الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ، وَإنْ شُرِطَ نَفْيُ ضَمَانِهَا.
ــ
فصل: وليس له أن يَرْهَنَه بغيرِ إذْنِ مالِكِه، وله ذلك بإذْنِه، بشُرُوطٍ ذَكَرْناها في بابِ الرَّهْنِ مُفَصَّلَةً، وذَكَرْنا الاخْتِلافَ في ذلك. ولا يَصِيرُ المُعِيرُ ضامِنًا للدَّينِ. وقال الشّافِعِيُّ: يَصِيرُ ضامِنًا في رَقَبَةِ عَبْدِه. في أحَدِ قَوْلَيه؛ لأنَّ العارِيَّةَ ما يُسْتَحَقُّ به مَنْفَعَةُ العَينِ، والمَنْفَعَةُ ههُنا للمالِكِ، فدَلَّ على أنَّه ضَمانٌ. ولَنا، أنَّه أعَارَه ليَقْضِيَ منه حاجَةً (1)، فلم يكُنْ ضامِنًا، كسائِرِ العَوَارِي، وإنَّما يَسْتَحِقُّ بالعارِيَّةِ النَّفْعَ المَأْذُونَ فيه، وما عداه مِن النَّفْعِ فهو لمالِكِ العَينِ. واللهُ أعْلَمُ.
2275 - مسألة: (والعارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ بقِيمَتِها يومَ التَّلَفِ، وإن شُرِطَ نَفْيُ ضَمانِها)
سَواء تَعَدَّى المُسْتَعِيرُ فيها أو لم يَتَعدَّ. رُوِيَ ذلك عن ابنِ عباسٍ، وأبي هُرَيرَةَ. وهو قولُ الشافعيِّ، وإسحاقَ. وقال
(1) في م: «حاجته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحسنُ، والنَّخَعِيُّ، والشَّعْبِيُّ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، ومالكٌ، والأوْزاعِيُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ (1): هي أمانَةٌ، لا يَجبُ ضَمانُها إلَّا بالتَّعَدِّي؛ لِما روَي عَمْرُو بنُ شعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيسَ عَلَى المُسْتَعِيرِ غَير المُغِلِّ (2) ضَمَانٌ» (3). ولأنَّه قَبَضَها بإذْنِ مالِكِها، فكانت أمانَةً، كالوديعَةِ. قالوا: وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «الْعَارِيَّةُ مُؤدَّاةٌ» (4). يَدُلُّ على أنَّه أمانَة؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (5). ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَدِيثِ صَفْوانَ:«بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَة» (6). وروَى الحَسَنُ، عن سَمُرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«عَلَى الْيَدِ مَا أَخذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» .
(1) في الأصل، ر، ق:«سيرين» .
(2)
المغل: الخائن.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب العارية، من كتاب البيوع. المصنف 8/ 178. والدارقطني، في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني 3/ 41. والبيهقي، في: باب من قال لا يغرم، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 6/ 91.
(4)
تقدم تخريجه في 13/ 6.
(5)
سورة النساء 58.
(6)
تقدم تخريجه في صفحة 63.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَواه أبو داودَ، والتِّرْمِذِيُّ (1). وقال: حَدِيثٌ حَسَن غَرِيبٌ. ولأنَّه أخَذَ مِلْكَ غيرِه لنَفْعِ نَفْسِه مُنْفَرِدًا بنَفْعِه، مِن غيرِ اسْتِحْقاقٍ ولا إذْنٍ في الإتْلافِ، فكان مَضْمُونًا، كالمَغْصُوبِ، والمَأْخُوذِ على وَجْهِ السَّوْمِ. وحَدِيثُهم يَرْويه عمرُ (2) بنُ عبدِ الجَبَّارِ، عن عُبَيدِ بنِ حَسَّانٍ، عن عَمْرِو بنِ شُعَيبٍ، وعُمَرُ وعُبَيدٌ ضَعِيفان. قاله الدَّارَقُطْنِيُّ. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ ضَمانَ المَنافِعِ والأجْرِ، وقِياسُهُم مَنْقُوضٌ بالمَقْبُوضِ على وجهِ السَّوْمَ.
فصل: وإن شَرَط نَفْيَ الضَّمانِ، لم يَسْقُطْ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حَفْص العُكْبَرِيُّ: يَسْقُطُ. قال أبو الخَطّابِ: أَوْمأَ إليه أحمدُ. وبه قال قَتادَةُ، والعَنْبَرِيُّ؛ لأنَّه لو أَذِنَ في إتْلافِها، لم يَجِبْ ضَمانُها. فكذلك إذا أسْقَطَ عنه ضَمانَها. وقيل. بل مَذْهَبُ قَتادَةَ والعَنْبَرِيِّ، أنَّها لا تُضْمَنُ إلَّا أنَّ يَشْتَرِطَ ضَمانَها فيَجِبَ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في تضمين العارية، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 265. والترمذي، في: باب ما جاء في أن العارية مؤداة، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 269.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب العارية، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجه 2/ 802. والدارمي، في: باب في العارية مؤداة، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 264. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 8، 12.
(2)
في الأصل، تش:«عمرو» .