الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، تَجُوزُ فِي كُلِّ الْمَنَافِعِ إلا مَنَافِعَ الْبُضْعِ.
ــ
سَهَا عن الصلاةِ ورَاءَى ومَنَعَ المَاعُونَ.
فصل: ولا تَجُوزُ إلَّا مِن جائِزِ التَّصَرُّفِ؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ في المالِ، أشْبَهَ البَيعَ. وتَنْعَقِدُ بكلِّ لَفْظٍ أو فِعْلٍ يَدُلُّ عليها؛ كقولِه: أعَرْتُكَ هذا. أو يَدْفَعُ إليه شيئًا ويقولُ: أَبَحْتُكَ الانْتِفاعَ به. أو: خُذْ هذا فانْتَفِعْ به. أو يقولُ: أَعِرْنِي هذا. أو: أعْطِنِيه أَرْكَبْه، أو أحْمِلْ عليه. فيُسَلِّمُه (1) إليه. وأَشْباهُ هذا؛ لأنَّه إباحَةٌ للتَّصَرُّفِ، فصَحَّ بالقَوْلِ والفِعْلِ الدَّالِّ عليه، كإباحَةِ الطَّعَامِ بقَوْلِه وتَقْدِيمِه إلى الضَّيفِ.
2254 - مسألة: (وهي هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، تَجُوزُ في كلِّ المَنافِعِ إلَّا مَنافِعَ البُضْعِ)
تَجُوزُ إعارَةُ كلِّ عَين يُنْتَفَعُ بها مَنْفَعَةً مُباحَةً مع بَقائِها على الدَّوَامِ؛ كالدُّورِ، والعَبِيدِ، والجَوَارِي، والدَّوَابِّ، والثِّياب، والحَلْي لِلُّبْسِ، والفَحْلِ للضِّرابِ، والكَلْبِ للصَّيدِ، وغيرِ ذلك؛ لَأنَّ
(1) في الأصل: «أو يسلمه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعارَ أدْراعًا، وذَكَر إعارَةَ دَلْوها وفَحْلِها. وذَكَر ابنُ مسعودٍ عارِيَّةَ القِدْرِ والمِيزانِ، فثَبَتَ الحُكْمُ في هذه الأشياءِ، وما عداها يُقاسُ عليها إذا كان في مَعْناها. ولأنَّ ما جازَ للمالِكِ اسْتِيفاؤُه مِن المَنافعِ، مَلَكَ إباحَتَه إذا لم يَمْنَعْ منه مانِعٌ، كالثِّيابِ. ويَجُوزُ اسْتِعارَة الدَّراهِمِ والدَّنانِيرِ للوَزْنِ، فإن اسْتَعارَها ليُنْفِقَها، فهو قَرْضٌ. وهذا قولُ أصحابِ الرأي. وقيلَ: لا يَجُوز ذلك، ولا تكونُ العارِيَّة في الدَّنانيرِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وليس له أن يَشْتَرِيَ بها شيئًا. ولنا، أنَّ هذا مَعْنى القَرْضِ، فانْعَقَدَ القَرْضُ به، كما لو صَرَّحَ به. فأما مَنافِعُ البُضْعِ فلا تُسْتَباحُ بالبَذْلِ ولا بالإِباحَةِ إجْماعًا، وإنَّما يُباحُ بأحَدِ شَيئَينِ؛ الزَّوْجِيّةِ، ومِلْكِ اليَمِينِ، قال الله سبحانَه:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (1). ولأنَّ مَنافِعَ البُضْعِ لو أُبِيحَتْ بالبَذْلِ والعارِيَّةِ لم يُحَرَّمِ الزِّنَى؛ لأنَّ الزَّانِيَةَ تَبْذُلُ نَفْسَها (2) له، والزَّانِي مِثْلُها.
(1) سورة المؤمنون: 5 - 7، سورة المعارج: 29 - 31.
(2)
في م: «نفعها» .