الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ لإِظهَارِهِمْ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ، أُوْ نقصًا فِي المَبِيعِ، أَوْ أَنَّهُ مَوْهُوبٌ
ــ
فصل: فإن عَجَز عن الإِشْهادِ في سَفَرِه، لم تَبْطُلْ شُفْعَتُه بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّه مَعْذُورٌ في تَرْكِه، فأشْبَهَ ما لو تَرَك الطَّلَبَ لعُذْرٍ أو لعَدَمِ العِلْمِ. ومتى قَدَر على الإِشْهادِ فأخَّرَه، كان كتَأْخِيرِ الطَّلَبِ بالشُّفْعَةِ؛ إن كان لعُذْرٍ لم تَسْقُطِ الشُّفْعَةُ، وإن كان لغيرِ عُذْرٍ سَقَطَتْ؛ لأنَّ الإِشْهادَ قائِمٌ مَقامَ الطَّلَبِ ونائِبٌ عنه، فيُعْتَبَرُ له ما يُعْتَبَرُ للطَّلَبِ. ومَن لم يَقْدِرْ إلَّا على إشْهادِ مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه؛ كالمَرْأةِ، والفاسِقِ، فتَرَكَ الإِشْهادَ، لم تَسْقُطْ شُفْعَتُه بتَرْكِه؛ لأنَّ قَوْلَهم غيرُ مَقْبُولٍ، فلم تَلْزَمْ شَهادَتُهم، كالأطْفالِ والمَجانِينِ. وإن لم يَجِدْ مَن يُشْهِدُه إلَّا مَن لا يَقْدَمُ معه إلى مَوْضِعِ المُطالبَةِ، فلم يُشْهِدْ، فالأوْلَى أنَّ شُفْعَتَه لا تَبْطُلُ؛ لأنَّ إشْهادَه لا يُفِيدُ، فأشْبَهَ إشْهادَ مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه. وإن لم يَجِدْ إلَّا مَسْتُوري الحالِ، فلم يُشْهِدْهُما، احْتَمَلَ أن تَبْطُلَ؛ لأنَّ شَهادَتَهما يُمْكِنُ إثْباتُها بالتَّزْكِيَةِ، فأشْبَهَا العَدْلَينِ، ويَحْتَمِلُ أن لا تَبْطُلَ؛ لأنَّه يَحْتاجُ في إثباتِ شَهادَتِهِما إلى كُلْفَةٍ كَثِيرَةٍ، وقد لا يَقْدِرُ على ذلك، فلا تُقْبَلُ شَهادَتُهما، فإن أشْهَدَهُما، لم تَبْطُلْ شُفْعَتُه، سَواءٌ قُبِلَتْ شَهادَتُهما أو لم تُقْبَلْ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه أكثْرُ مِن ذلك؛ فأشْبَهَ العاجِزَ عن الإشْهادِ، وكذلك إن لم يَقْدِرْ إلَّا على إشْهادِ واحِدٍ فأشْهَدَه، أو تَرَك إشْهادَه.
2392 - مسألة: (أو لإظْهارِهِم زِيادَةً في الثَّمَنِ، أو نَقْصًا في
لَهُ، أو أَنَّ الْمُشْتَرِىَ غَيرُهُ، أَوْ أَخْبَرَهُ مَن لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ مَنْ يُقْبَلُ خبَرُهُ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، أَوْ قَال لِلْمُشْتَرِي: بِعْنِي مَا اشْتَرَيتَ. أَوْ: صَالِحْنِي. سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ.
ــ
المَبِيعِ، أو أنَّ المُشْتَرِيَ غَيرُه، أو أخْبَرَه مَن لا يُقْبَلُ خَبَرُه فلم يُصَدِّقْه، أو قال للمُشْتَرِي: بعْنِي ما اشْتَرَيتَ. أو: صالِحْني. سَقَطَتْ شُفْعَتُه) إذا أظْهَرَ المُشْتَرِي أنَّ الثَّمَنَ أكْثَرُ مِمّا وَقَع عليه العَقْدُ فتَرَكَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ، لم تَبْطُلْ بذلك. وبه قال الشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْي، ومالكٌ، إلَّا أنَّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال: بعدَ أن يَحْلِفَ: ما سَلَّمْتُ الشُّفْعَةَ إلَّا لمَكانِ الثَّمَنِ الكَثِيرِ. وقال ابنُ أبي لَيلَى: لا شُفْعَةَ له؛ لأنَّه سَلَّمَ ورَضِيَ. ولَنا، أَنه تَرَكَها للعُذْرِ، فإنَّه لا يَرْضاه بالثَّمَنِ الكَثِيرِ، ويَرْضاه بالقَلِيلِ، وقد يَعْجَزُ عن الكَثِيرِ، فلم تَسْقُطْ بذلك، كما لو تَرَكَها لعَدَمِ العِلْمِ. وكذلك إنْ أظْهَرَ (1) أنَّ المَبِيعَ سِهامٌ قَلِيلَةٌ فبانَتْ كَثِيرَةً؛ لأنَّه قد يَرْغَبُ في الكَثِيرِ دُونَ القَلِيلِ، وكذلك إن كان بالعَكْسِ؛ لأنَّه قد يَقْدِرُ على ثَمنِ القَلِيلِ دُونَ الكَثِيرِ، أو أنَّهما تَبايَعَا بدَنانِيرَ فبانَتْ بدَرَاهِمَ أو بالعَكْسِ. وبه قال الشافعيُّ وزُفَرُ. وقال أبو حنيفةَ، وصاحِبَاه: إن كان قِيمَتُهما سَواءً، سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ؛ لأنَّهما كالجِنْسِ الواحِدِ. ولَنا، أنَّهما جِنْسان، أشْبَهَا الثِّيابَ والحَيَوانَ، ولأنَّه قد يَمْلِكُ النَّقْدَ الذي وَقَع به البَيعُ دُونَ ما أظْهَرَه، فيَتْرُكُه (2) لعَدَمِ مِلْكِه له. وكذلك إن أظْهَرَ أنَّه اشْتَراه بنَقْدٍ فبانَ أنَّه
(1) في م: «ظهر» .
(2)
في الأصل: «فتركه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اشْتَراه بعَرْضٍ، أو بالعَكْسِ، أو بنَوْعٍ مِن العُرُوضِ، فبانَ أَنه بغيرِه، أو أظْهَرَ أنَّه اشْتَراه له فبانَ أنَّه اشْتَراه لغيرِه، أو بالعَكْسِ، أو أنَّه اشْتَراه لإِنْسانٍ فبانَ أنَّه اشْتَراه لغيرِه؛ لأنَّه قد يَرْضَى بشَرِكَةِ إنْسانٍ دُونَ غيرِه، وقد يُحابِى إنْسانًا أو يَخافُه فيَتْرُكُ لذلك. وكذلك إن أظْهَرَ أنَّه اشْتَرَى الْكُلَّ بِثَمَنٍ فبانَ أنّه اشتَرَى نِصْفَه بنِصْفِه أو أنّه اشتَرَى نِصْفَه بثَمَن فبانَ أنّه اشتَرَى جَمِيعَه بضِعْفِه، أو أنّه اشتَرَى الشِّقْصَ وحدَه فبانَ أَنه اشْتَراهُ هو وغيرُه، أو بالعَكْسِ، لم تَسْقُطِ الشُّفْعَةُ في جَمِيعِ ذلك؛ لأنَّه قد يكونُ له غَرَضٌ فيما أبْطَنَه دُونَ ما أظْهَرَه، فَيَتْرُكُ لذلك، فلم تَسْقُطْ شُفْعَتُه، كما لو أظْهَرَ أنَّه اشْتَراه بثَمَنٍ فبان أقَلَّ منه. فأمَّا إن أظْهَرَ أنَّه اشْتَراه بثَمَنٍ فبان أنَّه اشْتَراه بأكْثَرَ، أو أنَّه اشْتَرَى الكلَّ بثَمَنٍ فبانَ أنَّه اشْتَرَى به بعضَه سَقَطَتْ شُفْعَتُه؛ لأنَّ الضَّرَرَ فيما أبْطَنَه أكْثَرُ، فإذا لم يَرْضَ به (1) بالثَّمَنِ القَلِيلِ مع قِلَّةِ ضَرَرِه، فبالكَثِيرِ أوْلَى.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن أخْبَرَه بالبَيعِ مُخْبِرٌ فصَدَّقَه، ولم يُطالِبْ بالشُّفْعَةِ، بَطَلَتْ شُفْعَتُه، سَواءٌ كان المُخْبِرُ مِمَّن يُقْبَلُ خَبَرُه أو لا؛ لأنَّ العِلْمَ قد يَحْصُلُ بخَبَرِ مَن لا يُقْبَلُ خَبَرُه؛ لقَرائِنَ دَالَّةٍ على صِدْقِه. وإن قال: لم أُصَدِّقْه. وكان المُخْبِرُ مِمَّن يُحْكَمُ بشَهادَتِه؛ كرَجُلَين عَدْلَين، بَطَلَتْ شُفْعَتُه؛ لأنَّ قولَهم حُجَّةٌ تَثْبُتُ بها الحُقُوقُ. وإن كان مِمَّن لا يُعْمَلُ بقَوْلِه، كالفاسِقِ، والصَّبِيِّ، لم تَبْطُلْ. وحُكِيَ عن أبي يُوسُفَ، أنَّها تَسْقُطُ؛ لأنَّه خَبَرٌ يُعْمَلُ به في الشَّرْعٍ في الإِذْنِ في دُخُولِ الدّارِ وشِبْهِه، فسَقَطَتْ، كخَبَرِ العَدْلِ. ولَنا، أنَّه خبَرٌ لا يُقْبَلُ في الشَّرْعِ، أشْبَهَ قَوْلَ الطِّفْلِ والمَجْنُونِ. وإن أخْبَرَه رجلٌ عَدْلٌ، أو مَسْتُورُ الحالِ، سَقَطَتْ شُفْعَتُه. ويَحْتَمِلُ أن لا تَسْقُطَ. ويُرْوَى هذا عن أبي حنيفةَ، وزُفَرَ؛ لأنَّ الواحِدَ لا تَقُومُ به البَيِّنَةُ. ولَنا، أنَّه خَبَرٌ لا تُعْتَبَرُ فيه الشَّهادَةُ، فقُبِلَ مِن العَدْلِ، كالرِّوايَةِ، والفُتْيَا، وسائِرِ الأخْبارِ الدِّينِيَّةِ، وفارَقَ الشَّهادَةَ، فإنَّه يُحْتاطُ لها باللَّفْظِ، والمَجْلِسِ، وحُضُورِ المُدَّعَى عليه، وإنْكارِه،