الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع.
ــ
2427 - مسألة: (وعُهْدَةُ الشَّفِيعِ على المُشْتَرِي، وعُهْدَةُ المُشْتَرِي على البائِعِ)
إذا أخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ، فَظَهَرَ مُسْتَحَقًّا، فرُجُوعُه بالثَّمَنِ على المُشْتَرِي، ويَرْجِعُ المُشْتَرِي على البائِعِ. وإن وَجَدَه مَعِيبًا فله رَدُّه على المُشْتَرِي، أو أخْذُ أرْشِه منه، والمُشْتَرِي يَرُدُّ على البائِعِ، أو يَأخُذُ الأرْش منه، سَواءٌ قَبَض الشِّقْصَ مِن المُشْترِي أو مِن البائِعِ. وبه قال الشافعيُّ. وقال ابنُ أبي لَيلَى، والبَتِّيُّ: عُهْدَةُ الشَّفِيعِ على البائِعِ؛ لأنَّ الحَقَّ ثَبَت له بإيجابِ البائِعِ، فكان رُجُوعُه عليه، كالمُشْتَرِي. وقال أبو حنيفةَ: إن أخَذَه مِن المُشْتَرِي فالعُهْدَةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، وإن أخَذَه مِن البائِعِ فالعُهْدَةُ عليه؛ لأنَّ الشَّفِيعَ إذا أخَذَه مِن البائِعِ، تَعَذَّرَ قَبْضُ المُشْتَرِي، فيَنْفَسِخُ البَيعُ بينَ البائِعِ والمُشْتَرِي، فكأنَّ الشَّفِيعَ أخَذَه مِن البائِعِ مالِكًا مِن جِهَتِه، فكانت عُهْدَتُه عليه. ولَنا، أنَّ الشُّفْعَةَ مُسْتَحَقّة بعدَ الشِّراءِ وحُصُولِ المِلْكِ للمُشْتَرِي، ثم يَزُولُ المِلْكُ مِن المُشْتَرِي إلي الشَّفِيعِ بالثَّمَنِ، فكانتِ العُهْدَةُ عليه، كما لو أخَذَه منه ببَيعٍ، ولأنَّه مَلَكَه مِن جِهَةِ المُشْتَرِي بالثَّمَنِ، فمَلَكَ رَدّه عليه بالعَيبِ، كالمُشْتَرِي في البَيعِ الأوَّلِ. وقِياسُه على المُشْتَرِي في جَعْلِ عُهْدَتِه على البائِعِ، لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المُشْتَرِيَ مَلَكَه مِن البائِعِ، بخِلافِ الشَّفِيعِ. وأمّا إذا أخَذَه مِن البائِعِ، فالبائِعُ نائِبٌ عن المُشْتَرِي في التَّسْلِيمِ المُسْتَحَقِّ عليه. ولو انْفَسخَ العَقْدُ بينَ المُشْتَرِي والبائِعِ، بَطَلَتِ الشُّفْعَةُ؛ لأَنها اسْتُحِقَّتْ به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وحُكْمُ الشَّفِيعِ في الرَّدِّ بالعَيبِ، حُكْمُ المُشْتَرِي مِن المُشْتَرِي، فإن عَلِمَ المُشْتَرِي بالعَيبِ، ولم يَعْلَمِ الشَّفِيعُ، فللشَّفِيعِ رَدُّه على المُشْتَرِي، أو أخْذُ أرْشِه منه، وليس للمُشْتَرِي شيء. ويَحْتَمِلُ أن لا يَمْلِكَ الشَّفِيعُ أخْذَ الأرْشِ؛ لأنَّ الشَّفِيعَ يَأخُذُ بالثَّمَنِ الذي اسْتَقَرَّ عليه العَقْدُ، فإذا أخَذَ الأرْشَ، فما أخَذَه بالثَّمَنِ الذي اسْتَقَرَّ على المُشْتَرِي. وإن عَلِمَ الشَّفِيعُ وحدَه، فليس لواحِدٍ منهما رَدٌ ولا أرْشٌ؛ لأنَّ الشَّفِيعَ أخَذَه عالِمًا بعيبِه فلم يَثْبُتْ له رَدٌّ ولا أرْشٌ، كالمُشْتَرِي إذا عَلِم العَيبَ، والمُشْتَرِي قد اسْتَغْنَى عن الرَّدِّ لزَوال مِلْكِه عن المَبِيعِ، وحُصُولِ الثَّمَنِ له مِن الشَّفِيعِ، ولم يَمْلِكِ الأرْشَ؛ لأنَّه اسْتَدْرَكَ ظُلامَتَه، ورَجَع إليه جَمِيعُ الثَّمَنِ، فأشْبَهَ ما لو رَدَّه على البائِعِ. ويَحْتَمِلُ أن يَمْلِكَ أخْذَ الأرْشِ؛ لأنَّه بَدَلٌ عن الجُزْءِ الفائِتِ مِن المَبِيعِ، فلم يَسْقُطْ بزَوالِ مِلْكِه عن المَبِيعِ، كما لو اشْتَرَى قَفِيزَين فتَلِف أحَدُهما وأخَذَ الآخرَ. فعلى هذا، ما يَأخُذُه مِن الأرْش يَسْقُطُ عن الشَّفِيعِ مِن الثَّمَنِ بقَدْرِه؛ لأنَّ الشِّقْصَ يَجِبُ عليه بالثَّمَنِ الذي اسْتَقَرَّ عليه العَقْدُ، فأشْبَهَ ما لو أخَذَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأرْش قبلَ أخْذِ الشَّفِيعِ منه. وإن عَلِمَا جميعًا، فليس لواحِدٍ منهما رَدُّ ولا أرْشٌ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما دَخَل على بَصِيرَةٍ، ورَضِيَ ببَذْلِ الثَّمَنِ فيه بهذه الصِّفَةِ. وإن لم يَعْلَمَا، فللشَّفِيعِ رَدُّه على المُشْتَرِي، وللمُشْتَرِي رَدُّه على البائعِ، فإن لم يَرُدَّه الشَّفِيعُ، فلا رَدَّ للمُشْتَرِي؛ لِما ذَكَرْنا أوّلًا. وإن أخَذَ الشَّفِيعُ أرْشَه مِن المُشْتَرِي، فللمُشْتَرِي أخْذُه مِن البائِعِ. وإن لم يَأخُذْ منه شيئًا، فلا شيءَ للمُشْتَرِي. ويَحْتَمِلُ أن يَمْلِكَ أخْذَه على الوَجْهِ الذي ذَكَرْناه. فإذا أخَذَه، فإن كان الشَّفِيعُ لم يُسْقِطْه عن المُشْتَرِي، سَقَط عنه مِن الثَّمَنِ بقَدْرِه؛ لأنَّه الثَّمَنُ الذي اسْتَقَرَّ عليه البَيعُ، وسُكُوتُه لا يُسْقِطُ حَقَّه، وإن أسْقَطَه عن المُشْتَرِي، تَوَفَّرَ عليه، كما لو زادَه على الثَّمَنِ باخْتِيارِه. فأمَّا إنِ اشْتَراه بالبَراءَةِ مِن كلِّ عَيبٍ، فالصَّحِيحُ مِن (1) المَذْهَبِ، أنَّه لا يَبْرأ، وحُكْمُه حُكْمُ ما لو لم يَشْتَرِطْ. وفيه رِوايَة أُخرَى، أنَّه يَبْرأ، إلَّا أن يكونَ البائِعُ عَلِم بالعَيبِ فَدَلَّسَه واشْتَرَطَ البَراءَةَ. فعلى هذه الروايةِ، إن عَلِم الشَّفِيعُ باشْتِراطِ البَراءَةِ، فحُكْمُه حُكْمُ المُشْتَرِي؛ لأنَّه دَخَل على شِرائِه، فصار [كمُشْتَر ثانٍ اشْتَرطَ](2) البَراءَةَ، وإن لم يَعْلَم ذلك، فحُكْمُه كما (3) ما لو عَلِمَه المُشْتَرِي دُونَ الشَّفِيعِ.
(1) في م: «في» .
(2)
في م: «كمشتريين اشترطا» .
(3)
في م: «حكم ما» .