الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ صَامَ قَبْلَهُ، لَمْ يُجْزِئْهُ.
وإنْ أفْطَرَ في بَعْضِهِ لِغَيرِ عُذْرٍ، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ، وَيُكَفِّرُ. وَيَحْتَمِلُ أن يُتمَّ بَاقِيَهُ، وَيَقْضِيَ وَيُكَفِّرَ.
ــ
4809 - مسألة: (وإن صَامَ قَبْلَهُ، لم يُجْزِئْه)
وكذلك إن نَذَر الحَجَّ في عام، فحَجَّ قبلَه. وقال أبو يوسف: يُجْزِئه، كما لو حَلَف ليَقْضِيَنَّه حَقَّه في وَقْتٍ، فقَضاه قبلَه. ولَنا، أنَّ المَنْذُورَ مَحْمُولٌ على المَشْرُوعِ، ولو صامَ قبلَ رمضانَ لم يُجْزِئْه، فكذلك إذا صامَ المَنْذُورَ قبلَه، ولأنَّه لم يَأتِ بالمَنْذورِ في وَقْتِه، فلم يُجْزِئْه، كما لو لم يَفْعَلْه أصْلًا.
4810 - مسألة: (وإن أفْطَر في أثْنَائِه لغَيرِ عُذْرٍ، لَزِمَه اسْتِئْنَافُه، ويُكَفِّرُ. ويَحْتَمِلُ أن يُتمَّ باقِيَه، ويَقْضِيَ ويُكَفِّرَ)
إذا نَذَر صومَ شَهْر مُعَيَّن، فأفْطَرَ في أثْنائِه، لم يَخْلُ من حالين؛ أحَدُهما، الفِطْرُ لغيرِ عُذْرٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ففيه روايَتان؛ إحْداهما، يَنْقَطِعُ صَوْمُه، ويَلْزَمُه اسْتِئْنافُه؛ لأنَّه صومٌ يَجِبُ مُتَتابِعًا بالنَّذْرِ، فأبْطَلَه الفِطْرُ لغيرِ عُذْرٍ، [كما لو شَرَط التَّتابُعَ](1)، وفارَقَ رمضانَ؛ فإن تَتابُعَه بالشَّرْعِ لا بالنَّذْرِ، وههُنا أوْجَبَه على نفسِه ثم فَوَّتَه، فأشْبَهَ ما لو شَرَطَه مُتَتابِعًا. الثَّانِيَةُ، لا يَلْزَمُه الاسْتِئْنافُ، إلَّا أن يكونَ قد شَرَط التَّتابُعَ. وهذا قولُ الشَّافعيِّ؛ لأنَّ وُجوبَ التَّتابُعِ ضَرُورَةُ التَّعْيِينِ لا بالشَّرطِ، فلم يُبْطِلْه الفِطْرُ في أثْنائِه، كشهرِ رمضان، ولأنَّ الاسْتِئْنافَ يَجْعَلُ الصومَ في غيرِ الوقتِ الذي عَيَّنَه، والوفاءَ بنَذْرِه في غيرِ وَقْتِه، وتَفْويتُ البعضِ لا يُوجِبُ تَفْويتَ الجميعِ. فعلى هذا، يُكَفِّرُ عن فِطْرِه، ويَقْضي أيَّامَ فِطْرِه بعدَ إتْمامِ صَوْمِه. وهذا أقْيَسُ، إن شاءَ اللهُ تعالى، وأصَحُّ. وعلى الرِّوايَةِ الأولَى، يَلْزَمُه الاسْتِئْنافُ عَقِيبَ الأيَّامِ التي أفْطَر
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيها، ولا يجوزُ تَأخِيرُه؛ لأنَّ باقِيَ الشَّهْرِ مَنْذُورٌ، فلا يجوزُ تَرْكُ الصومِ فيه، وتَلْزَمُه كَفَّارَةٌ أيضًا؛ لإِخْلالِه بصومِ الأيَّامِ التي أفْطرَها. الحال الثَّاني، أفْطرَ لعُذْرٍ، فإنَّه يَبْنِي على ما مَضَى من صِيامِه [ويَقْضِي](1)، ويُكَفِّرُ. هذا قِياسُ المذهبِ. وفيه رِوايَةٌ أخْرَى، أنَّه لا كَفَّارَةَ عليه. وهو مذهبُ مالكٍ، والشَّافعيّ، وأبي ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّ النَّذْرَ مَحْمُولٌ على المَشْرُوعِ، ولو أفْطرَ رمضانَ لعُذْرٍ لم يَلْزَمْه شيء. ولَنا، أنَّه فاتَ ما نَذَرَه، فلَزِمَتْه كَفَّارَة؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأخْتِ عُقْبَةَ بنِ عامِر:«وَلْتُكَفِّرْ يَمِينَهَا» (2). وفارَقَ رمضانَ، فإنَّه لو أفْطرَ لغيرِ عُذْرٍ، لم تَجِبْ عليه كَفَّارَةٌ إلَّا في الجِماعِ، بخلافِ هذا.
فصل: وإن جُنَّ جميعَ الشهرِ المُعَيَّنِ، لم يَلْزَمْه قَضاء ولا كَفَّارَة.
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 171.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال أبو يوسفَ: يَلْزَمُه القَضاءُ؛ لأنَّه من أهلِ التَّكْلِيفِ [حالةَ نَذْرِه وقَضائِه، فلَزِمَه القَضاءُ، كالمُغْمَى عليه. ولَنا، أنَّه ليس من أهلِ التَّكْلِيفِ](1) في وَقْتِ الوُجوبِ، فلم يَلْزَمْه القَضاءُ، كما لو كان في شهرِ رمضانَ. وإن حاضَتِ المرأةُ جميعَ الزَّمَنِ المُعَيَّنِ، فعليها القَضاءُ، وفي الكَفَّارَةِ وَجْهان. وقال الشَّافعيُّ: لا كفَّارَةَ عليها، وفي القَضاءِ وَجْهانِ؛ أحَدُهما، لا يَلْزَمُها، لأنَّ زمَنَ الصوم لا يُمْكِنُ الصومُ فيه، فلا يَدْخُلُ في النَّذْرِ، كزمنِ رمضانَ. ولَنا، أنَّ المَنْذُورَ يُحْمَلُ على المَشْرُوعِ ابْتِداءً، ولو حاضَتْ في شهرِ رمضانَ، لَزِمَها القَضاءُ، فكذلك المَنْذُورُ.
فصل: وإن قال: للهِ عليَّ الحَجُّ في عامِي هذا. فلم يَحُجَّ لعُذْرٍ أبي غيرِه، فعليه القَضاءُ والكَفَّارَةُ. ويَحْتَمِلُ أن لا كَفَّارَةَ عليه إذا كان مَعْذُورًا. وقال الشَّافعيّ: إن تَعَذَّرَ عليه الحَجُّ لأحَدِ الشَّرائِطِ السَّبْعَةِ، أو مَنَعَه منه سُلْطان أو عَدُوٌّ، فلا قَضاءَ عليه، وإن حَدَث به مَرَضٌ، أو أخْطَأ، أو تَوانَى، قَضاه. ولَنا، أنَّه فاتَه الحَجُّ المنذورُ، فلَزِمَه قَضاؤه، كما لو مَرِض، ولأنَّ المنذورَ مَحْمُولٌ على المَشْرُوعِ ابْتِداءً، ولو فاتَه الشروعُ، [لَزِمَه قَضاؤه](2)، فكذلك المنْذُورُ.
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.