الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَبَسَهُ مُدَّةً، فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
2294 - [مسألة: (وإن حَبَسَه مُدَّةً، فهل تَلْزَمُه أُجْرَتُه؟ على وَجْهَين)]
(1) إذا حَبَسَه مُدَّةً لمِثْلِها أُجْرَةٌ، ففيه وَجْهان، أحَدُهما، يَلْزَمُه أَجْرُ تلك المُدَّةِ، لأنَّه فَوَّتَ مَنْفَعَتَه، وهي مالٌ يَجُوزُ أَخْذُ العِوَضِ عنها،
(1) سقط من: تش، م.
فَصْلٌ: وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إِنْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهِ، وَإنْ غَرِمَ عَلَيهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ.
ــ
فضُمِنَتْ بالغَصْبِ، كمنافعِ العَبْدِ. والثاني، لا يَلْزَمُه أجْرُ تلك المُدَّةِ؛ لأنَّها تابِعَةٌ لما لا يَصِحُّ غَصْبُه، فأشْبَهَتْ ثِيابَه إذا بَلِيَتْ عليه، وأطْرافَه، ولأنَّها تَلِفَتْ تحتَ يَدَيه، فلم يَجبْ ضَمانُها، كما ذَكَرْنا. ولو مَنَعَه العَمَلَ مِن غيرِ حَبْسٍ لم يَضْمَنْ مَنافِعَه، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّه لو فعَل ذلك بالعَبْدِ لم يَضْمَنْ مَنافِعَه، فالحُرُّ أوْلَى. ولو حَبَسَ الحُرَّ وعليه ثِيابٌ، لم يَلْزَمْه ضَمانُها؛ لأنَّها تابِعَةٌ لما لم تَثْبُتِ اليَدُ عليه في الغصْب. وهذا كلُّه مَذْهَبُ الشافِعِيِّ.
فصل: وقال الشيخُ، رحمه الله:(ويَلْزَمُه رَدُّ المَغْصُوب إن قَدَر على رَدِّه، وإن غَرِم عليه أضْعافَ قِيمَتِه)[وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ المَغْصُوبَ متى كان باقِيًا وَجَب رَدُّه](1)؛ لقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْيَدِ مَا أخَذَتْ حَتَّى تَرده (2)» . رَواه أبو داودَ، وابنُ ماجَه، والتِّرْمِذِيُّ (3). وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وروَى عبدُ اللهِ بنُ السّائِبِ، عن أبِيه، عن جَدِّه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَأْخُذْ أحَدُكُمْ مَتَاعَ صَاحِبِه لَاعِبًا جادًّا (4)، وَمَنْ أخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا» . رَواه أبو
(1) في تش، م:«إذا كان باقيا» .
(2)
في مصادر التخريج: «تؤديه» .
(3)
تقدم تخريجه في 4/ 90.
(4)
في الأصل وسنن أبي داود: «ولا جادا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
داودَ (1). يَعْنِي أنَّه يَقْصِدُ المَزْحَ مع صاحِبِه بأَخْذِ مَتاعِه، وهو جادٌّ في إدْخالِ الغَمِّ والغَيظِ عليه. ولأنَّه أَزال يَدَ المالِكِ عن مِلْكِه بغيرِ حَقٍّ، فلَزِمَتْه إعادَتُها. وأجْمَعَ العُلَماءُ على وُجُوبِ رَدِّ المَغْصُوبِ إذا كان بِحالِه لم يتَغَيرْ، ولم يَشْتَغِلْ بغيرِه.
فصل: فإن غَصَبَ شيئًا فبَعَّدَه، لَزِم رَدُّه وإن غَرِم عليه أضْعافَ قِيمَتِه؛ لأنَّه جَنَى بتَبْعِيدِه، فكان ضَرَرُ ذلك عليه. فإن قال الغاصِبُ: خُذْ مِنِّي أجْرَ رَدِّه وتَسَلَّمْه مِنِّي ههُنا. أو بَذَلَ له أكْثَرَ مِن قِيمَتِه ولا يَسْتَرِدُّه، لم يَلْزَمِ المالِكَ قَبُولُ ذلك؛ لأنَّها مُعاوَضَةٌ، فلا يُجْبَرُ عليها، كالبَيعِ. وإن قال المالِكُ: دَعْهُ لي في مَكانِه الذي نَقَلْتَه إليه. لم يَمْلِكِ الغاصِبُ رَدَّه؛ لأنَّه أسْقَطَ عنه حَقًّا، فسَقَطَ وإن لم يَقْبَلْه، كما لو أَبْرأَهُ مِنِ دَينِه. وإن قال: رُدَّه لي إلى بعضِ الطرَّيقِ. لَزِمَه؛ لأنَّه يَلْزَمُه جَمِيعُ المَسافةِ، فلَزِمَه بعضُها المَطْلُوبُ، وسَقطَ عنه ما أسْقَطَه، كما لو أسْقَطَ عنه بعضَ دَينِه. وإن طَلَبَ منه حَمْلَه إلى مَكانٍ آخَرَ في غيرِ طَرِيقِ الرَّدِّ، لم يَلْزَم الغاصِبَ ذلك، سَواء كان أقْرَبَ مِن المكانِ الذي يَلْزَمُه رَدُّه إليه أَوْ لا؛ لأَنَّه مُعاوَضَةٌ. وإن قال: دَعْهُ في مَكانِه وأعْطِنِي أَجرَ رَدِّه. لم يَلْزَمْه ذلك، ومهما اتَّفَقا عليه مِن ذلك جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، لا يَخْرُجُ عنهما.
(1) في: باب من يأخذ الشيء على المزاح، من كتاب الأدب. سنن أبي داود 2/ 597.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء لا يحل لمسلم أن يروع مسلما، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذي 9/ 5. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 221.