الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْبَيعِ، لَمْ تَسْقُطْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ.
ــ
أصحابُ الرَّأْي: تَسْقُطُ؛ لأنَّ العَقْدَ تَمَّ به، فأشْبَهَ البائِعَ إذا باعَ بعضَ نَصِيبِ نَفْسِه. ولَنا، أنَّ هذا سَبَبٌ سَبَقَ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ، فلم تَسْقُطْ به الشُّفْعَةُ، كالإِذْنِ في البَيعِ، والعَفْو عن الشُّفْعَةِ قبلَ تَمامِ البَيعِ. وما ذَكَرُوه لا يَصِحُّ؛ فإنَّ البَيعَ لا يَقِفُ على الضَّمانِ، ويَبْطُلُ بما إذا كان المُشْتَرِي شَرِيكًا، فإنَّ البَيعَ تَمَّ به، وثَبَتَتْ له الشُّفْعَةُ بقَدْرِ نَصِيبِه.
2397 - مسألة: (وإن أسْقَطَ شُفْعَتَه قبلَ البَيعِ، لم تَسْقُطْ. ويَحْتَمِلُ أن تَسْقُطَ)
إذا عَفَا الشَّفِيعُ عن الشُّفْعَةِ قبلَ البَيعِ، فقال: قد أذِنْتُ في البَيعِ. أو: أسْقَطْتُ شُفْعَتِي. أو ما أشْبَهَ ذلك، لم تَسْقُطْ، وله المُطالبَةُ بها، في ظاهِرِ المَذْهَبِ. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ، والبَتِّيُّ، وأصحابُ الرَّأْي. وعن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّ الشُّفْعَةَ تَسْقُطُ بذلك؛ فإنَّ إسماعيلَ بنَ سعيدٍ قال: قُلْتُ لأحمدَ: ما مَعْنَى قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ بَينَهُ وَبَينَ أَخِيه رَبْعَةٌ فَأَرادَ بَيعَهَا، فَلْيَعْرِضْهَا عَلَيهِ» (1). وقد جاء في بعضٍ الحديثِ: «لَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا أَنْ يَعْرِضَها عَلَيهِ» . إذَا كَانتِ الشُّفْعَةُ ثابتة له (2)؟ فقال: ما هو ببَعِيدٍ مِن أن يكونَ على ذلك، وأن لا تكونَ
(1) أخرجه بنحوه الإمام أحمد، في: المسند 3/ 312، 316، 397.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
له شُفْعةٌ. وهذا قولُ الحَكَمِ، والثَّوْرِيِّ، وأبي خَيثَمةَ، وطائفةٍ مِن أهْلِ الحَدِيثِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: وقد اخْتُلِفَ فيه عن أحمدَ، فقال مَرَّةً: تَبْطُلُ شُفْعَتُه. وقال مَرَّةً: لا تَبْطُلُ. واحْتَجُّوا بقَوْل النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ شَرِكَةٌ فِي أَرْض؛ رَبْعَةٍ أوْ حَائِطٍ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أنْ يَبِيعَ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإنْ شَاءَ أخَذَ، وَإنْ شَاءَ تَرَكَ» (1). ومُحَالٌ أن يَقُولَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» . فلا يَكُونُ لتَرْكِه مَعْنًى. ولأنَّ مَفْهُومَ قَوْلِه: «فَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْه فَهُوَ أحَقُّ بِهِ» . أنَّه إذا باعَه بإذْنِه لا حَقَّ له. ولأنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ في مَوْضِعِ الاتِّفاقِ على خِلافِ الأصْلِ؛ لكَوْنِه يَأْخُذُ مِلْكَ المُشْتَرِي بغيرِ رِضَاه، ويُجْبِرُه على المُعاوَضَةِ به لدُخولِه مع البائِع [في العَقْدِ](2) الذي أساءَ فيه بإدْخالِه الضَّرَرَ على شَرِيكِه، وتَرْكِه الإِحْسانَ إليه في عَرْضِه (3) عليه. وهذا المعنى مَعْدُومٌ ههُنا، فإنَّه قد عَرَضَه عليه، وامْتِناعُه مِن أخْذِه دَلِيلٌ على عَدَمِ الضَّرَرِ في حَقِّه ببَيعِه، فإن كان
(1) تقدم تخريجه في صفحة 357.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «عوضه» .