الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَخَصَاهُ، لَزِمَهُ رَدُّهُ وَرَدُّ قِيمَتِهِ. وَعَنْهُ، فِي عَينِ الدَّابَّةِ مِنَ الْخَيلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ رُبْعُ قِيمَتِهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
ــ
تَضْمِينَ الغاصِبِ وقُلْنا: إنَّ ضَمانَ الغَصْبِ (1) كضَمانِ الجِنايَةِ. ضَمَّنَه نِصْفَ القِيمَةِ، ورَجَع بها الغاصِبُ على الجانِي؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَل بفِعْلِه، فاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه. وإن قُلْنا: إنَّ ضَمانَ الغَصْبِ بما نَقَص. فَلِرَبِّ العَبْدِ تَضْمِينُه بأكْثَرِ الأمْرَينِ؛ لأنَّ ما وُجِدَ في يَدِه فهو في حُكْمِ المَوْجُودِ منه، ثم يَرْجِعُ الغاصِبُ على الجانِي بنِصْفِ القِيمَةِ؛ لأنَّها أَرْشُ جِنايَتِه، فلا يَجِبُ عليه أَكْثَرُ منها.
2310 - مسألة: (وإن غَصَب عَبْدًا فخَصَاه، لَزِمَه رَدُّه ورَدُّ قِيمَتِه)
إذا غَصَب عَبْدًا، فقَطَعَ خُصْيَتَيه، أو يَدَيه، أو ذَكَرَه، أو لِسَانَه، أو ما تَجِبُ فيه الدِّيَةُ مِن الحُرِّ، لَزِمَه رَدُّه ورَدُّ قِيمَتِه كلِّها. نصَّ عليه
(1) في الأصل: «الغاصب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحمدُ (1). وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ. وقال الثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ: يُخَيَّرُ المالِكُ بينَ أن يَصْبِرَ ولا شيءَ له، وبينَ أَخْذِ قِيمَتِه ويَمْلِكُه الجانِي؛ لأنَّه ضَمانُ مالٍ، فلا يَبْقَى مِلْكُ صاحِبه عليه مع ضَمانِه، كسائِرِ الأمْوالِ. ولَنا، أنَّ المُتْلَفَ البَعْضُ، فلا يَقِفُ ضَمانُه على زَوالِ المِلْكِ، كقَطْعِ ذَكَرِ المُدَبَّرِ، ولأنَّ المَضْمُونَ [هو المُفَوَّتُ](2)، فلا يَزُولُ المِلْكُ عن غيرِه بضَمانِه، كما لو قَطَع تِسْعَ أصَابِعَ. وبهذا يَنْفَصِلُ عما ذَكَرُوه، فإنَّ الضَّمانَ في مُقابَلَةِ التّالِفِ، لا في مُقابَلَةِ الجُمْلَةِ. فإن ذهَبَتْ هذه الأعْضاءُ بغيرِ جِنايَةٍ، فهل يَضْمَنُها ضَمانَ الإِتْلافِ أو ما نَقَصَ؟ على رِوَايَتَين مَضَى ذكْرُهما. وعن أحمدَ رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّ عَينَ الدّابَّةِ تُضْمَنُ برُبْعِ قِيمَتِها مِن الخَيلِ والبِغالِ والحَمِيرِ، فإنَّه قال في رِوايَةِ أبي الحارِثِ، في رجلٍ فَقَأَ عَينَ دابَّةٍ: عليه رُبْعُ قِيمَتِها. قيل له: فَقَأَ العَينَينِ. قال: إذا كانت واحِدَةً، فقال عُمَرُ: رُبْعُ القِيمةِ. وأمَّا العَينانِ، فما سَمِعْتُ فيهما شيئًا. قِيلَ له: فإن كان بَعِيرًا أو بَقَرَةً أو شاةً. فقال: هذا غيرُ الدّابَّةِ، هذا يُنْتَفَعُ بلَحْمِه، يُنْظَرُ ما نَقَصَها. وهذا يَدُلُّ على أنَّ أحمدَ إنَّما أوْجَبَ مُقَدَّرًا في العَينِ الواحِدَةِ مِن الدّابَّةِ، وهي الفَرَسُ والبَغْلُ والحِمارُ خاصَّةً؛
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «التالف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للأَثَرِ الوارِدِ فيه، وما عَدَا هذا يُرْجَعُ إلى القِيَاسِ. واحْتَجَّ أصحابُنا لهذه الرِّوايَةِ بما روَى زَيدُ بنُ ثابِتٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى في عَينِ الدّابّةِ برُبْعِ قِيمَتِها (1). ورُوِيَ عن عمرَ، رضي الله عنه، أنَّه كَتَب إلى شُرَيحٍ لمَّا كَتَب إليه يَسْأَلُه عن عَينِ الدّابّةِ: إَّنا كُنّا نُنْزِلُها مَنْزِلَةَ الآدَمِيِّ، إلَّا أنَّه (2) أجْمَعَ رَأْيُنا أنَّ قِيمَتَها رُبْعُ الثَّمنِ (3). وهذا إجْماعٌ يُقَدَّمُ على القِيَاسِ. ذَكَر هذَين أبو الخَطَّابِ في «رُءُوسِ المَسائِلِ». وقال أبو حنيفةَ: إذا قَلَع عَينَيْ بَهِيمَةٍ يُنْتَفَعُ بها مِن وَجْهَين؛ كالدَّابَّةِ والبَعِيرِ والبَقَرَةِ، وَجَب نِصْفُ قِيمَتِها، وفي إحداهما رُبْعُ قِيمَتِها؛ لقولِ عُمَرَ: أجْمَعَ رأيُنا على أنَّ قِيمَتَها رُبْعُ الثَّمَنِ. والمَذْهَبُ أنَّ قَدْرَ الأَرْشِ ما نَقَص مِن القِيمَةِ، كسائِرِ الأعْيانِ. فأمَّا حَدِيثُ زَيدِ بنِ ثابتٍ، فلا أصْلَ له، ولو كان صَحِيحًا، لَما احْتَجَّ أحمدُ وغيرُه بحَدِيثِ عمرَ وتَرَكُوه، [فإنَّ قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحَقُّ أن يُحْتَجَّ به](4). وأمّا قولُ عُمَرَ، فمَحْمُولٌ عِلى أنَّ ذلك كان قَدْرَ نَقْصِها، كما رُوِيَ عنه أنَّه قَضَى في العَينِ القائِمَةِ بخمْسِينَ دِينارًا.
(1) أخرجه الطبراني في: المعجم الكبير 5/ 153. وذكره الهيثمي في: مجمع الزوائد 6/ 298. وقال: رواه الطبراني، وفيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب عين الدابة، من كتاب العقول. المصنف 10/ 76، 77. وابن أبي شيبة، في: باب في عين الدابة، من كتاب الديات. المصنف 9/ 275، 276.
(4)
سقط من: تش، م.