الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَفَرَهَا في سَابِلَةٍ؛ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَضْمَنْ، في أَصَحِّ الرِّوَايَتَينِ.
ــ
فضَمِنَ، كما لو لم يَأْذَنْ فيه الإِمَامُ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ للإِمامِ الإِذْنَ في هذا. وإنَّما جازَ الإِذْنُ في القُعُودِ (1)؛ لأنَّه لا يَدُومُ، ويُمْكِنُ إزَالتُه في الحالِ، أشْبَهَ القُعُودَ في المَسْجِدِ، ولأنَّ (2) القُعُودَ جائِزٌ مِن غيرِ إذْنِ الإِمَام، بخِلافِ الحَفْرِ.
2372 - مسألة: (وإن حَفَرَها في سابِلَةٍ؛ لنَفْعِ المسلمينَ، لم يَضْمَنْ، في أصَحِّ الرِّوايَتَين)
مثلَ أن يَحْفِرَها ليَنْزِلَ فيها ماءُ المَطَرِ، أو ليَشْرَبَ منه المارَّةُ، ونحو هذا، فلا يَضْمَنُ؛ لأنَّه مُحْسِنٌ بفِعْلِه غيرُ مُتَعَدٍّ، أشْبَهَ باسِطَ الحَصِيرِ في المَسْجِدِ. وقال بعضُ أصحابِنا: لا يَضْمَنُ إذا
(1) في الأصل: «العقود» .
(2)
في الأصل: «وليس» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان بإذْنِ الإمامِ، وإن كان بغيرِ إذْنِه، لم يَضْمَنْ في إحدى الرِّوايَتَين، فإنَّ أحمدَ مَال في رِوايَةِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ: إذا أَحْدَثَ بِئْرًا لماءِ المَطَرِ، ففيه (1) نَفْعٌ للمُسْلِمِينَ، أَرْجُو أن لا يَضْمَنَ. والثانيةُ، يَضْمَنُ. أَوْمَأَ إليه أحمدُ؛ لأنَّه افْتأَتَ علي الإِمَامِ. ولم يَذْكُرِ المَاضِي سِوَى هذه الرِّوايَةِ. والصَّحِيحُ الأوّلُ؛ لأن هذا مِمّا تَدْعُو الحاجَةُ إليه، ويَشُقُّ اسْتِئْذانُ الإِمَامِ فيه، وتَعُمُّ البَلْوَى به، ففي وُجُوبِ الاسْتِئْذانِ فيه تَفْويتٌ لهذه المَصْلَحَةِ العامَّةِ؛ لأنَّه لا يَكادُ يُوجَدُ مَن يَتَحَمَّلُ كُلْفَةَ الاسْتِئْذانِ والحَفْرِ معًا، فتَضِيعُ هذه المَصْلَحَةُ، فوَجَبَ سُقُوطُ الاسْتِئْذانِ، كما في سائِرِ المَصالِحِ العَامّةِ؛ مِن بَسْطِ حَصِيرٍ في المَسْجِدِ، أو وَضْعِ سِرَاجٍ، أو رَمِّ شَعَثٍ، وأشْباهُ ذلك. وحُكمُ البِناءِ في الطَّرِيقِ حُكْمُ الحَفْرِ فيها، على ما ذَكَرْنا مِن التَّفْصِيلِ والخِلافِ، وهو أنَّه متى بَنَى بِناءً يَضُرُّ؛ لكَوْنِه في طَرِيقٍ ضَيِّقٍ،
(1) في م: «فيه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو واسِعٍ إلَّا أنَّه يَضُرُّ بالمارَّةِ، أو بَنَى (1) لنَفْسِه، ضَمِن ما تَلِفَ به، وسَواءٌ في ذلك كلِّه إذْنُ الإِمَامِ وعَدَمُ الإِذْنِ. قال شيخُنا (2): ويَحْتَمِلُ أن يُعْتَبَرَ إذْنُ الإِمامِ في البِنَاءِ لنَفْعِ المُسْلِمينَ دونَ الحَفْرِ؛ لأنَّ الحَفْرَ تَدْعُو الحاجَةُ إليه لنَفْعِ الطَّرِيقِ، وإصْلاحِها، وإزالةِ الطِّينِ والماءِ منها، بخِلافِ البِناء، فجَرَى حَفْرُها مَجْرَى تَنْقِيَتها، وحَفْرِ هِدْفَةٍ (3) منها، وقَلْعِ حَجَرٍ يَضُرُّ بالمارَّةِ، ووَضْعِ الحَصَى في حُفْرَةٍ فيها [لِيَمْلَأَها ويُسَهِّلَها](4) بإزَالةِ الطِّينِ ونحوه منها، وتَسْقِيفِ ساقِيةٍ فيها، ووَضْعِ حَجَرٍ في [طِينِ فيها](5) ليَطَأَ الناسُ عليه، فهذا كُلُّهُ مُباحٌ، لا يَضْمَنُ ما
(1) في م: «بناه» .
(2)
في: المغني 12/ 91.
(3)
الهدفة: القطعة.
(4)
في تش: «ويملأها ليسهلها» ، وفي م:«ليسهلها ويملكها» .
(5)
في الأصل: «طينها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَلِفَ به. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وكذلك يَنْبَغِي أن يكونَ في بِناءِ القَناطِرِ. ويَحْتَمِلُ أن يُعْتَبَرَ إذْنُ الإِمَامِ فيها؛ لأنَّ مَصْلَحَتَه لا تَعُمُّ، بخِلافِ غيرِه. قال بعضُ أصحابِنا في حَفْرِ البِئْرِ: يَنْبَغِي أن يَتَقَيَّدَ سُقُوطُ الضَّمانِ إذا حَفَرَها في مَكانٍ مائِلٍ عن القارِعَةِ، وجَعَل عليه حاجِزًا يُعْلَمُ به ليُتَوَقَّى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن حَفَر العَبْدُ بِئْرًا في مِلْكِ إنْسانٍ بغيرِ إذْنِه، أو في طَرِيقٍ، يَتَضَرَّرُ به، ثم أُعْتِقَ، ثم تَلِفَ بها شيءٌ، ضَمِنَه العَبْدُ. وبه قال الشّافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: الضَّمانُ على السَّيِّدِ؛ لأنَّ الجِنايَةَ بالحَفْرِ (1) في حالِ رِقِّه، وكان ضَمانُ جِنايَتِه حِينَئذٍ على سَيِّدِه، ولا يَزُولُ ذلك بعِتْقِه، كما لو جَرَح في حالِ رِقِّه ثم سَرَى جُرْحُه بعدَ عِتْقِه. ولَنا، أنَّ التلَفَ المُوجِبَ للضَّمانِ وُجِدَ بعدَ العِتْقِ، فكان الضَّمانُ عليه، كما لو اشْتَرَى سَيفًا في حالِ
(1) في الأصل: «الحفر» .