الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ نَذَرَ رَقَبَةً، فَهِيَ الَّتِي تُجْزِئُهُ عَنِ الْوَاجِبِ، إلَّا أن يَنْويَ رَقَبَةً
ــ
وإن نَذَر الصلاةَ في السجدِ الأقْصى، أجْزَأتْه الصَّلاةُ في المسجدِ الحَرامِ؛ لِما رَوَى جابِرٌ، أنَّ رجلًا قامَ يومَ الفَتْحِ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي نَذَرْتُ إن فَتَح اللهُ عليكَ أن أصَلِّيَ في بيتِ المَقْدِسِ رَكْعَتَين. قال:«صَلِّ ههُنا» . ثم أعادَ عليه فقال: «صَلِّ ههُنَا» . ثم أعادَ عليه، قال:«صَلِّ ههُنَا» . ثم أعادَ عليه، قال:«شَأنَكَ» . رَواه الإِمامُ أحمدُ، ولَفْظُه:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ صَلَّيتَ ههُنَا لَأجْزَأ عَنْكَ كُلَّ صَلَاةٍ فِي بَيتِ الْمَقْدِسِ» (1). وقد سَبَق هذا في كتابِ (2) الاعْتِكافِ.
فصل: وإن أفْسَد الحَجَّ المَنْذُورَ ماشيًا، وَجَب القَضاءُ مَشْيًا؛ لأنَّ القَضاءَ يكونُ على صِفَةِ الأداءِ. وكذلك إن فاتَه الحَجُّ، لكنْ إن فاتَه الحَجُّ، سَقَط تَوابع الوُقوفِ، مِن المَبِيتِ (3) بمُزْدَلِفَةَ ومِنًى، والرَّمْي، وتَحَلَّل للعُمْرَةِ (4)، ويَمْضِي في الحَجِّ الفاسدِ ماشيًا حتَّى يَحِلَّ منه.
4817 - مسألة: (فإن نَذَر رَقَبَةً، فهي التي تُجْزِئُ عن الواجِبِ
،
(1) تقدم تخريجه في 7/ 588.
(2)
في ق، م:«باب» .
(3)
في الأصل: «الوقوف» .
(4)
في الأصل: «عمرة» .
بِعَينهَا.
ــ
إلَّا أن يَنْويَ رَقَبَةً بعَينِها) إذا نذَرَ عِتْقَ (1) رَقَبَةٍ، فهي التي تُجْزِئُ في الكفَّارَةِ، وهي المُؤمِنَةُ السَّلِيمَةُ مِن العُيوبِ المُضِرَّةِ بالعَمَلِ، على ما ذَكَرْنا في بابِ الظِّهارِ (2)؛ لأنَّ النَّذْرَ المُطْلَقَ يُحْمَلُ على المعهودِ في الشَّرْعِ، والواجبُ بأصْلِ الشَّرْعِ كذلك. وهو أحدُ الوَجْهَين لأصحابِ الشَّافعيِّ. والثَّاني، تُجْزِئُه أيُّ رَقَبَةٍ كانتْ، صَحِيحَةً أو مَعِيبَةً، مُسْلِمَةً أو كافِرَةً؛ لأنَّ الاسمَ يَتَناول جميعَ ذلك. [ولَنا، أنَّ](3) المُطْلَقَ يُحْمَلُ على معهودِ الشَّرْعِ، وهو الواجبُ في الكفَّارَةِ، وما ذكَرُوه يَبْطُلُ بنَذْرِ المشْي إلى بيتِ اللهِ الحَرامِ، فإنَّه لا يُحْمَلُ على ما تَناوَلَه الاسمُ. فأمَّا إن نَوَى رَقَبَةً بعَينها، أجْزَاة عِتْقُها، أيَّ رَقَبَةٍ كانتْ؛ لأنَّه نَوَى بلَفْظِه ما يَحْتَمِلُه. وإن نَوَى ما يَقَعُ عليه اسمُ الرَّقَبَةِ، أجْزَأه ما نَوَاه؛ لِما ذَكَرْنا، فإن المُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بالنِّيَّةِ، كما يَتَقَيَّدُ بالقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ. قال أحمدُ في مَن نَذَر [عِتقَ عبدٍ بعَينِه](4)، فماتَ قبْلَ أن يُعْتِقَه (5): تَلْزَمُه كفَّارَةُ يَمِين، ولا يَلْزَمُه عِتْقُ عبدٍ؛ لأنَّ هذا شيءٌ فاتَه، على حديثِ عُقبةَ بنِ عامِر، وإليه
(1) سقط من: م.
(2)
انظر ما تقدم في 23/ 298 - 301.
(3)
في م: «ولأن» .
(4)
في م: «رقبة معينة» .
(5)
في م: «يعتقها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أذهبُ (1) في الفائِتِ وما عُجِزَ عنه.
فصل: ومَن نَذَر حَجًّا، أو صيامًا، أو صدقةً، أو عِتْقًا، أو اعْتِكافًا، أو صلاةً، أو غيرَه (2) مِن الطَّاعاتِ، وماتَ قبلَ فِعْلِه، فعَلَه الوَلِيُّ عنه. وعن أحمدَ في الصلاةِ: لا يُصَلِّي عن المَيِّتِ؛ لأنَّها لا بَدَلَ لها بحالٍ، وأمَّا سائِرُ الأعْمالِ فيَجُوزُ أن يَنُوبَ الوَلِيُّ عنه فيها، وليس بواجِبٍ عليه، لكنْ يُسْتَحَبُّ له ذلك على سبيلِ الصِّلَةِ له والمعروفِ. وأفْتَى بذلك ابنُ عباس في امْرَأةٍ نَذَرَتْ أن تَمْشِيَ إلى قُبَاءٍ، فماتَتْ ولم تَقْضه، أن تَمْشِيَ ابْنَتُها عنها (3). وروَى سعيد (4)، عن سُفيانَ، عن عبدِ الكريمِ بنِ أبي أُمَيَّةَ، [عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ الله](5)، أنَّه سألَ ابنَ عباس عن نَذْر كان على أُمِّه مِن اعْتِكافٍ، قال: صُمْ عنها، واعْتَكِفْ عنها. وقال (6): حَدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن إبراهيمَ بنِ مُهاجِرٍ، عن عامرِ بنِ مُصْعبٍ (7)، أنَّ
(1) في م: «ذهب» .
(2)
في م: «غيرها» .
(3)
أخرجه البُخاريّ معلقًا، في: باب من مات وعليه نذر، من كتاب الإيمان والنذور. صحيح البُخاريّ 8/ 177. وفيه أن أمها جعلت على نفسها صلاة بقباء، فقال: صَلِّي عنها. ووصله الإمام مالك، في: باب ما يجب من النذور في المشي، من كتاب النذور والأيمان. الموطأ 2/ 472.
(4)
في: باب هل يقضي الحي النذر عن الميت؟ من كتاب الفرائض. السنن 1/ 125.
(5)
سقط من النسخ، والمثبت من سنن سعيد.
(6)
في الموضع السابق.
(7)
في النسخ: «شعيب» . وانظر سنن سعيد، وتهذيب التهذيب 5/ 81، 82.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عائشةَ اعْتَكَفَتْ عن أخِيها عبدِ الرحمنِ بعدَ ما ماتَ. وقال مالكٌ: لا يَمْشِي أحدٌ من أحَدٍ، ولا يصومُ عنه، ولا يُصَلِّي، وكذلك سائِرُ أعْمالِ البَدَنِ، قياسًا على الصلاةِ. وقال الشَّافعي: يَقْضِي عنه الحَجَّ، ولا يَقْضِي الصلاةَ، قولًا واحدًا، ولا يَقْضِي الصومَ، في أحَدِ القولَين، ويُطْعَمُ عنه في كلِّ يوم مِسْكين؛ لأنَّ ابنَ عمرَ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيهِ صِيَامُ شَهْرٍ، فَليُطْعَمْ عَنْهُ عَنْ كُلِّ يَوْم مِسْكِينٌ» . أخْرَجه ابنُ ماجَه (1). وقال أهلُ الظَّاهِرِ: يَجِبُ القَضاءُ على وَلِيِّه، لظاهِرِ الأخْبارِ الوارِدَةِ فيه. وجُمْهورُ أهلِ العلمٍ على أنَّ القَضاءَ ليس بواجِب على الوَلِيِّ، إلَّا أن يكونَ حَقَّا في المالِ، ويكون للمَيِّتِ تَرِكَة، فأمْرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا مَحمُولٌ على النَّدْبِ والاسْتِحْبابِ، بدليلِ قَرائِنَ في الخَبَرِ؛ منها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم شَبَّهَه بالدَّينِ، وقَضاءُ الدَّينِ عن المَيِّتِ لا يَجِبُ على الوارِثِ ما لم يُخَلِّفْ تَرِكَةً يُقْضَى منها. ومنها أنَّ السائِلَ سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: هل يَفْعَلُ ذلك أولًا؟ وجَوابُه يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ مُقْتَضَى سُؤالِه، فإن كان مُقْتَضاهُ السُّؤال عن الإباحَةِ، فالأمْرُ في جَوابِه يَقْتَضِي الإباحَةَ، وإن كان السُّؤالُ عن الأجْزاءِ، فأمْرُه يَقْتَضِي الإِجْزَاءَ، كقَوْلِهم: أنصَلِّي في مَرابِضِ الغَنَمِ؟ قال: «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ» (2). وإن كان السُّؤالُ عن الوُجوبِ، فأمْرُه يَقْتَضِي الوُجوبَ،
(1) تقدم تخريجه في 7/ 502.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 297.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كقولِهم: أنتَوَضَّأ مِن لُحُومِ الإِبِلِ؟ قال: «نَعَمْ، تَوَضَّئوا مِنْهَا» (1). وسؤالُ السَّائلِ في مسألَتِنا كان عن الإِجْزاءِ، فأمْرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم له (2) بالفِعْلِ يَقْتَضِيه لا غيرُ. ولَنا، على جَوازِ الصِّيامِ عن المَيِّتِ، ما رَوَت عائشةُ، رضي الله عنها، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ مَاتَ، وَعَلَيهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» . وعن ابنَ عباسٍ، قال: جاءَ رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أمِّي ماتَت وعليها صومُ شَهْرٍ، أفأصُومُ عنها؟ قال:«لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَين، أكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟» قالْ نعم. قال: «فَدَينُ اللهِ أحَقُّ أن يُقْضَى» . وفي روايَةٍ قال: جاءَتِ امْرأة إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أمِّي ماتت وعليها صومٌ، أفَأصُومُ عنها؟ قال:«أرَأيتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَين فَقَضَيتهِ، أكَانَ يُؤدِّي ذَلِكَ عَنْهَا؟» . قالتْ: نعم. قال: «فَصُومِي عَنْ أمِّكِ» . مُتَّفَقٌ عليهِنَّ (3). وعن ابنِ عباس، أنَّ سعدَ بنَ عُبادةَ، اسْتَفْتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في نَذْرٍ كان على أُمِّه، فتُوُفِّيَتْ قبلَ أن تَقْضِيَه، فأفْتاه أن يَقْضيَه، فكانت سُنَّةً
(1) تقدم تخريجه في 2/ 55.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «عليه» .
والأول تقدم تخريجه في 7/ 501.
والثَّاني تقدم تخريجه في 6/ 260، حاشية 2.
والثالث تقدم تخريجه في 7/ 501. ويضاف إليه: كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في من مات وعليه صيام صام عنه وليه، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبي داود 2/ 212. وابن ماجة، في: باب من مات وعليه صيام من نذر، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجة 1/ 559. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 224، 258، 362.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعدُ (1). وعنه أنَّ رجلًا أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ أمِّي نَذَرَتْ أن تَحُجَّ، وإنَّها ماتتْ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ كَانَ عَلَيهَا دَينٌ، أكنْتَ قَاضِيَهُ؟» . قال: نعم. قال: «فَاقْضِ اللهَ، فَهُوَ أحقُّ بِالْقَضَاءِ» . رَواه البخارِيُّ (2). وهذا صريحٌ في الصَّومِ والحَجِّ، ومُطْلَقٌ في النَّذْرِ، وما عدا المذكورَ في الحديثِ (3) فمُقاسٌ عليه، وحديثُ ابنِ عمرَ في الصومِ (4) الواجِبِ بأصْلِ الشَّرْعِ، ويَتَعَيَّنُ حَمْلُه عليه جمعًا بينَ الحديثَين، ولو قُدِّرَ التَّعارُضُ، لَكانتْ أحادِيثُنا أصَحَّ، وأكثَرَ، وأوْلَى بالتَّقْديمِ. إذا ثَبَت هذا، فإن الأوْلَى أن يَقْضِيَ النَّذْرَ عنه وارِثُه، وإن قَضاه غيرُه، أجْزَأ عنه، كما لو قَضَى عنه دَينَه؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم شَبَّهَه بالدَّينِ، وقاسَه عليه، ولأنَّ ما يَقْضيه الوارِثُ إنَّما هو تَبَرُّع منه، وغيرُه مثلُه في التَّبَرُّعِ. وإن كان النَّذْرُ في مالٍ، تَعَلَّق بِتَرِكَتِه.
(1) أخرجه البُخاريّ، في: باب من مات وعليه نذر، من كتاب الإيمان، وفي: باب في الزكاة، من كتاب الحيل. صحيح البُخاريّ 8/ 177، 9/ 30. ومسلم، في: باب الأمر بقضاء المنذر، من كتاب المنذر. صحيح مسلم 3/ 1260. والترمذي، في: باب ما جاء في قضاء المنذر عن الميت، من أبواب النذور. عارضة الأحوذي 7/ 30. والنسائي، في: باب فضل الصدقة عن الميت، من كتاب الوصايا، وفي: باب من مات وعليه نذر، من كتاب الأيمان والنذور. المجتبى 6/ 212، 213، 7/ 19، 20. وابن ماجة، في: باب من مات وعليه نذر، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجة 1/ 689. والإمام أحمد، في: المسند 9/ 211، 370.
(2)
في: باب من مات وعليه نذر، من كتاب الأيمان والنذور، وفي: باب من شبه أصلا معلومًا بأصل مبين. . . .، من كتاب الاعتصام. صحيح البُخاريّ 8/ 177، 9/ 125، 126.
كما أخرجه النسائي. في: باب الحج عن الميت الذي نذر أن يحج. المجتبى 5/ 87. والدارمي، في: باب الرجل يموت وعليه صوم، من كتاب الصوم. سنن الدارمي 2/ 24. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 345.
(3)
في الأصل: «الحج» .
(4)
سقط من: م.