الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَلَفَ لا يَأْوي مَعَهَا في دَارٍ، يُرِيدُ جَفَاءَهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ، فَأوَى مَعَها في غَيرِهَا، حَنِثَ.
ــ
4724 - مسألة: (وإن حَلَف لا يَأْوي معها في دارٍ، يُرِيدُ جَفاءَها، ولم يَكُنْ للدَّارِ سَبَب هَيَّجَ يَمِينَه، فأَوَى معها في غيرِها، حَنِثَ)
وهذه المسألةُ أيضًا مِن فُروعِ اعْتِبارِ النِّيَّةِ، وذلك أنَّه متى قَصَد جَفاءَها بتَرْكِ الأُويِّ (1) معها، ولم يَكُنْ للدَّارِ أثَرٌ في يَمِينِه، كان ذِكْرُ الدَّارِ كعَدَمِه، وكأنَّه حَلَف لا يَأْوي معها، فإذا أوَى معها في غيرِها، حَنِثَ؛ لمُخالفَتِه ما حَلَف على تَرْكِه، وصارَ هذا بمَنْزِلَةِ سُؤالِ الأعْرابِيِّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: واقَعْتُ أهْلِي في نهارِ رَمضانَ. فقال: «أعْتِقْ رَقَبَةً» (2). لَمَّا كان ذِكْرُه أهْلَه لا أثَرَ له في إيجابِ الكَفَّارَةِ، حذَفْناه مِن السَّبَبِ، وصارَ السَّبَبُ الوقاعَ، سَواءٌ كان للأهْلِ أو لغيرِهم (3). وإن كان للدَّارِ أثَرٌ في يَمِينِه، مثلَ أنْ كان يَكْرَهُ سُكْناها، أو خُوصِمَ (4) مِن أجْلِها، أو امْتُنَّ (5)
(1) في الأصل: «الإرواء» .
(2)
تقدم تخريجه في 7/ 445.
(3)
في م: «لغيره» .
(4)
في الأصل: «حرم» .
(5)
في الأصل: «أمنت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه بها، لم يَحْنَثْ إذا أَوَى معها في غيرِها؛ [لأنَّه قَصَدَ](1) بيَمِينِه الجَفاءَ في الدَّارِ بعَينِها، فلم يُخالِفْ ما حَلَف عليه. وإن عُدِمَ السَّبَبُ والنِّيَّةُ، لم يَحْنَثْ إلَّا بفِعْلِ ما تَناوَلَه لَفْظُه، وهو الأُويُّ معها في تلك الدَّارِ بعَينِها؛ لأنَّه (2) يَجِبُ اتِّباعُ لَفْظِه، إذا لم يَكُنْ سَبَبٌ ولا نِيَّةٌ تَصْرِفُ اللَّفْظَ عن مُقْتَضاه، أو تَقْتَضِي زِيادَةً عليه، ومَعْنَى الأُويِّ الدُّخُولُ، فمتى (3) حَلَف لا يَأْوي معها، فدَخَلَ معها الدَّارَ، حَنِثَ، قَلِيلًا كان لُبْثُهُما أو كثيرًا، قال اللهُ تعالى مُخْبِرًا عن فَتَى موسى:{إِذْ أَوَينَا إِلَى الصَّخْرَةِ} (4). قال أحمدُ: كم كان ذلك إلَّا ساعَةً، أو ما شاءَ اللهُ. يُقال: أَوَيتُ أنَا، وآوَيتُ غَيرِي. قال اللهُ تعالى:{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} (5). وقال تعالى: {وَآوَينَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} (6).
فصل: وإنْ بَرّها بهَدِيَّةٍ أو غيرِها، أو اجْتَمَعَ معها فيما ليس بدارٍ ولا بَيتٍ، لم يَحْنَثْ، سَواءٌ كان للدَّارِ سَبَبٌ في يَمِينِه أو لم يَكُنْ؛ لأنَّه قَصَد جَفاءَها بهذا النَّوْعِ، فلم يَحْنَثْ بغيرِه. فإن حَلَف أن لا يَأْويَ معها
(1) في الأصل: «لأن قصده» .
(2)
بعده في م: «لم» .
(3)
في م: «فمن» .
(4)
سورة الكهف 63.
(5)
سورة الكهف 10.
(6)
سورة المؤمنون 50.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في دارِ لسَبَبٍ، فزال السَّبَبُ المُوجِبُ ليَمِينِه، مثلَ أن كان السَّبَبُ امْتِنانَها بها عليه، فمَلَكَ الدَّارَ، أو صارت لغيرِها، فأوَى معها فيها، فهل يَحْنَثُ؟ على وَجْهَين، مَضَى ذكْرُهما وتَعْلِيلُهما.
فصل: وإن حَلَفَ لا يدْخُلُ عليها بَيتًا، فدَخَلَ عليها فيما ليس ببَيتٍ، فحُكْمُه حُكْمُ المسألةِ التي قبلَها؛ إن قَصد جَفاءَها، ولم يَكُنْ للبَيتِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَه، حَنِثَ، وإلَّا فلا. وإنْ دَخَل على جماعَةٍ هي فيهم، يَقْصِدُ الدُّخولَ عليها معهم، حَنِثَ، وكذلك إن لم يَقْصِدْ شيئًا. وإنِ اسْتَثْناها بقَلْبه، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَحْنَثُ، كما لو حَلَف أن لا يُسَلِّمَ عليها، فسَلَّمَ على جماعَةٍ هي فيهم، يَقْصِدُ بقَلْبه السَّلامَ على غيرِها، فإنَّه لا يَحْنَثُ. والثاني، يَحْنَثُ؛ لأنَّ الدُّخولَ فِعْلٌ لا يَتَمَيَّزُ، فلا يَصِحُّ تَخْصِيصُه بالقَصدِ، وقد وُجِدَ في حَقِّ الكلِّ على السواءِ، وهي منهم فيَحْنَثُ (1) به، كما لو لم يَقْصِدِ اسْتِثْناءَها، وفارَقَ السَّلامَ، فإنَّه قَوْلٌ يَصِحُّ تَخْصِيصُه بالقَصْدِ، ولهذا يَصِحُّ أن يُقال: السلامُ عليكم إلَّا فُلانًا. [ولا يَصِحُّ أن يقولَ: دَخَلْتُ عليكم إلَّا فُلانًا](2). ولأنَّ السَّلامَ قولٌ يَتَناوَلُ ما يَتَناوَلُه الضَّمِيرُ في «عليكم» ، والضَّمِيرُ عامٌّ يَصِحُّ أن يُرادَ به الخاصُّ، فصَحَّ أن يُرادَ به مَن سِوَاها، والفِعْلُ لا يَتَأَتَّى هذا فيه. وإنْ دَخَل بَيتًا لا يَعْلَمُ أنَّها فيه، فوَجَدَها فيه، فهو كالدُّخولِ عليها ناسِيًا، فيه
(1) في م: «فحنث» .
(2)
سقط من: م.