الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْا قَاسَمَ الْمُشْتَرِي وَكِيل الشَّفِيعِ، أو قَاسَم الشَّفِيعَ؛ لِكَوْنِهِ أظْهَرَ لَهُ زِيَادَةً في الثَّمَنِ أوْ نَحْوهِ، وَغرَسَ أَوْ بَنَى، فَلِلشَّفِيعِ أنْ يَدْفَعَ إِلَيهِ قِيمَةَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَيَمْلِكَهُ، أوْ يَقْلَعَهُ وَيَضْمَنَ النَّقْصَ. فَان اخْتَارَ أخْذَهُ وَأرَادَ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ.
ــ
2416 - مسألة: (وَإنْا قَاسَمَ الْمُشْتَرِي وَكِيل الشَّفِيعِ، أو قَاسَم الشَّفِيعَ؛ لِكَوْنِهِ أظْهَرَ لَهُ زِيَادَةً في الثَّمَنِ أوْ نَحْوهِ، وَغرَسَ أَوْ بَنَى، فَلِلشَّفِيعِ أنْ يَدْفَعَ إِلَيهِ قِيمَةَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَيَمْلِكَهُ، أوْ يَقْلَعَهُ وَيَضْمَنَ النَّقْصَ. فَإن اخْتَارَ)
الشَّفِيعُ (أخْذَهُ وَأرَادَ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ) بالقَلْعِ. وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه يُتَصَوَّرُ بِنَاءُ المُشْتَرِي وغَرْسُه في الشِّقْصِ المَشْفُوعِ على وَجْهٍ مُباحٍ في مَسائِلَ؛ منها، أن يُظْهِرَ المُشْتَرِي أنَّه اشْتَراه بأكثرَ مِن ثَمَنِه، أو أنَّه وُهِبَ له، أو غيرُ ذلك مِمّا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَمْنَعُ الشَّفِيعَ مِن الأخْذِ بها، فيَتْرُكَها ويُقَاسِمَه، ثم يَبْنِيَ المُشْتَرِي ويَغْرِسَ فيه. ومنها، أن يكونَ كائِبًا فيُقاسِمَه وَكِيلُه، أو صَغِيرًا فيُقاسِمَه وَلِيُّه، أو نحوَ ذلك، ثم يَقْدَمَ الغائِبُ، أو يَبْلُغ الصَّبِيُّ، فيَأْخُذَ بالشُّفْعَةِ. وكذلك إن كان غائِبًا أو صَغِيرًا، فطالبَ المُشْتَرِي الحاكِمَ بالقِسْمَةِ، فقاسَمَ، ثم قَدِم الغائِبُ، وبَلَغِ الصَّبِي، فأَخَذَ بالشُّفْعَةِ بعدَ غَرْسِ المُشْتَرِي وبنائِه، فإنَّ للمُشْتَرِي قَلْعَ غرْسِه وبِنَائِه، إِنِ اخْتَارَ ذلك؛ لأنَّه مِلْكُه، فإذا قَلَعَه، فليس عليه تَسْويَةُ الحَفْرِ ولا نَقْصُ الأرْضِ. ذَكَرَه القاضِي. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنه غَرَس وبَنَى في مِلْكِه، وما حَدَث مِن النَّقْص إنَّما حَدَثَ في مِلْكِه، وذلك مِمّا لا يُقابِلُه ثَمَن. وظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِي أنَّ عليه ضَمانَ النَّقْصِ الحاصِلِ بالقَلْعِ؛ لأنَّه اشْتَرَطَ في قَلْعِ الغَرْسِ والبِنَاءِ عَدَمَ الضَّرَرِ، وذلك لأنَّه نَقْصٌ دَخَل على مِلْكِ غيرِه لأجْلِ تَخْلِيضِ مِلْكِه، فلَزِمَه ضَمانُه، كما لو كَسَر مِحْبَرَةَ غيرِه لإخْراجِ دِينارِه منها. قولُهم: إنَّ النَّقْصَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَصَل في مِلْكِه. ليس كذلك؛ فإنَّ النَّقْصَ الحاصِلَ بالقَلْعِ إنَّما حَصَل في مِلْكِ الشَّفِيعِ. فأمَّا نَقْصُ الأرْضِ الحاصِلُ بالغَرْسِ والبِنَاءِ، فلا يَضْمَنُه، لِما ذَكَرُوه. فإن لم يَخْتَرِ المُشْتَرِي القَلْعَ، فللشَّفِيعِ الخِيَارُ بينَ ثَلاثةِ أشْياءَ؛ تَرْكِ الشُّفْعَةِ، وبينَ دَفْعِ قِيمَةِ الغِرَاسِ والبِنَاءِ، فيَمْلِكُه مع الأرْضِ، وبينَ قَلْعِ الغَرْسِ والبِنَاءِ، ويَضْمَنُ له. ما نقَصَ بالقَلْعِ. وبهذا قال الشَّعْبِيُّ، والأوْزَاعِيُّ، وابنُ أبي لَيلَى، ومالكٌ، واللَّيث، والشافعيُّ، والبَتِّيُّ، وسَوَّارٌ، وإسْحاق. وقال حَمّادُ بنُ أبي سُلَيمانَ، والثَّوْرِي، وأصحابُ الرأي: يُكَلَّفُ المُشْتَرِي القَلْعَ، ولا شيءَ له؛ لأنَّه بَنَى فيما اسْتُحِقَّ عليه أَخْذُه، فأشْبَهَ الغاصِبَ، ولأنَّه بَنَى في حَقِّ غيرِه بغيرِ إذْنِه، فأشْبَهَ ما لو كانت مُسْتَحَقَّةً. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرارَ» (1). ولا يَزُولُ الضَّرَرُ عنهما إلَّا بذلك، ولأنَّه بَنَى في مِلْكِه الَّذي مَلَك بَيعَه، فلم يُكَلَّفْ قَلْعَه مع الإِضْرارِ، كما لو لم يَكُنْ مَشْفُوعًا. وفارَقَ ما قاسُوا عليه، فإنَّه بَنَى في غيرِ مِلْكِه، ولأنَّه
(1) تقدم تخريجه في 6/ 368.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عِرْقٌ ظالِمٌ، وليس لعِرْقٍ ظالمٍ حَقٌّ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لا يُمْكِنُ إيجابُ قِيمَتِه مُسْتَحِقًّا للبَقَاءِ في الأرْضِ؛ لأَنه لا يَسْتَحِقُّ ذلك، ولا قِيمَتَه مَقْلُوعًا؛ لأَنه لو وَجَبَتْ قِيمَتُه مَقْلُوعًا لوَجَبَ قَلْعُه، ولم يَضْمَنْ شيئًا، ولأَنه قد يكونُ مِمّا لا قِيمَةَ له إذا قَلَعَه. ولم يَذْكُرْ أصحابُنا كَيفِيَّةَ وُجُوبِ القِيمَةِ، فالظاهِرُ أنَّ الأرْضَ تُقَوَّمُ مَغْرُوسَة مَبْنِيَّةً، ثم تُقَوَّمُ خالِيةً منها، فيكونُ ما بينَهما قِيمَةَ الغَرْسِ والبِنَاءِ، فيَدْفَعُه الشَّفِيعُ إلى المُشْتَرِي إن أحَبَّ، أو ما نَقَص منه إنِ اخْتارَ القَلْعَ؛ لأنَّ ذلك هو الَّذي زادَ بالغَرْسِ والبِنَاءِ. ويَحْتَمِلُ أن يُقَوَّمَ الغَرْسُ (1) والبِنَاءُ مُسْتَحِقًّا للتَّرْكِ بالأُجْرَةِ، أو لأخذِه بالقِيمَةِ إذا امْتَنَعا مِن
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَلْعِه، فإن كان للغَرْسِ وَقتٌ يُقْلَعُ فيه فيكون له قِيمةٌ، وإن قُلِعَ قبلَه لم يَكنْ له قِيمَةٌ، أو تكون قِيمَتُه قَلِيلَةً، فاخْتارَ الشَّفِيعُ قَلْعَه قبلَ وَقتِه، فله ذلك؛ لأنَّه يَضْمَنُ النَّقْصَ، فيَنْجبرُ به ضَرَرُ المُشْتَرِي، سَواءٌ كَثُرَ النَّقْصُ أو قَلَّ، ويَعُودُ ضَرَرُ كَثْرَة النَّقْصِ على الشَّفِيعِ، وقد رَضِيَ بتَحَمُّلِه. وإن غرَس أو بَنَى مع الشَّفِيعِ أو وَكِيلِه. في المُشاعِ، ثم أخَذَه الشَّفِيعُ، فالحُكْمُ في أخْذِ نصِيبِه مِن ذلك كالحُكْمِ في أخْذِ جَمِيعِه بعدَ المُقاسَمَةِ.