الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا شُفْعَةَ بِشَرِكَةِ الْوَقْفِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ.
ــ
الأوَّلُ، قَضَينا عليه.
2410 - مسألة: (ولا شُفْعَةَ بِشَرِكَةِ الوَقْفِ، في أحَدِ الوَجْهَين)
ذَكَرَه القاضِيَان ابنُ أبي مُوسَى، وأبو يَعْلَى. وهو ظاهِرُ مَذْهَبِ الشافعيِّ؛ لأنَّه لا يُؤْخَذُ بالشُّفْعَةِ، فلا تَجِبُ به، كالمُجاورِ وما لا يَنْقَسِمُ. ولأنَّنا إن قُلْنا: هو غيرُ مَمْلُوكٍ. فالمَوْقُوفُ عليه غيرُ مالكٍ. وإن قُلْنا: هو مَمْلُوكٌ. فمِلْكُه غيرُ تامٍّ؛ لأنَّه لا يُبيح (1) إباحَةَ التَّصَرُّفِ في الرَّقَبَةِ، فلا يَمْلِكُ به مِلْكًا تامًّا. وقال أبو الخَطّابِ: إن قُلْنا: هو مَمْلُوكٌ. وَجَبَتْ به الشُّفْعَةُ؟؛ لأنَّه مَمْلُوكٌ بِيعَ في شَرِكَتِه شِقْصٌ، فوَجَبَتْ به الشُّفْعَةُ، كالطِّلْقِ (2)، ولأنَّ الضَّرَرَ يَنْدَفِعُ عنه بالشُّفْعَةِ، فوَجَبَتْ فيه، كوُجُوبِها في الطِّلْقِ، وإنَّما لم يَسْتَحِقَّ بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ الأخْذَ بها بَيعٌ، وهو مِمّا لا يَجُوزُ بيعُه.
(1) في الأصل: «يصح» .
(2)
لعله أراد به غير الوقف.
فَصْلٌ: وَإِنْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الطَّلَبِ بِوَقْفٍ أَوْ هِبَةٍ، سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ. نَصَّ عَلَيهَا. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا تَسْقُطُ.
ــ
فصل: (وإن تَصَرَّفَ المُشْتَرِي في المَبِيع قبلَ الطَّلَبِ بوَقْفٍ أو هِبَةٍ، سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ. نَصَّ عليه) في رِوايَةِ عليِّ بنِ سعيدٍ، وبكرِ بنِ محمدٍ. وحُكِيَ ذلك عنِ الماسَرْجِسِيِّ (1) في الوَقْفِ؛ لأنَّ الشُّفْعَةَ إنَّما تَثْبُتُ في المَمْلُوكِ، وقد خرَج بهذا عن كَوْنِه مَمْلُوكًا. قال ابنُ أبي مُوسَى: مَن اشْتَرَى دارًا فجَعَلَها مَسْجِدًا، فقد اسْتَهْلَكَها، ولا شُفْعَةَ فيها. ولأنَّ في الشُّفْعَةِ ههُنا إضْرارًا بالمَوْهُوبِ له، والمَوْقُوفِ عليه؛ لأنَّ مِلْكَه يَزُولُ عنه بغيرِ عِوَضٍ، ولا يُزَالُ الضَّرَرُ بالضَّرَرِ، بخِلافِ البَيعِ، فإنَّه إذا فَسَخ
(1) في حاشية الأصل، ر 1، ر 2:«الماسرجسي من الشافعية» .
وهو محمد بن علي بن سهل النيسابوري الماسرجسي أبو الحسن، شيخ القاضي أبي الطيب الطبري، كان إماما من الفقهاء الشافعية من أعلم الناس بالمذهب وفروع المسائل، توفي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وهو ابن ست وثمانين سنة. طبقات الشافعية (للأسنوي) 2/ 380، 381. تهذيب الأسماء 2/ 212 - 214.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البَيعَ الثانِيَ، رَجَع المُشْتَرِي الثاني بالثَّمَنِ الذي أُخِذَ منه، فلا يَلْحَقُه ضَرَرٌ، ولأنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ ههُنا يُوجِبُ رَدَّ العِوَضِ إلى غيرِ المالِكِ وسَلْبَه عن المالِكِ، وفي ذلك ضَرَرٌ، فيكونُ مَنْفِيًّا. وقال أبو بكرٍ: للشَّفِيعِ فسْخُ ذلك وأخْذُه بالثَّمَنِ الذي وَقَع به البَيعُ. وهذا قولُ مالكٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشافعيِّ (1)، وأصحابِ الرَّأْي؛ لأن الشَّفِيعَ يَمْلِكُ فَسْخَ البَيعِ الثاني والثالِثِ مع إمْكانِ الأخْذِ بهما، فَلأنْ يَمْلِكَ فسْخَ عَقْدٍ لا يُمْكِنُه الأخْذُ به أوْلَى، ولأنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ أسْبَقُ، وجَنَبَتُه أقْوَى، فلم يَمْلِكِ المُشْتَرِي تَصَرفًا يُبْطِلُ حَقَّه، ولا يَمْتَنِعُ أن يَبْطُلَ الوَقْفُ لأجْلِ حَقِّ الغَيرِ، كما لو وَقَف المَرِيضُ أمْلاكَه وعليه دَينٌ، فإنَّه إذا مات رُدَّ الوَقْفُ إلى الغُرَماءِ والوَرَثَةِ فيما زادَ على ثُلُثِه، بل لهم إبْطالُ العِتْقِ، والوَقْفُ أوْلَى. فإذا قُلْنا
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، أخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ مِمَّن هو في يَدِه، ويَفْسَخُ عَقْدَه، ويَدْفَع الثمَنَ إلى المُشْتَرِي. وحُكِيَ عن مالكٍ أنَّه يكونُ للمَوْهُوبِ له؛ لأَنه يَأْخُذُ مِلْكَه. ولَنا، أنَّ الشَّفِيعَ يُبْطِلُ الهِبَةَ، ويَأْخُذُ الشِّقْصَ بِحُكْم العَقْدِ الأوَّلِ، ولو لم يَكُنْ وَهَب كان الثَّمَنُ له، فكذلك بعدَ الهِبَةِ المَفْسُوخَةِ.