الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ غَصَبَ كَلْبًا فِيهِ نَفْعٌ، أوْ خَمْرَ ذِمِّيٍّ، لَزِمَهُ رَدُّهُ. وَإنْ أَتْلَفَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ قِيمَتُهُ.
ــ
كان صاحِبُها فيها أو لم يكنْ. وقال [بعضُ الشافِعِيَّةِ](1): إن دَخَلَها بغيرِ إذْنِه، ولم يكنْ صاحِبُها فيها، ضَمِنَها، سواءٌ قَصَد ذلك، أو ظَنَّ أنَّها دارُه أو دارٌ أُذَنَ له في دُخُولِها؛ لأنَّ يَدَ الداخِلِ تَثْبُتُ عليها بذلك، فيصيرُ غاصبًا، فإنَّ الغَصْبَ إثْباتُ اليَدِ العادِيَةِ، وهذا قد ثَبَتَتَ يَدُه، بدليلِ أنَّهما لو تنازعا في الدارِ، ولا بَيِّنةَ، حُكِمَ بها لِمَن هو فيها دُونَ الخارجِ منها. ولنا، أنَّه غيرُ مُسْتَوْلٍ عليها، فلم يَضْمَنْها، كما لو دَخَلَها بإذْنِه، أو دَخَل صَحْراءَه (2)، ولأنَّه إنَّما يَضْمَنُ بالغَصْبِ ما يَضْمَنُه في العارِيَّةِ، وهذا لا تَثْبُتُ به العارِيَّةُ، ولا يَجِبُ به الضمانُ فيها، فكذلك لا يَثْبُتُ به الغَصْبُ إذا كان بغيرِ إذْنٍ.
2288 - مسألة: (وإن غَصَب كَلْبًا فيه نَفْعٌ، أو خَمْرَ ذِمِّيٍّ، لَزِمَه رَدُّهُما)
إذا غَصَب كَلْبًا يَجُوزُ اقْتِناؤُه، وَجَب رَدُّه؛ لأَنه يَجُوز الانْتِفاعُ به واقْتِناؤُه، فأشْبَهَ المال. وإن أتْلَفَه، لم يَغْرَمْه. وفيه اخْتِلافٌ ذكرناه
(1) في م: «أصحاب الشافعي» .
(2)
في تش، م:«صحراة له» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في البَيعِ، وهو مَبْنِيٌّ على جَوازِ بَيعِه. وإن حَبَسَه مُدَّةً، لم يَلْزَمْه أجْرٌ؛ لأنَّه لا تَجُوزُ [إجارَتُه. وقد ذَكَرْناه في بابِ الإِجارَةِ](1). وإن غَصَب خَمْرَ ذِمِّيٍّ، لَزِمَه رَدُّها؛ لأنَّه يُقَرُّ على شُرْبِها (فإن أتْلَفَه، لم تَلْزَمْه قِيمَتُه) سواءٌ أتْلَفَه مُسْلِمٌ أو ذِمِّيٌّ، وسَواءٌ كان لمُسْلِم أو ذِمِّيٍّ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ أبي الحارِثِ، في الرَّجُلِ يُهَرِيقُ مُسْكِرًا لمُسْلم أو لذِمِّيٍّ، فلا ضَمانَ عليه. وكذلك الخِنْزِيرُ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: يَجِب (2) ضَمانُ الخَمْرِ والخِنْزِيرِ إذا أتْلَفَهُما على ذِمِّيٍّ. قال أبو حنيفةَ: إن كان مُسْلِمًا بالقِيمَةِ، وإن كان ذِمِّيًّا بالمِثْلِ؛ لأنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ إذا عَصَم عَينًا قَوَّمَها، كنَفْسِ الذِّمِّيِّ، وقد عَصَمَ خَمْرَ الذِّمِّيِّ، بدَلِيل أنَّ المُسْلِمَ يُمْنَعُ مِن إتْلافِها، فيَجِبُ أنَّ يُقَوِّمَها، ولأنَّها مالٌ لهم يتَمَوَّلُونَها؛ لِما رُوِيَ عن عُمْرَ، رضي الله عنه، أنَّ عامِلَه كَتَب إليه: إنَّ أهْلَ الذِّمَّةِ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «يجوز» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَمُرُّونَ بالعاشِرِ (1) ومَعَهُم الخُمُورُ. فكَتَبَ إليه عمرُ: وَلُّوهُمْ بَيعَها، وخُذُوا منهم عُشْرَ ثَمَنِها. فإذا كانت مالًا لهم، وَجَب ضَمانُها، كسائِرِ أَموالِهم. ولَنا، ما روَى جابرٌ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«أَلَا إنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيعَ الخَمْرِ والمَيتَةِ وَالخِنْزِيرِ وَالأصْنَامِ» . مُتَّفَق [على صِحَّتِه](2). وما حَرُمَ بَيعُه لا لحُرْمَتِه، لم تَجبْ قِيمَتُه، كالمَيتَةِ، ولأنَّ ما لم يَكُنْ مَضمُونًا في حَقِّ المُسْلِمِ، لا يكَونُ مَضْمُونًا في حَقِّ الذِّمِّيِّ، كالمُرْتَدِّ، ولأنَّها غيرُ مُتَقَوَّمَةٍ (3)، فلا تُضْمَنُ، كالمَيتَةِ، ودَلِيلُ أنَّها غيرُ مُتَقَوَّمَةٍ، [أنَّها غيرُ مُتَقَوَّمَةٍ](4) في حَق المسلمِ، فكذلك في حَقِّ الذِّمِّيِّ، فإنَّ تحْرِيمَها ثَبَت في حَقِّهِما، وخِطابُ النَّواهِي يَتَوَجَّهُ إليهما، فما ثَبَت في حَقِّ أحَدِهما، ثَبَت في حَقِّ الآخَرِ، ولا نسَلِّمُ أنَّها مَعْصُومَةٌ، بل متى أُظْهِرَتْ حَلَّتْ إرَاقَتُها، ثم لو عَصَمَها ما لَزِمَ تَقْويمُها؛ فإنَّ نِسَاءَ أهْلِ الحَرْبِ وصِبْيانَهُم مَعْصُومُونَ غيرُ مُتَقَوَّمِينَ. وقولُهم: إنَّها مالٌ عندَهم.
(1) العاشر: عامل الزكاة الذي يقدر العشر.
وتقدم تخريج الأثر في 10/ 430.
(2)
في م، تش:«عليه» . والحديث تقدم تخريجه في 2/ 307 حاشية (2).
(3)
في الأصل: «مضمونة» .
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ينْتَقِضُ بالعَبْدِ المُرْتَدِّ، فإنَّه مالٌ عندَهم. فأمّا حديثُ عمرَ، فمَحْمُولٌ على أنَّه أرادَ تَرْكَ التَّعَرُّضِ لهم، وإنَّما أَمَرَ بأخْذِ عُشْرِ أثْمانِها؛ لأنَّهم إذا تَبايَعُوا وتَقابَضُوا، حَكَمْنا لهم بالمِلْكِ (1) ولم نَنْقُضْه، وتَسْميَتُها أثمانًا مَجازٌ، كما سَمَّى الله تَعالى ثَمَنَ يُوسفَ ثَمَنًا، فقال:{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} (2).
(1) في الأصل: «بذلك» .
(2)
سورة يوسف 20.