الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرِهِ، أَوْ حَلَّ قَيدَ عَبْدِهِ، أَوْ رِبَاطَ فَرَسِهِ،
ــ
2365 - مسألة: (وإن فَتَح قَفَصًا عن طائِرِه)
فطَارَ (أَوْ حَلَّ قَيدَ عَبْدِه، أو رِبَاطَ فَرَسِه)[إذا حَلَّ رِباطَ دابَّةٍ فذَهَبَتْ، أو فَتَح قَفَصًا عن طائِرِهِ فطار، ضَمِنَهما](1). وبه قال مالِكٌ. وقال أبو حنيفةَ، والشافِعِيُّ: لا ضَمانَ عليه، إلَّا أن يكونَ أهَاجَهُما حتى ذَهَبَا. وقال أصحابُ الشافِعِيِّ: إن وَقَفَا بعدَ الحَلِّ والفَتْحِ، ثم ذَهَبَا، لم يَضْمَنْهُما،
(1) في تش، م:«فذهبت ضمنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن ذَهَبَا عَقِيبَ ذلك، ففيه قَوْلانِ. واحْتَجَّا بأنَّ لهما اخْتِيارًا، وقد وُجِدَتْ منهما المُباشَرَةُ، ومِن الفاتِحِ سَبَبٌ غيرُ مُلْجِئٍ، فإذا اجْتَمَعَا، لم يَتَعَلَّقِ الضَّمانُ بالسببِ، كما لو حَفرَ بِئْرًا فجاء عَبْدٌ لإِنْسانٍ فرَمَى نَفْسَه فيها. ولَنا، أنَّه ذَهَب بسَبَبِ فِعْلِه، فلَزِمَه الضَّمانُ، كما لو نَفَّرَه، أو ذَهَب عَقِيبَ فَتْحِه وحَلِّه، والمُباشَرَةُ إنَّما حَصَلتْ مِمَّن لا يُمْكِنُ إحَالةُ الحُكْمِ عليه، فيَسْقُطُ، كما لو نَفَّرَ الطائِرَ، وأهَاجَ الدّابَّةَ، أو أشْلَى (1) كَلْبًا على صَبِيٍّ فقَتَلَه، أو أطْلَقَ نارًا في مَتاعِ إنْسانٍ، فإنَّ للنارِ فِعْلًا، لكنْ لَمَّا لم يُمْكِنْ إحالةُ الحُكْمِ عليها، كان وُجُودُه كعَدَمِه، ولأنَّ الطائِرَ وسائِرَ الصَّيدِ مِن طَبْعِه النُّفُورُ، وإنَّما يَبْقَى بالمانعِ، فإذا أُزِيلَ المانِعُ ذَهَبَ بطَبْعِه، فكان ضَمانُه على مَن أزَال المانِعَ، كمَن قَطَع عِلَاقَةَ قِنْدِيلٍ فوَقَعَ فانْكَسَرَ. وهكذا لو حَلَّ قَيدَ عَبْدٍ فذَهَبَ، أو أَسِيرٍ فأَفْلَتَ؛ لأنَّه تَلِفَ بسَبَبِ فِعْلِه.
(1) أشلاه: أغراه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأمَّا إن فَتَح القَفَصَ، وحَلَّ الفَرَسَ، فبَقِيَا واقِفَين، فجاء إنْسانٌ فنَفَّرَهُما فذَهَبَا، فالضَّمانُ على مُنَفِّرِهِما؛ لأنَّ سَبَبَه أخَصُّ فاخْتَصَّ الضَّمانُ به، كالدّافِعِ مع الحافِرِ. وإن وَقَع طائِرُ إنْسانٍ على جِدَارٍ، فنَفَّرَه إنْسانٌ فطَارَ، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّ تَنْفِيرَه لم يَكُنْ سَبَبَ فَوَاتِه، فإنَّه كان مُمْتَنِعًا قبل ذلك. وإن رَمَاه فقتَله، ضَمِنَه وإن كان في دارِه؛ لأنَّه كانْ يُمْكِنُه تَنْفِيرُه بغيرِ قَتْلِه. وكذلك لو مَرَّ طائِرٌ في هَواءِ دارِه فرَمَاه فقَتَلَه، ضَمِنَه؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ مَنْعَ الطائِرِ مِن هَواءِ الدّارِ، فهو كما لو رَمَاه في هَواءِ دارِ غيرِه.