الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ العَارِيَّةِ
ــ
كِتَابُ العارِيّةِ
وهي مُشْتَقَّةٌ مِن عارَ الشيءُ: إذا ذَهَب وجاءَ. ومنه قِيلَ للبَطَّالِ: عَيَّارٌ؛ لِتَرَدُّدِه في بَطَالتِه. والعَرَبُ تقولُ: أعَاره وعَارَه. مثلَ أطَاعَه وطَاعَه. وهي إباحَةُ الانْتِفاعِ بعَين مِن أعْيانِ المالِ. والأصْلُ فيها الكِتابُ والسُّنَّةُ والإِجْماعُ؛ أما الكِتابُ فقَوْلُه تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (1). رُوِيَ عن ابنِ عباسٍ وابنِ مسعودٍ قالا: العَوَارِيُّ. وفَسَّرَها ابنُ مسعودٍ، قال: القِدْرُ والمِيزانُ والدَّلْوُ. وأما السُّنَّةُ فرُويَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في خُطْبَتِه في حَجَّةِ الوَدَاعَ: «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، وَالدَّينُ مَقْضِيٌّ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ» (2). قال التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وروَى صَفْوانُ بنُ أمَيَّةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعارَ منه أدْراعًا يَوْمَ حُنَينٍ، فقال: أغَصْبًا يا محمدُ؟ قال: «بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» . رَواه أبو داودَ (3). وأجْمَعَ المُسْلِمون على جَوازِ العارِيّةِ واستِحْبابِها. ولأنَّه لمّا جازَتْ هِبَةُ الأعْيانِ، جازَت هِبَةُ المَنافِعِ، ولذلك
(1) سورة الماعون 7.
(2)
تقدم تخريجه في 13/ 6.
(3)
في: باب في تضمين العارية، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 256.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: السند 3/ 401، 6/ 465.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَحَّتِ الوَصِيَّةُ بالأعْيانِ والمَنافِعِ جَمِيعًا. وهي مَنْدُوبٌ إليها غيرُ واجِبَةٍ في قولِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وقِيلَ: هي واجِبَةٌ؛ للآيَةِ، ولِما روَى أبو هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَا مِنْ صَاحِبِ إِبلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّها» . الحديث. قيل: يا رسولَ اللهِ، وما حَقُّهَا؟ قال:«إعَارَةُ دَلْوهَا، وَإطْرَاقُ فَحْلِهَا، وَمِنْحَةُ لَبَنِهَا يَوْمَ وُرُودِهَا» (1). فذَمَّ الله تَعالى مانِعَ العارِيّةِ، وتَوَعَّدَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بما ذَكَره في خَبَرِه. ولنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إذَا أَدَّيتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيتَ مَا عَلَيكَ» . رَواه ابنُ المُنْذِرِ (2). ورُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«لَيسَ في المَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» (3). وفي حَدِيثِ الأعرابِيِّ الذي سَألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ماذا فَرَض اللهُ عَلَيَّ مِن الصَّدَقَةِ؟ أو قال: «الزَّكَاة» . قال: هل عَلَيَّ غَيرُها؟ قال: «لَا، إلَّا أنْ تَتَطَوَّعَ شَيئًا» (4). أو كما قال. والآيَة فَسَّرَها ابنُ عُمَرَ والحَسَنُ بالزَّكَاةِ، وكذلك زَيدُ بنُ أسْلَمَ. وقالْ عِكْرِمَةُ: إذا جَمَعَ ثلاثتَها فله الوَيلُ، إذا
(1) أخرجه مسلم، في: باب إثم مانع الزكاة، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 684، 685. والنسائي، في: باب مانع زكاة البقر، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 18. والدارمي، في: باب من لم يؤد زكاة الإبل والبقر والغنم، من كتاب الزكاة. سنن الدارمي 1/ 379، 380. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 321. ولم يروه أحد من أصحاب هذه المصادر عن أبي هريرة بهذا اللفظ إنما روَوه عن جابر بن عبد الله. وانظر مصنف عبد الرزاق 4/ 26 - 30. والفتح الرباني 198/ 8، 15/ 128، 129. وإرواء الغليل 5/ 346، 347.
(2)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذي 3/ 97. وابن ماجه، في: باب ما أدى زكاته ليس بكنز، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 570.
(3)
تقدم تخريجه في 7/ 146.
(4)
تقدم تخريجه في 3/ 126.