الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، إلا أنْ تَكُونَ فِي يَدِ إِنْسَانٍ؛ كَالرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ، فَيَضْمَنُ مَا جَنَت يَدُهَا أوْ فَمُهَا دُونَ مَا جَنتْ رِجْلُهَا.
ــ
2377 - مسألة: (وما أَتْلفَتِ البَهِيمَةُ، فلا ضَمانَ على صاحِبِها، إلَّا أنَّ تكونَ في يَدِ إنسانٍ؛ كالرَّاكِبِ والسَّائِقِ والقائِدِ، فيَضْمَنُ ما جَنَتْ يَدُها أو فَمُها دونَ ما جَنَتْ برِجْلِها)
إذا أتْلَفَتِ البَهِيمَةُ شيئًا، فلا ضَمانَ على صاحِبِها، إذا لم تَكُنْ يَدُ أَحَدٍ عليها؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» (1). يَعْنِي هَدْرًا. فأمَّا إن كانت يَدُ صاحِبِها عليها، كالرَّاكِبِ والسَّائِقِ والقائِدِ، فإنَّه يَضْمَنُ. وهذا قولُ شُرَيح، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ. وقال مالكٌ: لا ضَمانَ عليه؛ لِما ذَكَرْنا مِن
(1) تقدم تخريجه في 6/ 587.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَدِيثِ، ولأنَّه جنايَةُ بَهِيمَةٍ، فلم يَضْمَنْها، كما لو لم تَكُنْ يَدُه عليها. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«الرِّجْلُ (1) جُبَارٌ» . رَواه سعيدٌ (2)، بإسْنادِه، عن الهُزَيلِ بنِ شُرَحْبيل، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وعن أبي هُرَيرَةَ (3) عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وتَخْصِيصُ الرِّجْلِ بكَوْنِها جُبارًا دَلِيلٌ على وُجُوبِ الضَّمَانِ في جِنايَةِ غيرِها، ولأنَّه يُمْكِنُه حِفْظُها مِن الجِنايَةِ إذا كان راكِبَها أو يَدُه عليها، بخِلَافِ مَن لا يَدَ له عليها، وحَدِيثُه مَحْمُولٌ على مَن لا يَدَ له عليها.
(1) في: تش، م:«والرجل» .
(2)
وأخرجه عبد الرزاق، في: باب العجماء، من كتاب العقول. المصنف 10/ 67. والدارقطني، في: كتاب الحدود والديات. سنن الدارقطني 3/ 153، 154.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب في الدابة تنفح برجلها، من كتاب الديات. سنن أبي داود 2/ 502.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَضْمَنُ ما جَنَتْ برِجْلِها. وبه قال أبو حنيفةَ. وعن أحمدَ رِوَيَة أُخرَى، أنَّه يَضْمَنُها. وهو قول شرَيحٍ، والشافِعِيِّ؛ لأنَّه مِن جنايَةِ بَهِيمَةٍ يَدُه عليها، فضَمِنَه، كجِنايَةِ يَدِها. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم «الرِّجْلُ جُبَارٌ» . ولأنَّه لا يَمْلِكُ حِفْظَ رِجْلِها عن الجِنايَةِ، فلم يَضْمَنْها، كما لو لم تَكُنْ يَدُه عليها. فأمّا إن كانت جِنايَتُها بفِعْلِه، مثلَ أنَّ كَبَحَها أو ضَرَبَها في وَجْهِها ونحو ذلك، فإنَّه يَضْمَنُ جِنايَةَ رِجْلِها؛ لأنَّه السَّبَبُ في جِنايَتِها، فكان عليه ضَمانُها، ولو كان السَّبَبُ غيرَه، مثلَ أنَّ نَخَسَها أو نَفَّرَها، فالضَّمانُ على مَن فَعَل ذلك دونَ راكِبِها وسائِقِها وقائدِها؛ لأنَّه السَّبَبُ في جِنايَتِها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كان على الدَّابَّةِ راكِبانِ، فالضَّمانُ على الأوَّلِ منهما؛ لأنَّه المُتَصَرِّفُ فيها القادِرُ على كَفِّها، إلَّا أنَّ يكونَ الأوَّلُ منهما صَغِيرًا أو مَرِيضًا ونحوَهما، ويكونَ الثاني هو المُتَوَلِّيَ لتَدْبِيرِها، فيكونُ الضمانُ عليه. فإن كان مع الدّابَّةِ قائِدٌ وسائِقٌ، فالضَّمانُ عليهما؛ لأن كلَّ واحِدٍ منهما لو انْفَرَدَ ضَمِن، فإذا اجْتَمَعا ضَمِنَا. وإن كان معهما أو مع أحَدِهما راكِبٌ، فالضَّمانُ عليهم جَمِيعًا، في أحَدِ الوَجْهَين؛ لذلك. والثاني، الضَّمانُ على الرّاكِبِ؛ لأنَّه أقْوَى يَدًا وتَصَرُّفًا. ويَحْتَمِلُ أنَّ يكونَ على القائِدِ؛ لأنَّه لا حُكْمَ للرَّاكِبِ معه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والجَمَلُ المَقْطُورُ على الجَمَلِ الذي عليه راكِبٌ، يَضْمَنُ جِنايَتَه؛ لأنَّه في حُكْمِ القائِدِ، فأمّا الجَمَلُ المَقْطُورُ على الجَمَلِ الثاني، فيَنْبَغِي أنَّ لا يَضْمَنَ جِنايَتَه، إلَّا أنَّ يكونَ له سائِقٌ؛ لأن الرَّاكِبَ الأوَّلَ لا يُمْكِنُه حِفْظُه عن الجِنايةِ. ولو كان مع الدَّابَّةِ وَلَدُها، لم يَضْمَنْ جِنايَتَه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه حِفْظُه. وذَكَر ابنُ أبي مُوسَى في «الإرْشادِ» أنَّه يَضْمَنُ، قال: لأنَّه يُمْكِنُه حِفْظُه (1) بالشَّدِّ.
(1) في تش، م:«ضبطه» .