الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا أَطَارَتِ الرِّيحُ الْغَرَضَ، فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ، فَإِنْ كَانَ شَرْطُهُمْ خَوَاصِلَ، احْتُسِبَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ خَوَاسِقَ، لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهِ وَلَا عَلَيهِ.
ــ
أو يُظْهِرَ (1) أنَّه يُعَلِّمُه. وهكذا الحاضِرُ معهما، مثلُ الأمِينِ والشّاهِدَين، يُكْرَهُ لهم مَدْحُ المُصِيبِ وتَعْنِيفُ المُخْطِئِ وزَجْرُه؛ لأنَّ فيه كَسْرَ قَلْبِ أحَدِهما وغَيظَه.
2249 - مسألة: (وإذا أطارَتِ الرِّيحُ الغَرَضَ، فوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ، فإن كان شَرْطُهما خَواصِلَ، احْتُسبَ)
له (به) لعِلْمِنا أنَّه لو كان الغَرَضُ في مَوْضِعِه أصابَه.
2250 - مسألة: (وإن كَانَ)
شَرْطُهما (خَواسِقَ، لم يُحْتَسَبْ له به، ولا عليه) وهذا قولُ أبي الخَطّابِ؛ لأنّا لا نَدْرِي هل يَثْبُتُ في الغَرَضِ إن كان مَوْجُودًا أو لا؟ وقال القاضي: يُنْظَرُ؛ فإن كانت صَلابَةُ الهَدَفِ كصَلابَةِ الغَرَضِ، فثَبَت في الهَدَفِ، احْتُسِبَ له به؛ لأنَّه
(1) بعده في ر، م:«له» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لو بَقِيَ مَكانَه لثَبَتَ فيه، كثُبُوتِه في الهَدَفِ، وإن لم يَثْبُتْ فيه مع التَّساوي، لم يُحْتَسَبْ. وإن كان الهَدَفُ أصْلَبَ فلم يَثْبُتْ فيه، أو كان رِخْوًا، لم يُحْتَسَبِ السَّهْمُ له ولا عليه؛ لأنَّنا لا نَعْلَمُ هل كان يَثْبُتُ في الغَرَضِ لو بَقِيَ مَكانَه أو لا؟ وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ. فإن وَقَع السَّهْمُ في غيرِ مَوْضِعِ الغَرَضِ، احْتُسِبَ به على رامِيه؛ لأنَّه أخْطَأَ، ولو وَقَع في الغَرَضِ في المَوْضِعِ الذي طار إليه، حُسِب عليه أيضًا، إلَّا أن يكونا اتَّفَقا على رَمْيِه في المَوْضِعِ الذي طار إليه. وكذلك الحُكْمُ إذا ألْقَتِ الرِّيحُ الغَرَضَ على وَجْهِه.
فصل: إذا كان شَرْطُهما خَواصِلَ، فأصاب بنَصْلِ السَّهْمِ، حُسِب له كيف كان، فإن أصاب بعَرْضِه، أو بفُوقِه، نحوَ أن يَنْقَلِبَ السَّهْمُ بينَ يَدَي الغَرَضِ، فيُصِيبَ فُوقُه الغَرَضَ، لم يُعْتَدَّ به؛ لأنَّ هذا مِن سَيِّئِ الخَطَأ. فإنِ انْقَطَعَ السَّهْمُ قِطْعَتَين، فأصابَتِ القِطْعَةُ الأُخْرَى، لم يُعْتَدَّ به. وإن كان الغَرَضُ جِلْدًا خِيطَ عليه شَنْبَرٌ كَشَنْبَرِ المُنْخُلِ، وجَعَلا له عُرًى وخُيُوطًا تُعَلَّقُ به في العُرَى، فأصاب الشَّنْبَرَ أو العُرَى، نَظَرْتَ في شَرْطِهما؛ فإن شَرَطا إصابَةَ الغَرَضِ، اعْتُدَّ له؛ لأنَّ ذلك مِن الغَرَضِ، فأمّا المَعالِيقُ، وهي الخُيُوطُ، فلا يُعْتَدُّ له بإصابَتِها على كلا الشَّرْطَين؛ لأنَّها ليسَتْ مِنَ الجِلْدَةِ ولا مِنَ الغَرَضِ، فهي كالهَدَفِ.
فصل: فإن كان شَرْطُهما خَواسِقَ، وهو ما ثَقَب الغَرَضَ وثَبَت فيه، فمتى أصاب الغَرَضَ بنَصْلِه وثَبَت فيه، احْتُسِبَ به. وإن خَدَشَه ولم يَثْقُبْه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يُحْتَسَبْ له، وحُسِب عليه. وإن مَرَق منه، احْتُسِبَ له به؛ لأنَّ ذلك لِقُوَّةِ رَمْيِه، فهو أبْلَغُ مِن الخاسِقِ، وإن خَرَقَه ووَقَع بينَ يَدَيه، احْتُسِبَ له به، في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّه ثَقَب ثَقْبًا يَصْلُحُ للخَسْقِ، وإنَّما لم يَثْبُتِ السَّهْمُ لسَبَبٍ آخَرَ، مِن سَعَةِ الثَّقْبِ أو غيرِه. والثانِي، لا يُحْتَسَبُ له. وهو أوْلَى؛ لأنَّ الخاسِقَ ما ثَبَت، وهذا لم يَثْبُتْ، وثُبُوتُه يكونُ لحِذْقِ الرّامِي، وقَصْدِه برَمْيِه ما اتَّفَقا عليه، إلَّا أن يكونَ امْتِناعُ السَّهْمِ مِن الثبوتِ لوُجُودِ ما يَمْنَعُ الثُّبُوتَ؛ مِن حَصاةٍ، أو حَجَرٍ، أو عَظْمٍ، أو أرْضٍ غَلِيظَةٍ، ففيه الوَجْهان أيضًا؛ إلَّا أنَّه إذا لم يُحْتَسَبْ له، لم يُحْتَسَبْ عليه؛ لكونِ العارِضِ مَنَعَه مِن الثُّبُوتِ، أشْبَهَ ما لو مَنَعَه عارِضٌ مِن الإصابَةِ. فإنِ اخْتَلَفا في وُجُودِ العارِضِ؛ فإن عُرِف مَوْضِعُ الثَّقْبِ باتِّفاقِهما أو بَيِّنَةٍ، نُظِر في المَوْضِعِ؛ فإن لم يكنْ فيه ما يَمْنَعُ، فالقولُ قولُ المُنْكِرِ، وإن كان فيه ما يَمْنَعُ، فالقولُ قولُ المُدَّعِي، بغيرِ يَمِينٍ؛ لأنَّ الحال تَشْهَدُ بصِدْقِ ما ادَّعاه. وإن لم يَعْلَما مَوْضِعَ الثَّقْبِ، إلَّا أنَّهما اتَّفَقا على أنَّه خَرَق الغَرَضَ، ولم يكنْ وراءَه شيءٌ [يَمْنَعُ، فالقولُ قولُ المُنْكِرِ بغيرِ يَمِينٍ أيضًا؛ لأنَّه لا مانِعَ. وإن كان وراءَه ما يَمْنَعُ](1)، وادَّعَى المُصابُ عليه أنَّه لم يكنِ السَّهْمُ في مَوْضِع وراءَه ما يَمْنَعُ، فالقولُ قَوْلُه مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الإِصابَةِ مع احْتِمالِ ما يَقُولُه المُصِيبُ. وإن أنْكَرَ أن يكونَ خَرَق، فالقولُ قَوْلُه أيضًا مع يَمِينِه؛ لِما ذَكَرْنا.
(1) سقط من: الأصل.