الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال الحَاكِمُ الْمَعْزُولُ: كُنْتُ حَكَمْتُ فِي ولَايَتِي لِفُلَانٍ
ــ
بكذا. قُبِل قولُه بغيرِ يمينٍ. فكذا في هذه المسألةِ؛ لأنَّه شاهِدٌ على فِعْلِ نَفْسِه، أشْبَهَ المُرْضِعَةَ [والقاسِمَ، فإنَّ المُرْضِعَةَ](1) إذا شَهِدَتْ بالرَّضاعِ، لم يَلْزَمْها يمينٌ. وكذلك القاسِمُ إذا شَهِد بالقِسْمَةِ؛ لأنَّ الشاهِدَ لا يمينَ عليه.
4868 - مسألة: (وإن قال الحاكمُ المعزولُ: كُنْتُ حَكَمْتُ في
(1) سقط من: م.
عَلَى فُلَانٍ بِحَقٍّ. قُبِلَ قَوْلُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ.
ــ
ولايَتِي لفُلانٍ على فُلانٍ بِحَقٍّ. قُبِل قولُه) وبه قال إسْحاقُ (ويَحْتَمِلُ أن لا يُقْبَلَ قَوْلُه) ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ. قال شيخُنا (1): وقولُ القاضي في فُرُوعِ هذه المسألةِ يَقْتَضِي أن لا يُقْبَلَ قولُه ههُنا، وهو قولُ أكثرِ الفُقَهاءِ؛ لأنَّ (2) مَن لا يَمْلِكُ الحُكْمَ، لا يَمْلِكُ الإِقْرارَ به، كمَن أقَرَّ بعِتْقِ عبدٍ بعدَ بيعِه. ثم اخْتَلَفُوا، فقال الأوْزاعِيُّ، وابنُ أبي لَيلَى: هو بمنزلةِ الشّاهِدِ إذا كان معه شاهِدٌ آخرُ، قُبِلَ. وقال أصْحابُ الرَّأْي: لا يُقْبَلُ إلَّا شاهِدان سِواه، يَشْهَدانِ بذلك. وهو ظاهِرُ مَذْهَبِ الشافعيِّ؛ لأنَّ شَهادَتَه على فِعْلِ (3) نَفْسِه لا تُقْبَلُ. ولَنا، أنَّه لو كَتَب إلى غيرِه، ثمَّ عُزِل، ووَصَل
(1) في: المغني 14/ 85، 86.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكتابُ بعدَ عَزْلِه، لَزِم المَكْتُوبَ إليه قَبولُ كتابِه (1)[بعدَ عَزْلِ كاتِبِه](2)، فكذلك هذا، ولأنَّه أخْبَرَ بما حَكَم به، وهو غيرُ مُتَّهَمٍ، فيَجِبُ قَبُولُه، كحالِ ولايَتِه.
فصل: فأمَّا إن قال في ولايتِه: كُنْتُ حَكَمْتُ لفُلانٍ بكذا. قُبِلَ قَوْلُه، سواءٌ قال: قَضَيتُ عليه بشاهِدَين عَدْلَين. أو قال: سمعتُ بَيِّنَتَه وعَرَفْتُ عَدالتَهم. أو قال: قَضَيتُ عليه بنُكولِه. أو قال: أقَرَّ عندِي فلانٌ لفلانٍ بحقٍّ، فحَكَمْتُ به. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، وأبو يُوسُفَ. وحُكِيَ عن محمدِ بنِ الحسنِ، أنَّه لا يُقْبَلُ حتى يَشْهَدَ معه رجلٌ عَدْلٌ؛
(1) في الأصل: «كتابته» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه إخْبارٌ بحَقٍّ على غيرِه، فلم يُقْبَلْ فيه قولُ واحدٍ، كالشَّهادَةِ. ولَنا، أنَّه يَمْلِكُ الحُكْمَ، فمَلَكَ الإِقْرارَ به، كالزَّوْجِ إذا أخْبَرَ بالطَّلاقِ، والسَّيِّدِ إذا أخْبَرَ بالعِتْقِ، ولأنَّه لو أخْبَرَ أنَّه رَأى كذا وكذا، فحَكَمَ به، قُبِلَ، كذا ههُنا، وفارَقَ الشَّهادَةَ؛ فإنَّ الشَّاهِدَ لا يَمْلِكُ إثْباتَ ما أخْبَرَ به. فأمَّا إن قال: حَكَمْتُ بعِلْمِي -أو- بالنُّكُولِ -أو- بشاهِدٍ (1) ويمينٍ في الأمْوالِ. فإنَّه يُقْبَلُ أيضًا. وقال الشافعيُّ: لا يُقْبَلُ قولُه في القَضاءِ بالنُّكُولِ. ويَنْبَنِي قوْلُه: حَكَمْتُ عليه بعِلْمِي. على القَوْلَين في جَوازِ القَضاءِ بعِلْمِه؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ الحُكْمَ بذلك، فلا يَمْلِكُ الإِقْرارَ به. ولَنا،
(1) في م: «بشاهدين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه أخْبَرَ بحُكْمِه فيما لو حَكَم به لنَفَذَ حُكْمُه، فوَجَبَ قَبُولُه، كالصُّوَرِ التي تَقَدَّمَتْ، ولأنَّه حاكِمٌ أخْبَرَ بحُكْمِه في ولايَتِه، فوَجَبَ قَبُولُه، كالذي سَلَّمَه، ولأنَّ الحاكمَ إذا حَكَم في مسألةٍ يَسُوغُ فيها الاجْتِهادُ، لم يَسُغْ نَقْضُ حُكْمِه، ولَزِم غيرَه إمْضاؤُه، والعَمَلُ به، فصار بمنزلةِ الحُكْمِ بالبينةِ العادلةِ، ولا نُسَلِّمُ ما ذَكَرَه. وإن قال: حَكَمْتُ لفُلانٍ على فُلانٍ بكذا. ولم يُضِفْ حُكْمَه إلى بينةٍ ولا غيرِها، وَجَب قَبُولُه. وهو ظاهِرُ ما ذَكَرَه شيخُنا في الكتابِ المَشْرُوحِ، وظاهِرُ قولِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه لم يَذْكُرْ ما ثَبَت به الحُكْمُ، وذلك لأنَّ الحاكمَ متى ما حَكَم بحُكْمٍ يَسُوغُ فيه الاجْتِهادُ، وَجَبَ قَبُولُه، وصار بمنزلةِ ما أُجْمِعَ عليه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن أخْبَرَ القاضي بحُكْمِه في غيرِ مَوْضِعِ ولايَتِه، قُبِل. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه إذا قُبِل قولُه بحُكْمِه بعدَ العَزْلِ وزَوالِ ولايِته بالكُلِّيَّةِ، فلأن يُقْبَلَ مع بَقائِها في غيرِ مَوْضِعِ ولايَتِه أَوْلَى. وقال القاضي: لا يُقْبَلُ قولُه. وقال: لو اجْتَمَعَ قاضيان في غيرِ ولايتِهما، كقاضي دِمَشْقَ وقاضي مِصْرَ، اجْتَمَعا في بيتِ المَقْدِسِ، فأخْبَرَ أحَدُهما الآخَرَ بحُكْمٍ حَكَم به، أو شَهادةٍ ثَبَتَتْ عندَه، لم يَقْبَلْ أحَدُهما قولَ صاحِبِه، ويكونان كشاهِدَين أخَبَرَ أحَدُهما صاحِبَه بما عندَه، وليس له أنْ يَحْكُمَ به إذا رَجَع إلى عَمَلِه؛ لأنَّه خَبَرُ مَن ليس بقاضٍ في مَوْضِعِه، وإن كانا جميعًا في عَمَلِ أحَدِهما، كأنَّهما اجْتَمَعا في دِمَشْقَ، فإنَّ قاضِيَ دِمَشْقَ لا يَعْمَلُ بما يُخْبِرُه به قاضي مِصْرَ؛ لأنَّه يُخْبِرُه في غيرِ عَمَلِه، وهل يَعْمَلُ قاضي مِصْرَ بما أخْبَرَه به قاضي دِمَشْقَ إذا رَجَع إلى مِصْرَ؟ فيه وَجْهان، بِناءً على القاضي، هل له أن يَحْكُمَ بعِلْمِه؟ على رِوايَتَين؛ لأنَّ قاضىَ دِمَشْقَ أخْبَرَه به في عملِه. ومَذْهَبُ الشافعيِّ في هذا كقولِ القاضي ههُنا.