الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً، فَعَلَى صَاحِبِهَا ضَمَانُ الْمُصْعِدَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ غَلَبَهُ رِيحٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِهَا.
ــ
2381 - مسألة: (وإن كانت إحْداهُما مُنْحَدِرَةً، فعلى صاحِبِها ضَمانُ المُصْعِدَةِ، إلَّا أنَّ يكونَ غلبَه رِيحٌ، فلم يَقْدِرْ على ضَبْطِها)
متى كان قَيِّمُ المُنْحَدِرَةِ مُفَرِّطًا، فعليه ضَمانُ الصاعِدَةِ؛ لأنَّها تَنْحَطُّ عليها مِن عُلْوٍ فيكون ذلك سَبَبًا لغَرَقِها، فتنزِلُ المُنْحَدِرَة بمَنْزِلَةِ السّائِرِ، والصاعِدَةُ بمَنْزِلَةِ الواقِفِ، إذا اصْطَدَمَا. وإن غَرِقَتَا جَمِيعًا، فلا شيءَ على المُصْعِدِ، وعلى المُنْحَدِرِ قِيمَةُ المُصْعِدَةِ، أو أرْشُ ما نَقَصَتْ إن لم تَتْلَفْ كلُّها، إلَّا أَنْ يكونَ التَّفْرِيط مِن المصْعِدِ، بأن يُمْكِنَه العدُولُ بسَفِينَتِه، والمُنْحَدِرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غيرُ قادِرٍ ولا مُفَرِّطٍ، فيكونُ الضمانُ علي المُصْعِدِ. وإن لم يَكُنْ مِن واحِدٍ منهما تَفْرِيطٌ، لكن هاجَتْ ريحٌ، أو كان الماءُ شَدِيدَ الجرْيَةِ فلم يُمْكِنْه ضَبْطُها، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه لا يَدْخُلُ في وُسْعِه، وَلَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إلَّا وُسْعَها. فإن كانت إحْدَى السَّفِينَتَين واقِفَةً والأخْرَى سائِرَةً، فلا شيءَ على الواقِفَةِ، وعلى السائِرَةِ ضَمانُ الواقِفَةِ إن كان القَيِّمُ مُفَرِّطًا، ولا ضَمانَ عليه إذا لم يُفَرِّطْ، على ما ذَكَرْنا.
فصل: فإن خِيفَ على السَّفِينَةِ الغَرَقُ، فألْقَى بعضُ الرُّكْبانِ مَتاعَه لتَخِفَّ وتَسْلَمَ مِن الغَرَقِ، لم يَضْمَنْه أحَدٌ؛ لأنَّه أتْلَفَ مَتاعَ نَفْسِه باخْتِيارِه لصَلاحِه وصَلاحِ غيرِه. وإن ألْقَى مَتاعَ غيرِه بغيرِ إذْنِه، ضَمِنَه وحدَه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن قال لغيرِه: ألْقِ مَتاعَكَ. فقَبِلَ منه، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه لم يَلْتَزِمْ ضَمانَه. وإن قال: ألْقِه وأنا ضامِنٌ له. أو: عليَّ قِيمَتُه. لَزِمَه ضَمانُه؛ لأنَّه أتْلَفَ ماله بعِوَض لمَصْلَحَةٍ، فوَجَب له العِوَضُ على مَن الْتَزَمَه، كما لو قال: أعْتِقْ عَبْدَكَ وعَلَيَّ ثَمَنُه. وإن قال،: ألْقِه، وعليَّ وعلى رُكّابِ السَّفِينةِ ضَمانُه. فألْقاه، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَلْزَمُه ضَمانه وحدَه. ذَكَرَه أبو بكر. وهو نَصُّ الشافِعِيِّ؛ لأنَّه الْتَزَمَ ضَمانَ جَميعِه، فلَزِمَه ما الْتَزَمَه. وقال القاضِي: إن كان ضَمانَ اشْتراكٍ، مثلَ أن يقولَ: نحن نضْمَنُ لك. أو قال: على كلِّ واحِدٍ مِنّا ضَمانُ قِسْطِه أو رُبْعُ مَتاعِكَ. لم يَلْزَمْه إلَّا ما يَخُصُّه مِن الضَّمانِ. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشافِعِيِّ؛ لأنَّه لم يَضْمَنْ إلَّا حِصَّتَه، وإنَّما أخْبَرَ عن الباقِينَ بالضَّمانِ فسَكَتُوا، وسُكُوتُهم ليس بضَمانٍ. وإنِ الْتَزَم ضَمانَ الجَمِيعِ وأخْبَرَ عن كلِّ واحِدٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منهم بمثلِ ذلك، لَزِمَه ضَمانُ الكلِّ؛ لأنَّه ضَمِن الكُلَّ. وإن قال: ألْقِه على أنَّ أضْمَنَه لك أنا ورُكْبانُ السَّفِينَةِ، فقد أذِنُوا لي في ذلك. فأنْكَرُوا الإذْنَ، فهو ضامِنٌ للجَمِيعِ. وإن قال: أْلْقِى مَتاعِي وتَضْمَنُه؟ فقال: نعم. ضَمِنَه له. وإن قال: أْلْقِ مَتاعَكَ، وعليَّ ضَمانُ نِصْفِه، وعلى أخِي ضَمانُ ما بَقِيَ. فألْقاه، فعليه ضَمانُ النِّصْف وحدَه، ولا شيءَ على الآخَرِ؛ لأنَّه لم يَضْمَنْ، واللهُ أعْلَمُ.
فصل: إذا خَرَق سَفِينَةً فغَرِقَتْ بما فيها، وكان عَمْدًا، وهو مِما يُغْرِقُها غالِبًا ويُهْلِكُ مَن فيها؛ لكَوْنِهم في اللُّجّةِ، أو لعَدَمِ مَعْرِفَتهِم بالسَّباحَةِ، فعليه القِصَاصُ إن قُتِلَ مَن يَجِبُ القِصاصُ بقَتْلِه، وعليه ضَمانُ السَّفِينَةِ بما فيها مِن مالٍ ونَفْس. وإن كان اخطَأ، فعليه ضَمانُ العَبِيدِ، ودِيَةُ الأحْرارِ على عاقِلَتِه، وإن كان عَمْدَ خَطَأ، مثلَ أنَّ أخَذَ السَّفِينَةَ ليُصْلِحَ مَوْضِعًا، فقَلَعَ لَوْحًا، أو يُصْلِحَ مِسْمارًا فنَقَبَ مَوْضِعًا، فهو عَمْدُ الخَطَأ. ذكَرَه