الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ سَمَّرَ بِالْمَسَامِيرِ بَابًا، لَزِمَهُ قَلْعُهَا وَرَدُّهَا.
ــ
ويَجُوزُ له، فوَجَبَ (1)، كما لو بَعَّدَ العَينَ، ولا يُشْبِهُ الخَيطَ الذي يُخافُ على العَبْدِ مِن قَلْعِه؛ لأنَّه لا يَجُوزُ له رَدُّه، لما في ضِمْنِه مِن تَلَفِ الآدَمِيِّ، ولأنَّ حاجَتَه إلى ذلك تُبِيح أَخذَه ابْتِداءً، بخِلافِ البِنَاءِ.
2297 - مسألة: (وإن سَمَّرَ بالمَسامِيرِ بابًا، لَزِمَه قَلْعُها ورَدُّها)
لِما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثِ.
فصل: وإن غَصَب فَصِيلًا فأَدْخَلَه دارَه، فكَبِرَ ولم يَخْرُجْ مِن البابِ، أو خَشَبة وأدْخَلَها دارَه، ثم بَنَى البابَ ضَيِّقًا لا يَخْرُجُ منه إلَّا بنَقْضِه، وَجَب نَقْضُه ورَدُّ الفَصِيلِ والخَشَبَةِ،؛ يُنْقَضُ البِنَاءُ لرَدِّ السّاجَةِ (2). فإن كان حُصُولُه في الدّارِ بغيرِ تَفْرِيطٍ مِن صاحِبِ الدّارِ، نُقِض البابُ، وضَمانُه على صاحِبِ الفَصِيلِ؛ لأنَّه لِتَخْلِيصِ مالِه مِن غيرِ تَفْرِيطٍ مِن صاحِبِ الدّارِ. وأمّا الخَشَبَةُ، فإن كان كَسْرُها أكْثَرَ ضَرَرًا مِن نَقْضِ البابِ، فهي كالفَصِيلٍ، وإن كان أقَلَّ، كُسِرَتْ. ويَحْتَمِلُ في الفَصِيلِ مثلُ هذا، متى كان ذبْحُه أقَلَّ ضَرَرًا، ذُبِحَ وأُخْرِجَ لحمًا؛ لأنَّه في مَعْنَى الخَشَبةِ، وإن كان حُصُولُه في الدّارٍ بعُدْوانٍ مِن صاحِبِه، كرجل غَصَب دارًا وأَدْخَلَها فَصِيلًا أو خَشَبَةً، أو تعَدَّى على إنْسانٍ فأَدْخَلَ دارَه فَرَسًا ونحوَها، كُسِرَتِ الخَشَبَةُ وذُبِحَ الحَيَوانُ وإن زاد ضَرَرُه على
(1) في تش، م:«فيجوز» .
(2)
الساج: نوع من الخشب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَقْضِ البِنَاءِ؛ لأنَّ سَبَبَ هذا الضَّرَرِ عُدْوانُه، فيكون عليه. ولو باعَ دارًا فيها خَوَابٍ (1) لا تَخْرج إلَّا بنَقْضَ البابِ، أو خَزائِن، أو حَيَوانٌ، وكان نَقْضُ البابِ أَقلَّ ضَرَرًا مِن بَقاءِ ذلك في الدّارِ أو تَفْصِيلِه أو ذَبْحِ الحَيَوانِ، نقِضَ، وكان إصلاحُه على البائِعِ؛ لأنَّه لتَخْلِيصِ مالِه. وإن كان أكْثَرَ ضَرَرًا، لم يُنْقَضْ؛ لأَنه لا فائِدَةَ فيه، ويَصْطَلِحان على ذلك، إمّا بأن يَشْتَرِيَه مُشْتَرِي الدّارِ، أو غيرِ ذلك.
فصل: وإن غَصَب جَوْهَرةً فابْتَلَعَتْها بَهِيمَةٌ، فقال أصحابُنا: حُكْمُها حُكْمُ الخَيطِ الذي خاطَ به جُرْحَها. على ما نَذْكُرُه. قال شيخُنا (2): ويَحْتَمِلُ أنَّ الجَوْهَرةَ متى كانت أكثَرَ قِيمةً مِن الحيوانِ، ذُبِحَ ورُدَّتْ إلى مالِكِها، وضَمانُ الحَيَوانِ على الغاصِبِ، إلَّا أنَّ يكونَ الحَيَوانُ آدَمِيًّا. ويُفارِقُ الخَيطَ، فإنَّه في الغالِبِ أقَلُّ قِيمةً مِن الحَيَوانِ، والجَوْهَرةُ أكْثَرُ قِيمَةً، ففي ذَبْحِ الحَيَوانِ رِعَايَةُ حَقِّ المالِكِ برَدِّ عَينِ مالِه إليه، ورِعايَة حَقِّ الغاصِبِ بتَقْلِيلِ الضَّمانِ عليه. وإنِ ابْتَلَعَتْ شاةُ رجل جَوْهَرَةَ آخَرَ غيرَ مَغْصُوبَةٍ، ولم يُمْكِنْ إخْراجُها إلَّا بذَبْحِ الشّاةِ، ذُبِحَتْ إذا كان ضَرَرُ ذَبْحِها أَقَلَّ، وضَمانُ نَقْصِها على صاحِبِ الجَوْهَرَةِ؛ لأنَّه لتَخْلِيصِ مالِه، فإن كان التَّفْرِيطُ مِن صاجِبِ الشّاةِ، بكَوْنِ يَدِه عليها، فلا شيءَ على صاحِبِ الجَوْهَرَةِ؛ لأنَّ التَّفْرِيطَ مِن غيرِه، فكان الضَّرَرُ على المُفَرِّطِ.
(1) الخابية: وعاء الماء الذي يحفظ فيه.
(2)
في: المغني 7/ 409.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن أَدْخَلَتْ رَأْسَها في قُمْقُمٍ، ولم يُمْكِنْ إخْراجُه إلَّا بذَبْحِها أو كَسْرِ القُمْقُم، وكان ضَرَرُ ذَبْحِها أَقَلَّ، ذُبِحَت، وإن كان ضَرَرُ (1) كَسْرِ القُمْقُمِ أَقَلَّ، كُسِرَ، فإن كان التَّفْرِيطُ مِن صاحِبِ الشّاةِ، فالضَّمانُ عليه، وإن كان مِن صاحِبِ القُمْقُمِ، بأن وَضَعَه في الطَّرِيقِ، فالضَّمانُ عليه، وإن لم يَكُنْ منهما تَفْرِيطٌ، فالضَّمانُ على صاحِبِ الشّاةِ إن (2) كُسِرَ القُمْقُمُ؛ لأنَّه كُسِرَ لتَخْلِيصِ شاتِه، وإذا ذُبِحَتِ الشّاةُ، فالضَّمانُ على صاحِبِ القُمْقُمِ؛ لأنَّه لتَخْلِيصِ مالِه. فإن قال مَن عليه الضَّمانُ منهما: أنا أُتلِفُ مالِي ولا أَغْرَمُ شيئًا للآخرِ. فله ذلك؛ لأنَّ إتْلافَ مالِ الآخَرِ إنَّما كان لحَقِّه وسَلَامةِ مالِه وتَخْلِيصِه، فإذا رَضِيَ بتَلَفِه، لم يَجُزْ إتْلافُ غيرِه. وإن قال: لا أُتْلِفُ مالِي ولا أَغْرَمُ شيئًا. لم نُمَكِّنْه مِن إتْلافِ مالِ صاحِبِه، لكنَّ صاحِبَ القُمْقُمِ لا يُجْبَرُ على شيءٍ؛ لأنَّه لا حُرْمَةَ له، فلا يُجْبَرُ صاحِبُه على تَخْلِيصِه، وأما صاحِبُ الشّاةِ، فلا يَحِلُّ له تَرْكُها؛ لِما فيه مِن تَعْذِيبِ الحَيوانِ، فيُقالُ له: إما أنَّ تَذْبَحَ الشاةَ لتُرِيحَها مِن العَذَاب، وإمّا أنَّ تَغْرَمَ القُمْقُمَ لصاحِبِه إذا كان كَسْرُه أَقَلَّ ضَرَرًا؛ لَأنَّ ذلك مِن ضَرُورَةِ إبْقائِها أو تَخْلِيصِها مِن العَذابِ، فلَزِمَه، كعَلَفِها. فإن كان الحَيَوانُ غيرَ مَأْكُولٍ، احْتَمَلَ أنَّ يكونَ حُكْمُه حُكْمَ المَأْكُولِ فيما ذَكَرْنا واحْتَمَلَ أنَّ يكْسَرَ القُمْقُمُ. وهو قولُ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل، تش، م:«وإن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أصحابِنا؛ لأنَّه لا نَفعَ في ذَبْحِه، ولا هو مَشْرُوعٌ، وقد نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذَبْحِ الحَيَوانِ لغيرِ مَأْكَلَةٍ (1). ويَحْتَمِلُ أنَّ يكونَ كالمَأْكُول في أنَّه متى كان قَتْلُه أقَلَّ ضَرَرًا، أو كانتِ الجِنايَةُ مِن صاحِبِه، قُتِلَ؛ لأن حُرْمَتَه مُعارَضَةٌ بحُرْمَةِ مالِ الآدَمِيِّ الذي يُتْلَفُ، والنَّهْيُ عن ذَبْحِه مُعارَضٌ بالنَّهْيِ عن إضَاعَةِ المالِ، وفي كَسْرِ القُمْقُم مع كَثْرةِ قِيمَتِه إضاعَةُ المالِ. واللهُ أعلمُ.
فصل: وإن غَصَب دِينارًا فوَقَعَ في مِحْبَرَتِه، أو أخَذَ دِينارَ غيرِه، فسَهَا فوَقَعَ في مِحْبَرَتِه، كُسِرَتْ ورَدَّ الدِّينارَ، كما يُنْقَضُ البِنَاءُ لرَدِّ الخَشَبَةِ، وكذلك إن كان دِرْهَمًا أو أقلَّ. وإن وَقَع مِن غيرِ فِعْلِه، كُسِرَتْ لرَدِّ الدِّينارِ إن أَحَبَّ صاحِبُه، والضَّمانُ عليه؛ لأنَّه (2) لتَخْلِيصِ مالِه. وإن غَصَب دِينارًا، فوَقَعَ في مِحْبَرَةِ آخَرَ بفِعْلِ الغاصِبِ أو بغيرِ فِعْلِه، كُسِرَتْ لرَدِّه، وعلى الغاصِبِ ضَمانُ المِحْبَرَةِ؛ لأنَّه السَّبَبُ في كَسْرِها. وإن كان كَسْرُها أكْثَرَ ضَررًا مِن تَبْقِيَةِ الواقِعِ فيها، ضَمِنَه الغاصِبُ، ولم يُكْسَرْ. وإن رَمَى إنسانٌ دِينارَه في مِحْبَرَةِ غيرِه عُدْوانًا، فأبَى صاحبُ المِحْبرَةِ كَسْرَها، لم يُجْبَرْ عليه؛ لأنَّ صاحِبَه تَعَدَّى برَمْيِه فيها، فلم يُجْبَرْ صاحِبُها على إتْلافِ مالِه لإِزَالةِ ضَرَرِ عُدْوانِه عن نَفْسِه، وعلى الغاصِبِ نَقْصُ المِحْبَرَةِ بوُقُوعِ الدِّينارِ فيها. ويَحْتَمِلُ أنَّ يُجْبَرَ على كَسْرِها لرَدِّ عَينِ مالِ الغاصِبِ،
(1) تقدم تخريجه في 10/ 61.
(2)
سقط من: تش، م.