعتق شركًا له في عبد، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 2/ 1139، 1140، 3/ 1286، 1287.
كما أخرجه أبو داوود، في: باب في من أعتق نصيبًا له من مملوك، وباب من ذكر السعاية في هذا الحدث، وباب في من روى أنَّه لا يستسعى، من كتاب العتاق. سنن أبو داود 2/ 348 - 350. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه، من أبواب الاحكام. عارضة الأحوذي 6/ 92 - 94. والنسائي، في: باب الشركة بغير مال، وباب الشركة في الرقيق، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 280، 281. وابن ماجه، في: باب من أعتق شركًا له في عبد، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه 2/ 844. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 2، 15، 4/ 37.
(2)
سقط من: تش، م.
(3)
الأفكل: الرعدة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«إنَاءٌ مِثْلُ الإنَاءِ، وَطَعَامٌ مِثْلُ الطَّعَام» . رَواه أبو داودَ (1). وعن أنس، أنَّ إحْدَى نِسَاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كَسَرتْ قَصْعَةَ الأُخرَى، فدَفَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قَصْعَةَ الكَاسِرَةِ إلى رسولِ صاحِبَةِ المَكْسُورَةِ وحَبَسَ المَكْسُورَةَ في بَيته، رَواه التِّرْمِذِيّ بنَحْوه (2). وقال: حَسَنٌ صَحِيح. [ولَنا، حديثُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، رضي الله عنهما، في العِتْقِ، وما ذَكَرْنا مِن المَعْنَى في الحديثِ مَحْمُولٌ على أنَّه جَوَّزَ ذلك بالتَّراضِي وعَلِم أنَّها تَرْضَى به](3). ويكونُ ذلك يومَ تَلَفِه؛ لِما ذَكَرنا. ويكُون في بَلَدِه
(1) في: باب في من أفسد شيئًا يغرم مثله، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 267.
كما أخرجه النسائي، في: باب الغيرة، من كتاب عشرة النساء. المجتبى 7/ 66. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 148، 277.
(2)
في: باب في من يكسر له الشيء ما يحكم له من مال الكاسر، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذي 6/ 113.؛ أخرجه البُخَارِيّ، في: باب إذا كسر قصعة أو شيئًا لغيره، من كتاب المظالم. صحيح البُخَارِيّ 3/ 179. وأبو داود، في: باب في من أفسد شيئًا يغرم مثله، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 267.
(3)
سقط من: تش، م.
وَيَتَخَرَّجُ أنْ يَضْمَنَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصَبَهُ.
ــ
مِن نَقْدِه؛ لأنَّه مَوْضِعُ الضَّمانِ، يَعْنِي يَضْمَنُه في البَلَدِ الذي غَصَبَه فيه مِن نَقْدِه (ويَتَخَرَّجُ أن يَضْمَنَه بقِيمته يومَ غَصَبَه) وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ. ورُويَ عن أحمدَ، لأَته فَوَّته عليه غَصْبِه، فكان عليه قِيمَةُ ما فوَّتَ عليه حينَ فَوَّتَه. وقد رُويَ عن أحمدَ، في رجل أخَذَ مِن رجل أرطالًا مِن كذا وكذا: أعْطاه على السِّعْرِ يومَ أخَذَه لا يومَ مُحاسَبَتِه. وكذلك (1) رُويَ عنه في حوائجِ البَقّالِ: عليه القيمةُ يومَ الأخْذِ. وهذا يَدُل على أنَّ القيمةَ تُعْتَبَرُ يومَ الغَصْبِ، والأوَّل أوْلَى. قال شيخُنا (2): ويُمْكِنُ التَّفْرِيقُ بينَ هذا وبينَ الغَصْبِ مِن قِبَل أنَّ ما أخَذَه ها هنا بإذْنِ مالِكِه مَلَكَه وحَلَّ له التَّصَرُّفُ فيه، فثَبَتَتْ قِيمَتُه يومَ مَلَكَه، ولم يَتَغَيَّرْ (3) ما ثَبَت في
(1) في تش، م:«ولذلك» .
(2)
في: المغني 7/ 405.
(3)
في تش، م:«يعتبر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذِمَّتِه بتَغَيُّرِ قِيمَةِ ما أخَذَه؛ لأنَّه مِلْكُه، والمَغْصُوبُ مِلْكُ المَغْصُوبِ منه، والواجِبُ رَدُّه لا قِيمَتُه، وإنَّما تَثْبُتُ قِيمَتُه في الذِّمَّةِ يومَ تَلَفِه أو انْقِطاعِ مِثْلِه، فاعْتُبِرَتِ القِيمَةُ حِينَئِذٍ، وتَغَيَّرَتْ بتَغَيُّرِه قبلَ ذلك، فأمَّا إن كان المَغْصُوبُ باقِيًا وتَعَذَّرَ رَدُّه، فأوجَبْنا رَدَّ قِيمَتِه، فإنَّه يُطالِبُه بها يومَ قَبْضِها، لأنَّ القِيمَةَ لم تَثْبُتْ في الذِّمةِ قبلَ ذلك، ولهذا يتَخَيَّرُ بينَ أخْذِها والمُطَالبَةِ بها، وبينَ الصَّبْرِ إلى وَقْتِ إمْكانِ الرد ومُطالبَةِ الغاصِبِ بالسَّعْيِ في رَدِّهِ، وإنَّما يَأخُذُ القِيمَةَ لأجْلِ الحَيلُولَةِ بينَه وبينَه، فيُعْتَبَرُ ما يَقُومُ مَقامَه؛ لأنَّ مِلْكَه لم يَزُلْ عنه بخِلافِ غيرِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وقد ذَكَرْنا أنَّ ما تَتَماثَلُ أجزاؤه وتَتَقارَبُ؛ كالأثْمانِ والحُبُوبِ والأدْهانِ، يُضْمَنُ بمِثْلِه. وهذا لا خِلافَ فيه. فأمّا سائِرُ المَكِيلِ والمَوْزُونِ، فظاهِرُ كَلامِ أحمدَ، أنَّه يَضْمَنُه بمِثْلِه أَيضًا، فإنَّه قال في رِوايَةِ حَرْب: ما كان مِن الدَّرَاهِمِ والدَّنانِيرِ، وما يُكالُ ويُوزَنُ. فظاهِرُه وجُوبُ المثْلِ في كلِّ مَكِيلٍ وَمْوُزونٍ، إلَّا أن يكونَ مِمّا فيه صِناعَةٌ مُباحَةٌ، كمَعْمُولِ الحَدِيدِ، والنُّحَاسِ، والرَّصَاص، والصُّوفِ، والشَّعَرِ المَغْزُولِ، فإنَّه يُضْمَنُ بقِيمَتِه؛ لأنَّ الصِّناعَةَ تُؤَثِّرُ في قِيمَتِه، وهي مُخْتَلفَة، فالقِيمَةُ فيه أحْصَرُ، فأشْبَهَ غيرَ المَكِيلِ والمَوْزُونِ. وذَكَرَ القاضي أنَّ النُّقْرَةَ والسَّبِيكَةَ مِن الأثْمانِ، والعِنَبَ، والرُّطَبَ، والكُمَّثْرَى، إنما يُضْمَنُ بقِيمَتِه. وظاهِرُ كَلامِ أحمدَ يَدُلُّ على ما قُلْنا. وإنَّما خَرَج منه ما فيه الصِّناعَةُ؛ لِما ذَكَرْنا. ويَحْتَمِلُ أن تُضْمَنَ النُّقْرَةُ بقِيمَتِها؛ لتَعَذُّرِ وُجودِ مِثْلِها إلَّا بكَسْرِ النُّقُودِ المَضْرُوبَةِ وسَبْكِها، وفيه إتْلافٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وقد قال الخِرَقِي في مَن غَصَب جارِيَةً حامِلًا فَوَلَدَتْ في يَدَيه، ثم ماتَ الوَلَدُ: أَخَذَها سَيِّدُها وقِيمَةَ وَلَدِها أكثَرَ ما كانت قِيمَتُه. فحَمَلَ القاضِيّ قولَ الخِرَقِيِّ على ما إذا اخْتَلَفَتِ القِيمَةُ لتَغَيُّرِ الأسْعارِ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ. فعلى هذا، إذا تَلِف المَغْصُوبُ، لَزِم الغاصِبَ قِيمَتُه أكثرَ ما كانت مِن يوم الغَصْبِ إلى يومِ التَّلَفِ؛ لأنَّ أكثر القِيمَتَين فيه للمَغْصُوبِ منه، فإذا تَعَذَّرَ رَدُّها، ضَمِنَه، كقِيمَتِه يومَ التَّلَفِ، وإنَّما سَقَطَتِ القِيمَةُ مع رَدِّ العَينِ. والمَذْهَب أنَّ زِيادَةَ القِيمَةِ بتَغَيُّرِ الأسْعارِ غيرُ مَضْمُونَةٍ على الغاصِبِ، وقد ذَكَرْنا ذلك. وعلى هذا، فكَلام الخِرَقِيّ محمولٌ على ما إذا اخْتَلَفَتِ القِيمَةُ لمَعْنًى في المَغْصُوبِ، مِن كِبَر، وصِغَر، وسِمَن، وهُزَالٍ، ونِسْيانٍ، ونحو ذلك، فالواجِبُ القِيمَةُ أكثر ما كانت؛ لأنَّها مَغْصُوبَةٌ في الحالِ التي زادَتْ فيها، والزيادَةُ لمالِكِها مَضْمُونَة على الغاصِبِ على ما قَدَّرْناه، بدَلِيلِ أنَّه لو رَدَّ العَينَ ناقِصَةً، لَزِمَه أرْش نَقْصِها وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَدَلُ الزِّيادَةِ. فإذا ضَمِنَ الزِّيادَةَ مع رَدِّها (1)، ضَمِنَها عندَ تَلَفِها، بخِلافِ زِيادَةِ القِيمَةِ لتَغيُّرِ الأسْعارِ، فإنَّها لا تُضْمَنُ مع رَدِّها، فكذلك مع تَلَفِها. وقولُهم: إنَّها إنَّما سَقَطَتْ مع رَدِّ العَينِ. لا يَصِحُّ؛ لأنها لو وَجَبَتْ ما سَقَطَتْ بالردِّ، كزِيادَةِ السِّمَنِ. قال القاضِي: ولم أجِدْ عن أحمدَ رِوايَةً بأنها تُضْمَنُ بأكثرِ القِيمَتَين لتَغَيُّرِ الأسْعارِ. فعلى هذا، تُضْمَنُ بقِيمَتِها يومَ التَّلَفِ. وقد رُويَ عن أحمدَ، أنَّها تُضْمَنُ بقِيمَتِها يومَ الِغَصْبِ، إلَّا أنَّ الخَلَّال قال: جَبُنَ أحمدُ عنه. كأنَّه رَجَع إلى القولِ الأوّلِ، وقد ذكرْناه.
(1) سقط من: تش، وفي م:«بقائها» .