الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسَّبْقُ فِي الْخَيلِ بالرَّأْسِ، إذَا تَمَاثَلَتِ الْأَعْنَاقُ، وَفِي مُخْتَلِفِي الْعُنُقِ وَالْإِبِلَ بِالْكَتِفِ.
ــ
2240 - مسألة: (والسَّبْقُ في الخَيلِ بالرَّأْسِ، إذا تَماثَلَت الأعْناقُ، وفي مُخْتَلِفِي العُنُقِ والإِبِلِ بالكَتِفِ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنه يُشْتَرَطُ في المُسابَقَةِ إرْسالُ الفَرَسَين والبَعِيرَين دَفْعَةً واحِدَةً، فإن أرْسَلَ أحَدَهما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قبلَ الآخَرِ ليَعْلَمَ هل يُدْرِكُه الآخَرُ أو لا؟ لم يَجُزْ هذا في المُسابَقَةِ بعِوَضٍ؛ لأنَّه قد لا يُدْرِكُه مع كَوْنِه أسْرَعَ منه؛ لبُعْدِ المَسافَةِ بينَهما. ويَكونُ عندَ أوَّلِ المَسافَةِ مَن يُشاهِدُ إرْسالهما ويُرَتِّبُهما، وعندَ الغايَةِ مَن يَضْبِطُ السّابِقَ منهما؛ لئَلَّا يخْتَلِفا في ذلك. ويَحْصُلُ السَّبْقُ في الخَيلِ بالرَّأْسِ إذا تَماثَلَتِ الأعْناقُ، فإنِ اخْتَلَفَا في طُولِ العُنُقِ، أو كان ذلك في الإِبِلِ، اعْتُبِرَ السَّبْقُ بالكَتِفِ؛ لأنَّ الاعْتِبارَ بالرَّأْسِ مُتَعَذِّرٌ، فإنَّ طَويلَ العُنُقِ قد يَسْبِقُ رَأْسُه؛ لطُولِ عُنُقِه، لا بسُرْعَةِ عَدْوه، وفي الإِبِلِ ما يَرْفعُ رَأْسَه، وفيها ما يَمُدُّ عُنُقَه، فرُبَّما سَبَق رَأسُه لمَدِّ عُنُقِه، لا بسَبْقِه، فلذلك اعْتُبِرَ بالكَتِفِ. فإن سَبَق رَأْسُ قَصِيرِ العُنُقِ، فهو سابِقٌ بالضَّرُورَةِ، وإن سَبَق رَأْسُ طَويلِ العُنُقِ بأكْثَرَ ممّا بينَهما في طُولِ العُنُقِ، فقد سَبَق، وإن كان بقَدْرِه لم يَسْبِقْ، وإن كان أقَلَّ، فالآخَرُ سابِقٌ. ونحوُ هذا كلِّه قولُ الشافعيِّ. وقال الثَّوْرِيُّ: إذا سَبَق أحَدُهما بالأُذُنِ كان سابِقًا. ولا يَصِحُّ ذلك؛ لأنَّ أحَدَهما قد يَرْفَعُ رَأْسَه ويَمُدُّ الآخَرُ (1) عُنُقَه، فيَسْبِقُ بأُذُنِه لذلك، لا لسَبْقِه. وإن شَرَط السَّبْقَ بأقْدام مَعْلُومَةٍ، كثَلاثَةٍ أو أكْثَرَ أو أقَلَّ، لم يَصِحَّ. وقال بعضُ أصْحابِ الشافعيِّ: يَصِحُّ، ويَتَحاطّان ذلك، كما في
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرَّمْي. ولا يَصِحُّ، لأنَّ هذا لا يَنْضَبِطُ ولا يَقِفُ الفَرَسانِ عندَ الغايَةِ بحيث يُعْرَفُ مِساحَةُ ما بينَهما. وقد روَى الدّارَقُطنِيُّ (1)، بإسْنادِه عن عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ:«قَدْ جَعَلْتُ لَكَ هَذِهِ السَّبْقَةَ بَينَ النَّاسِ» . فخرجَ عليٌّ، فدَعا سُراقَةَ بنَ مالِكٍ، فقال: يا سُراقَةُ، إنِّي قد جَعَلْتُ إليك ما جَعَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم في عُنُقِي مِن هذه السَّبْقَةِ في عُنُقِك، فإذا أتَيتَ المَيْطانَ (2) -قال أبو عبدِ الرحمنِ: المَيطانُ مُرْسَلُها مِن الغايَةِ- فصُفَّ الخيلَ، ثم نادِ: هل مِن مُصْلِح للِجامٍ، أو حاملٍ لغُلامٍ، أو طارِحٍ لجِلٍّ (3). فإذا لم يُجِبْك أحَدٌ فكَبِّرْ ثلاثًا، ثم خَلِّها عندَ الثالثةِ، فيُسْعِدُ اللهُ بسَبَقِه مَن شاء مِن خَلْقِه. وكان على يَقْعُدُ عندَ مُنْتهَى الغايَةِ يَخُطُّ خَطًّا، ويُقِيمُ رَجُلَين مُتَقابِلَين عندَ طَرَفِ الخَطِّ، طَرَفُه بينَ إبْهامَيْ أرْجُلِهما، وتَمُرُّ الخَيلُ بينَ الرَّجُلَين، ويقولُ لهما: إذا خَرَج أحَدُ الفَرَسَين على صاحِبِه بطَرَفِ أُذُنَيه، أو أُذُنٍ، أو عِذارٍ، فاجْعَلُوا السَّبَقَةَ له، وإن
(1) في: كتاب السبق بين الخيل. سنن الدارقطني 4/ 305 - 307.
كما أخرجه البيهقي، في: باب لا جلب ولا جنب في الرهان، من كتاب السبق. السنن الكبرى 10/ 22.
(2)
الميطان، بفتح الميم وسكون الياء: من جبال المدينة. معجم البلدان 4/ 716.
(3)
الجِلُّ: ما تُلبَسُه الدابة لتصان به.