الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ فُسِخَ الْبَيعُ بِعَيبٍ أوْ إِقَالةٍ أَوْ تَحَالُفٍ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ،
ــ
الثَّمَنَ الَّذي اشْتَرَى به، ورَجَع الثالِثُ عليه بما أعْطاه؛ لأنَّه قد انْفَسَخَ عَقْدُه وأُخِذَ الشِّقْصُ منه، فرَجَعَ بثَمَنِه على الثاني؛ لأنَّه أخَذَه منه، وإن أخَذَ بالبَيعِ الأوَّلِ، دَفَع إلى المُشْتَرِي الأوَّلِ الثَّمَنَ الَّذي اشْتَرَى به، وانْفَسخَ عَقْدُ الآخَرَين، ورَجَع الثالِثُ على الثاني بما أعْطاه، والثاني على الأوَّلِ بما أعْطاهُ، فإن كان الأوَّلُ اشْتَراه بعَشَرةٍ، ثم اشْتَراه الثاني بعِشْرِين، ثم اشْتَراه الثالِثُ بثَلاثِينَ، فأخَذَه بالبَيعِ الأوَّلِ، دَفَع إلى الأوَّلِ عَشَرَةً، وأخَذَ [الثّاني مِن الأوَّلِ](1) عِشْرِينَ، وأخَذَ الثالِثُ مِن الثاني ثَلاثِينَ؛ لأْنَّ الشِّقْصَ إنَّما يُؤْخَذُ مِن الثالِثِ؛ لكَوْنِه في يَدِه، وقد انْفَسَخَ عَقْدُه، فيَرْجِعُ بثَمَنِه الَّذي وَرِثَه. ولا نَعْلَم في هذا خِلافًا. وبه يقولُ مالكٌ، والشافعيُّ، والعَنْبَرِي، وأصحابُ الرَّأْي. وما كان في مَعْنَى البَيعِ مِمّا تَجبُ به الشُّفْعَةُ، فهو كالبَيعِ، على ما ذَكَرْنا، وإن كان مِمّا لا تجِبُ به الشَفْعَةُ، فهو كالهِبَةِ والوَقْفِ، على ما ذَكَرْنا مِن الخِلافِ فيه. والله أعْلَمُ.
2412 - مسألة: (وإن فُسِخَ البَيعُ بعَيبٍ أو إقالةٍ أو تَحالُفٍ
،
(1) في م: «الأول من الثاني» .
وَيَأْخُذُهُ فِي التَّحَالفِ بِمَا حَلَفَ عَلَيهِ الْبَائِعُ.
ــ
فللشَّفِيعِ أخْذُه، وَيَأْخُذُهُ فِي التَّحَالفِ بِمَا حَلَفَ عَلَيهِ الْبَائِعُ) إذا رَدَّ المُشْتَري الشِّقْصَ بعَيبٍ أو قايَلَ البائِعَ، فللشَّفِيعِ فَسْخُ الإقالَةِ والرَّدِّ والأخْذ بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ حَقَّه سابِقٌ عليهما، ولا يُمْكِنُه الأَخْذ معهما. وإن تَحالفَا على الثَّمَنِ وفَسَخَا البَيعَ، فللشَّفِيعِ أن يَأْخذَ الشِّقْصَ بما حَلَف عليه البائِع؛ لأن البائِعَ مُقِرٌّ بالبَيعِ بالثَّمَنِ الَّذي حَلَف عليه، ومُقِرٌّ للشَّفِيعِ باسْتِحْقاقِ الشُّفْعَةِ بذلك، فإذا بَطَل حَقُّ المُشْتَرِي بإنْكارِه، لم يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ بذلك، وله أن يُبْطِلَ فَسْخَهُما ويَأْخُذَ؛ لأنَّ حَقَّه أسْبَق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإنِ اشْتَرَى شِقْصًا بعَبْدٍ»، ثم وجَد بائِعُ الشِّقْصِ بالعَبْدِ عَيبًا، فله رَدُّ العَبْدِ واسْتِرْجاعُ الشِّقْصِ، ويُقَدَّمُ على حَقِّ الشَّفِيعِ؛ لأنَّ في تَقْدِيمِ حَقِّ الشَّفِيعِ إضْرارًا بالبائِع، بإسْقاطِ حَقِّه مِن الفَسْخِ الَّذي اسْتَحَقَّه، والشُّفْعَةُ تَثْبُتُ لإزايَةِ الضَّرَرِ، فلا تَثْبُتُ على وَجْهٍ يَحْصُلُ به الضَّرَرُ؛ فإن الضَّرَرَ لا يُزَالُ بالضَّرَر. وقال أصحابُ الشافعيِّ: يُقَدَّمُ حَقُّ الشَّفِيعِ في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأن حَقَّه أسْبَقُ، فوَجَبَ تَقْدِيمُه، كما لو وَجَد المُشْتَرِي بالشِّقْصِ عَيبًا فرَدَّه. ولَنا، أنَّ في الشُّفْعَةِ إبْطال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَقِّ البائِعِ، وحَقُّه أسْبَقُ؛ لأنَّه اسْتَنَدَ إلى وُجُودِ العَيبِ، وهو مَوْجُودٌ حال البَيعِ، والشُّفْعَةُ ثَبَتَتْ بالبَيعِ، فكان حَقُّ البائِعِ سابقًا، وفي الشُّفْعَةِ إبْطالُه، فلم تَثْبُتْ، ويُفارِقُ ما إذا كان الشِّقْصُ مَعِيبًا، فإنَّ حَقَّ المُشْتَرِي إنَّما هو في اسْتِرْجاعِ الثَّمَنِ، وقد تَحَصَّلَ له مِن الشَّفِيعِ، فلا فائِدَةَ في الرَّدِّ، وفي مسألتِنا حَقُّ البائِعِ في اسْتِرْجاعِ الشِّقْصِ، ولا يَحْصُلُ ذلك مع الأَخْذِ بالشفْعَةِ، فافْتَرَقَا. فإن لم يَرُدَّ البائِعُ العَبْدَ المَعِيبَ حتَّى أخَذَ الشَّفِيعُ، كان له رَدُّ العَبْدِ، ولم يَمْلِكِ اسْتِرْجاعَ المَبِيعِ؛ لأنَّ الشَّفِيعَ مَلَكَه بالأخْذِ، فلم يَمْلِكِ البائِعُ إبْطال مِلْكِه، كما لو باعَه المُشْتَرِي لأجْنَبِيٍّ، فإن الشُّفْعَةَ بَيعٌ في الحَقِيقَةِ، ولكنْ يَرْجِعُ بقِيمَةِ الشِّقْصِ؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ التَّالِفِ، والمُشْتَرِي قد أخَذَ مِن الشَّفِيعِ قِيمَةَ العَبْدِ، فهل يَتَراجَعانِ؟ فيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، لا يَتَراجَعانِ؛ لأنَّ الشَّفِيعَ أخَذَ بالثَّمَنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الَّذي وَقَع عليه العَقْدُ، وهو قِيمَةُ العَبْدِ صَحِيحًا لا عَيبَ فيه، بدَلِيلِ أنَّ البائِعَ إذا عَلِمَ بالعَيبِ مَلَك رَدَّه. ويَحْتَمِلُ أن يَأخُذَه بقِيمَتِه مَعِيبًا؛ لأنَّه إنَّما أعْطَى عَبْدًا مَعِيبًا، فلا يَأْخُذُ قِيمَةَ غيرِ ما أعْطَى. والثاني، يَتَراجَعان؛ لأنَّ الشَّفِيعَ إنَّما يَأْخُذُ بالثَّمَنِ الَّذي اسْتَقَرَّ عليه العَقْدُ، والذي اسْتَقَرَّ عليه العَقْدُ قِيمَةُ الشِّقْصِ. فإذا قُلْنا: يَتراجعان. فأيُّهما كان ما دَفَعَه أكْثَرَ، رَجَع بالفَضْلِ على صاحِبِه، وإن لم يَرُدَّ البائِعُ العَبْدَ، ولكنْ أخَذَ أَرْشَه، لم يَرْجِعِ المُشْتَرِي على الشَّفِيعِ بشيءٍ؛ لأنَّه إنَّما دَفَع إليه قِيمَةَ العَبْدِ غيرَ مَعِيبٍ. وإن أدَّى قِيمَتَه مَعِيبًا، رَجَع المُشْتَرِي عليه بما أدَّى مِن أرْشِه. وإن عَفَا عنْه ولم يَأْخُذْ أرْشًا، لم يَرْجِعِ الشَّفِيعُ عليه بشيءٍ؛ لأنَّ البَيعَ لازِم مِن جِهَةِ المُشْتَرِي، لا يَمْلِكُ فسْخَه، فأشْبَهَ ما لو حَطَّ عنه بعضَ الثَّمَنِ بعدَ لُزُومِ العَقْدِ. وإن عادَ الشِّقْصُ إلى المُشْتَرِي ببَيع أو هِبَةٍ أو إرْثٍ أو غيرِه، فليس للشَّفِيعِ أخْذُه بالبَيعِ الأوَّلِ؛ لأنَّ مِلْكَ المُشْتَرِي زال عنه، وانْقَطَعَ حَقُّهِ منه، وانْتَقَلَ حَقُّه إلى القِيمَةِ، فإذا أخَذَها لم يَبْقَ له حَق، بخِلافِ ما لو غَصَب شيئًا لم يَقْدِرْ على رَدِّه فأدَّى قِيمَتَه ثم قَدَر عليه، فإَّنه يَرُدُّه؛ لأنَّ مِلْكَ المَغْصُوبِ منه لم يَزُلْ عنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو كان ثَمَنُ الشِّقْصِ مَكِيلًا أو مَوْزُونًا، فتَلِفَ قبلَ قَبْضِه، بَطَل البَيعُ، وبَطَلَتِ الشُّفْعَةُ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ، فتَعَذَّرَ إمْضاءُ العَقْدِ، فلم تَثْبُتِ الشُّفْعَةُ، كما لو فَسَخ البَيعَ في مُدَّةِ الخِيارِ، بخِلافِ الإِقالَةِ والرَّدِّ بالعَيبِ، وإن كان الشَّفِيعُ قد أخَذَ الشِّقْصَ، فهو كما لو أخَذَه في المسأْلَةِ التي قبلَها؛ لأنَّ لمُشْتَرِي الشِّقْصِ التَّصرُّفَ فيه قبلَ تَقْبِيضِ ثَمَنِه، فأشْبَهَ ما لو اشْتَراه منه أجْنَبِيٌّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإنِ اشْتَرَى شِقْصًا بعَبْدٍ أو ثَمَن مُعَيَّن، فخَرَجَ مُسْتَحَقًّا، فالبَيعُ باطِل، ولا شُفْعَةَ فيه؛ لأنَّها إنَّما تَثْبُتُ في عَقْدٍ يَنْقُلُ المِلْكَ إلى المُشْتَرِي، وهو العَقْدُ الصَّحِيحُ، فأمّا الباطِلُ فوُجُودُه كعَدَمِه. فإن كان الشَّفِيعُ قد أخَذَ بالشُّفْعَةِ، لَزِمَه رَدُّ ما أخَذَ على البائِعِ، ولا يَثْبُتُ ذلك إلَّا بِبَينةٍ أو إقْرارٍ مِن الشَّفِيعِ والمُتَبايعَين. وإن أقَرَّ المُتَبايعان وأنْكَرَ الشَّفِيعُ، لم يُقْبَلْ قَوْلُهما عليه، وله الأخْذُ بالشُّفْعَةِ، ويُرَدُّ العَبْدُ إلى صاحِبِه، ويَرْجِعُ البائِعُ على المُشْتَرِي بقِيمَةِ الشِّقْصِ. وإن أقَرَّ الشَّفِيعُ أو المُشْتَرِي دُونَ البائِعِ، لم تَثْبُتِ الشُّفْعَةُ، ويَجِبُ على المُشْتَرِي رَدُّ قِيمَةِ العَبْدِ على صَاحِبِه، ويَبْقَى الشِّقْصُ معه، يَزْعُمُ أنَّه للبائِعِ، والبائِعُ يُنْكِرُه، ويَدَّعِي عليه وُجُوبَ رَدِّ العَبْدِ، والمُشْتَرِى يُنْكِرُه، فيَشْتَرِي الشِّقْصَ منه، ويَتَبارءانِ. وإن أقَرَّ الشَّفِيعُ والبائِعُ وأنْكَرَ المُشْتَرِي، وَجَب على البائِعِ رَدُّ العَبْدِ على صاحِبِه، ولم تَثْبُتِ الشُّفْعَةُ، ولم يَمْلِكِ البائعُ مُطالبَةَ