الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ شَرَطَا أنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ أَصْحَابَهُ أَوْ غَيرَهُمْ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَفِي صِحَّةِ الْمُسَابَقَةِ وَجْهَانِ.
ــ
فسَبَقَ خَمْسَةٌ، وصَلَّى خَمْسَةٌ، فعلى الوَجْهِ الأوَّل، للسّابِقِين عَشَرَةٌ، لكلِّ واحدٍ منهم دِرْهمان، وللمُصَلِّين خَمْسَةٌ، لكل واحِدٍ منهم دِرْهَمٌ. وعلى الوَجْهِ الثانِي، لكلِّ واحِدٍ مِن السّابِقِين عَشَرَةٌ، فيكونُ لهم خَمْسُون، ولكلِّ واحِدٍ مِن المُصَلِّين خَمْسَةٌ، فيكونُ لهم خَمْسَةٌ وعِشْرُون. ومَن قال بالوَجْهِ الأوَّلِ، احْتَمَل على قَوْلِه أن لا يَصِحَّ العَقْدُ على هذا الوَجْهِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يَسْبِقَ تِسْعَةٌ، فيكونَ لهم عَشَرَةٌ، لكلِّ واحِدٍ منهم دِرْهَمٌ وتُسْعٌ، ويُصَلِّيَ واحِدٌ، فيكونَ له خَمْسَةٌ، فيكونَ للمُصلِّي مِن الجُعْلِ أكْثَرُ ممّا للسّابِقِ، فيفوتَ المَقْصودُ.
2238 - مسألة: (وإن شَرَطا أنَّ السّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ أصْحابَهُ أو غيرَهم، لم يَصِحَّ الشَّرْطُ. وفي صِحَّةِ المُسابَقَةِ وَجْهان)
لأنَّه عِوَضٌ على عَمَلٍ، فلا يَسْتَحِقُّه غيرُ العامِلِ، كالعِوَضِ في رَدِّ الآبِقِ. ولا يَفْسُدُ العَقْدُ. وبه قال أبو حنيفةَ. وقال الشافعيُّ: يَفْسُدُ. ولَنا، أنَّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَقْدٌ لا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُه على تَسْمِيَةِ بَدَلٍ، فلم يَفْسُدْ بالشَّرْطِ الفاسِدِ، كالنِّكاحِ. وذَكَرَ القاضي أنَّ الشُّرُوطَ الفاسِدَةَ في المُسابَقَةِ تَنْقَسِمُ قِسْمَين؛ أحَدُهما، ما يُخِلُّ بشَرْطِ صِحَّةِ العَقْدِ، نحوَ أن يَعُودَ إلى جَهالةِ العِوَضِ، أو المَسافَةِ، ونحوهما، فيَفْسُدُ العَقْدُ؛ لأنَّ العَقْدَ لا يَصِحُّ مع فَواتِ شَرْطِه. والثانِي، ما لا يُخِلُّ بشَرْطِ العَقْدِ، نحوَ أن يَشْتَرِطَ أن يُطْعِمَ السَّبَقَ أصْحابَه أو غيرَهم، أو يَشْتَرِطَ أنّه إذا نَضَل لا يَرْمِي أبدًا، أو لا يَرْمِي شَهْرًا، أو شَرَطا أنَّ لكلِّ واحِدٍ منهما أو لأحَدِهما فَسْخَ العَقْدِ متى شاء بعدَ الشُّرُوعِ في العَمَلِ، وأشْباهُ هذا، فهذه شُرُوطٌ باطِلَةٌ في نَفْسِها، وفي العَقْدِ المُقْتَرِنِ بها وَجْهان؛ أحَدُهما، صِحَّتُه؛ لأنَّ العَقْدَ تَمَّ بأرْكانِه وشُرُوطِه، فإذا حُذِف الزّائِدُ الفاسِدُ بَقِيَ العَقْدُ صَحِيحًا. والثانِي، يَبْطُلُ (1)؛ لأنَّه بَذَل العِوَضَ لهذا الغَرَضِ، فإذا لم يحْصُلْ له غَرَضُه، لا يَلْزَمُه العِوَضُ. وكلُّ مَوْضِعٍ فَسَدَتِ المُسابَقَةُ، فإن كان السّابِقُ المُخْرِجَ، أمْسَكَ سَبَقَه، وإن كان الآخَرَ، فله أجْرُ عَمَلِه؛ لأنَّه عَمَلٌ بعِوَضٍ لم يُسَلَّمْ له، فاسْتَحَقَّ أجْرَ المِثْلِ، كالإجارَةِ الفاسِدَةِ.
(1) في م: «لا يبطل» .
فَصْلٌ: وَالْمُسَابَقَةُ جَعَالةٌ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، إلا أنْ يَظْهَرَ الْفَضْلُ لأحَدِهِمَا، فَيَكُونَ لَهُ الْفَسْخُ دُونَ صَاحِبِهِ.
ــ
فصل: قال، رحمه الله:(والمُسابَقَةُ جَعالةٌ، لكلِّ واحِدٍ منهما فَسْخُها، إلَّا أن يَظْهَرَ الفَضْلُ لأحَدِهما، فيَكُونَ له الفَسْخُ دُونَ صاحِبِه) ذَكَرِه ابنُ حامِدٍ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. وقال في الآخرِ: هو لازِمٌ إن كان العِوَضُ منهما، وجائِزٌ إن كان مِن أحَدِهما أو مِن غيرِهما. وذَكَرَه القاضي احْتِمالًا؛ لأنَّه عَقْدٌ مِن شَرْطِه أن يكونَ العِوَضُ والمُعَوَّضُ مَعْلُومَين (1)، فكان لازِمًا، كالإِجارَةِ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ على ما لا تتَحَقَّقُ القدْرَةُ على تَسْلِيمِه، فكان جائِزًا، كرَدِّ الآبِقِ، وذلك لأنَّه عَقْدٌ على الإِصابَةِ، ولا يدْخُلُ تحتَ قُدْرَته، وبهذا فارَقَ الإِجارَةَ. فعلى هذا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لكلِّ واحِدٍ مِن المُتَعاقِدَين الفَسْخُ قبلَ الشُّرُوعِ في المُسابَقَةِ. وإن أراد أحَدُهما الزِّيادَةَ فيها أو النُّقْضانَ منها، لم يَلْزَمِ الآخَرَ إِجابَتُه. فأمّا بعدَ الشُّرُوعِ فيها، فإن لم يَظْهَرْ لأحَدِهما فَضْلٌ [على الآخرِ، جاز الفَسْخُ لكلِّ واحِدٍ منهما، وإن ظَهَر لأحَدِهما فَضْلٌ](1)، مثلَ أن يَسْبِقَه بفَرَسِه في بعضِ المسافَةِ، أو يُصِيبَ بسِهامِه أكْثَرَ منه، فللفاضِلِ الفَسْخُ دُونَ المَفْضُولِ؛ لأنَّه لو جاز له ذلك لفات غَرَضُ المُسابَقَةِ، فلا يحْصُلُ المَقْصُودُ. وقال أصْحابُ الشافعيِّ: إذا قُلْنا: العَقْدُ جائِزٌ. ففي جَوازِ الفَسْخِ [مِن المَفْضُولِ](1) وَجْهان.
(1) سقط من: م.