الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ مَال حَائِطُهُ، فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيئًا، لَمْ يَضْمَنْهُ، نَصَّ عَلَيهِ. وَأَوْمَأَ في مَوْضِعٍ، أَنَّهُ إِنْ تُقُدِّمَ إِلَيهِ بِنَقْضِهِ وَأُشْهِدَ عَلَيهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، ضَمِنَ.
ــ
الجَناحِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ إخْراجَه مُباحٌ، بل هو مُحَرَّمٌ؛ لأنَّه أخْرَجَ إلى هَواءِ مِلْكِ غيرِه شَيئًا [يضُرُّ به، أشْبهَ ما أخْرَجَه إلى مِلْكِ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ بغيرِ إذْنِه. فأمَّا إن أخْرَجَه إلى مِلْكِ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ بغيرِ إذْنِه، فهو مُتَعَدٍّ، ويَضْمَنُ ما تَلِفَ به. لا نَعْلَمُ في ذلك خِلَافًا.
2376 - مسألة: (وإن مال حائِطُه، فلم يَهْدِمْه حتى أَتْلَفَ شيئًا]
(1)، لم يَضْمَنه. نَصَّ عليه. وأوْمَأَ في مَوْضِعٍ، أنَّه إن تُقُدِّمَ إليه لنَقْضِه وأُشْهِدَ عليه، فلم يَفْعَلْ، ضَمِن) إذا كان في مِلْكِه حائِطٌ مُسْتَوٍ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[أو مائِلٌ إلى مِلْكِه](1)، أو بِناءٌ كذلك، فسَقَطَ مِن غيرِ اسْتِهْدامٍ ولا مَيلٍ، فلا ضَمانَ على صاحِبِه فيما تَلِفَ به؛ لأنَّه لم يَتَعدَّ ببِنائِه، ولا حَصَل منه تَفْرِيطٌ بإبْقائِه، وإن مال قبلَ وُقُوعِه إلى مِلْكِه ولم يَتَجاوَزْه، فلا ضَمان عليه أيضًا؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ بِنائِه مائِلًا في مِلْكِه، وإن مال قبلَ وُقُوعِه إلى هَواءِ الطَّرِيقِ، أو إلى مِلْك إنْسانٍ، أو مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ بينَه وبينَ غيرِه، وكان بحيثُ لا يُمْكِنُه نَقْضُه، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه لم يتَعدَّ ببِنائِه، ولا فَرَّطَ في تَرْكِ نَقْضِه؛ لعَجْزِه عنه، أشْبَهَ ما لو سَقَط مِن غيرِ مَيلٍ. فإن أمْكَنَه نَقْضُه ولم يَنْقُضْه ولم يُطالبْ بذلك، لم يَضْمَنْ، في المَنْصُوصِ عن أحمدَ. وهو الظّاهِرُ (2) عن الشافعيِّ. ونحوُه قولُ الحسنِ، والنَّخَعِيِّ، والثَّوْرِيِّ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «المنصوص» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصحابِ الرَّأْي؛ لأنَّه بَناه في مِلْكِه، والمَيلُ حادِثٌ بغيرِ فِعْلِه، أشْبَهَ ما لو وَقَع قبلَ مَيلِه. وذَكَر بعضُ أصحابِنا فيه وَجْهًا آخَرَ، أنَّ عليه الضَّمانَ. وهو قولُ ابنِ أبي لَيلَى، وأبِي ثَوْرٍ، وإسحاقَ؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ بتَرْكِه مائِلًا فضَمِنَ ما تَلِفَ به، كما لو بَناه مائِلًا إلى ذلك ابْتِداءً، ولأنَّه لو طُولِبَ بنَقْضِها فلم يَفْعَلْ، ضَمِن ما تَلِف به، ولو لم يَكُنْ مُوجبًا للضَّمانِ لم يَضْمَنْ بالمُطالبَةِ، كما لو لم يَكُنْ مائِلًا أو كان مائِلًا إلى مِلْكِه. وأمّا إن طُولِبَ بنَقْضِه فلم يَفْعَلْ، فقد تَوَقَّفَ أحمدُ عن الجَوابِ فيها. وقال أصحابُنا: يَضْمَنُ. وقد أوْمَأَ إليه أحمدُ. وهو مَذْهَبُ مالِكٍ. ونحوَه قال الحسنُ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: الاسْتِحْسانُ أن يَضْمَنَ؛ لأنَّ حَقَّ الجَوازِ للمُسْلِمينَ، ومَيلُ الحائِطِ يَمْنَعُهم ذلك، فكان لهمُ المُطالبَةُ بإزالتِه، فإذا لم يُزِلْه، ضَمِنَ، كما لو وَضَع شيئًا على حائِطِ نَفْسِه فسَقَطَ في مِلْكِ غيرِه فطُولِبَ برَفْعِه فلم يَفْعَلْ حتى عَثَر به
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنْسانٌ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا ضَمانَ عليه. قال أبو حنيفةَ: وهو القِياسُ. لأنَّه بَناه في مِلْكِه ولم يَسْقُطْ بفِعْلِه، فأشْبَهَ ما لو لم يُطالبْ بنَقْضِه، أو سَقَط قبلَ مَيلِه، أو لم يُمْكِنْه نَقْضُه، ولأنَّه لو وَجَب الضَّمانُ به لم تُشْتَرَطِ المُطالبَةُ به، كما لو بَناه مائِلًا إلى غيرِ مِلْكِه. فإن قُلْنا: عليه الضَّمانُ إذا طُولِبَ. فإنَّ المُطالبَةَ مِن كلِّ مُسْلمٍ أو ذِمِّيٍّ تُوجِبُ الضَّمانَ، إذا كان مَيلُه إلى الطَّرِيقِ؛ لأنَّ لكلِّ واحِدٍ منهم حَقَّ المُرُورِ، فكانت له المُطالبَةُ، كما لو مال الحائِطُ إلى مِلْكِ جَماعَةٍ كان لكلِّ واحِدٍ منهم المُطالبَةُ. وإذا طالبَ واحِدٌ، فاسْتَأْجَلَه صاحِبُ الحائِطِ، أو أَجَّلَه الإِمامُ، لم يَسْقُطْ عنه الضَّمانُ؛ لأنَّ الحَقَّ لجميعِ المُسْلِمينَ، فلا يَمْلِكُ الواحِدُ منهم إسْقاطَه. وإن كانتِ المُطالبَةُ لمُسْتَأْجِرِ الدّارِ ومُرْتَهِنِها ومُسْتَعِيرِها أو (1)
(1) في م: «و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُسْتَوْدَعِها، فلا ضَمانَ عليهم؛ لأنَّهم لا يَمْلِكُونَ النَّقْضَ، وليس الحائِطُ مِلْكًا لهم، وإن طُولِبَ المالِكُ في هذه الحالِ، فلم يُمْكِنْه اسْتِرْجاعُ الدّارِ ونَقْضُ الحائِطِ، فلا ضَمانَ عليه؛ لعَدَمِ تَفْرِيطِه، وإن أمْكَنَه اسْتِرْجاعُها كالمُعِيرِ والمُودِعِ والرَّاهِنِ إذا أمْكَنَه فَكاكُ الرَّهْنِ فلم يَفْعَلْ، ضَمِن؛ لأنَّه أمْكَنَه النَّقْضُ. وإن كان المالِكُ مَحْجُورًا عليه لسَفَهٍ أو صِغَرٍ أو جُنُونٍ، فطُولِبَ هو، لم يَلْزَمْه الضَّمانُ؛ لأنَّه ليس أهْلًا للمُطالبَةِ، وإن طُولِبَ وَلِيُّه أو وَصِيُّه، فلم يَنْقُضْه، فالضَّمانُ على المالِكِ؛ لأنَّ سَبَبَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضَّمانِ مالُه، فكان الضَّمانُ عليه دونَ المُتَصَرِّفِ (1)، كالوَكِيلِ مع المُوَكِّلِ. وإن كان المِلْكُ مُشْتَرَكًا بين (2) جَماعَةٍ، فطُولِبَ أحَدُهُم بنَقْضِه، احْتَمَلَ وَجْهَين؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه شيءٌ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه نَقْضُه بدونِ إذْنِهِم، فهو كالعاجِزِ. والثاني، يَلْزَمُه بحِصَّتِه؛ لأنَّه يتَمَكَّنُ مِن النَّقْضِ بمُطالبَتِه شُرَكاءَه وإلْزَامِهِم النَّقْضَ، فصارَ بذلك مُفَرِّطًا. فإن كان مَيلُ الحائِطِ إلى مِلْكِ آدَمِيّ مُعَيَّن إمّا واحِدٍ أو جَماعَةٍ، فالحُكْمُ على ما ذَكَرْنا، إلَّا أنَّ المُطالبَةَ تكونُ للمالكِ، أو ساكِنِ المِلْكِ الذي مال إليه دُونَ غيرِه. وإن كان لجَماعَةٍ، فأَيُّهم طالبَ، وَجَب النَّقْضُ بمُطالبَتِه، كما لو طالبَ واحِدٌ بنَقْضِ المائِلِ إلى الطَّرِيقِ، إلَّا أنَّه متى طُولِبَ ثم أجَّلَه صاحِبُ المِلْكِ، أو أبْرَأَة منه، أو فَعَل ذلك ساكِنُ الدّارِ التي مال إليها، جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لِه، وهو يَمْلِكُ إسْقاطَه. وإن مال إلى دَرْبٍ غيرِ نافِذٍ، فالحَقُّ لأَهلِ الدَّرْبِ، والمُطالبَةُ لهم؛ لأنَّ المِلْكَ لهم، ويَلْزَمُ النَّقْضُ بمُطالبَةِ أحَدِهِم، ولا يَبْرَأُ بإبْرائِه وتَأْجيلِه، إلَّا أن يَرْضَى بذلك جَمِيعُهم؛ لأنَّ الحَقَّ للجَمِيعِ.
(1) في م: «التصرف» .
(2)
في الأصل: «مع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن لم يَمِلِ الحائِطُ لكنْ تَشَقَّقَ، فإن لم يُخْشَ سُقُوطُه؛ لكَوْنِ شُقُوقِه بالطُّولِ، لم يَجِبْ نَقْضُه، وحُكْمُه حُكْمُ الصَّحِيحِ، قِياسًا عليه. وإن خِيفَ وُقُوعُه؛ لكَوْنِه مَشْقُوقًا بالعَرْضِ، فحُكْمُه حُكْمُ المائلِ؛ لأنَّه يُخافُ منه التَّلَفُ، أشْبَهَ المائِلَ.
فصل: ولو بَنَى في مِلْكِه حائِطًا مائِلًا إلى الطَّريقِ أو إلى مِلْكِ غيرِه، فتَلِفَ به شيءٌ أو سَقَط على شيءٍ أتْلَفَه، ضَمِن؛ لتَعَدِّيه، فإنَّه ليس له البِناءُ في هَواءِ مِلْكِ غيرِه أو هَواءٍ مُشْتَرَكٍ، ولأنَّه يُعَرِّضُه للوُقُوعِ على غيرِه في غيرِ مِلْكِه، أشْبَهَ ما لو نَصَب فيه مِنْجَلًا يَصِيدُ به. وهذا مَذْهَبُ الشافِعِيِّ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا تُقُدِّمَ إلى صاحِبِ الحائِطِ المائِلِ بنَقْضِه، فبَاعَه مائِلًا، فسَقَطَ على شيءٍ، فتَلِفَ به، فلا ضَمانَ على بائِعِه؛ لأنَّه ليس بمِلْكِه، ولا على المُشْتَرِي؛ لأنَّه لم يُطالبْ بنَقْضِه، وكذلك إن وَهَبَه وأقْبَضه، وإن قُلْنا بلُزُومِ الهِبَةِ، زال الضَّمانُ عنه بمُجَرَّدِ العَقْدِ. وإذا وَجَب الضَّمانُ وكان التّالِفُ به آدَمِيًّا، فالدِّيَةُ على عاقِلَتِه، فإن أنْكَرَتِ العاقِلَةُ كَوْنَ الحائِطِ لصاحِبِهم، لم يَلْزَمْهُم، إلَّا أنَّ يَثْبُتَ ذلك ببَيِّنةٍ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الوُجُوبِ عليهِم، فلا يَجِبُ بالشَّكِّ، وإنِ اعْتَرَفَ صاحِبُ الحائِطِ، فالضَّمانُ عليه دُونهم؛ لأنَّ العاقِلَةَ لا تَحْمِلُ الاعْتِرافَ، وكذلك إن أنْكَرُوا مُطالبَتَه بنَقْضِه، فالحُكْمُ على ما ذَكَرْنا. وإن كان الحائِطُ في يَدِ صاحِبِهم، وهو ساكِنٌ في الدّارِ، لم يَثْبُتْ بذلك الوُجُوبُ عليهم؛ لأنَّ دَلالةَ ذلك على المِلْكِ مِن جِهَةِ الظاهِرِ، والظاهِرُ لا تَثْبُتُ به الحُقُوقُ، وإنَّما تُرَجَّحُ به الدَّعْوَى.