الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَنْبَغِي أنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ الْفُقَهَاءَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ،
ــ
مالكٍ، في أن يَحُطَّ عن ابن أبي حَدْرَدٍ بَعْضَ دَينه. وله أن يَزِنَ عن المُدَّعَى عليه ما وَجَب عليه؛ لأنَّه نَفْعٌ لخَصْمِه، ولا يكونُ إلَّا بعدَ انْقِضاءِ الحُكْمِ.
4849 - مسألة: (ويَنْبَغِي أن يُحْضِرَ مَجْلِسَه الفُقَهاءَ مِن كلِّ مَذْهَبٍ)
حتى إذا حَدَثَتْ حادِثَة يَفْتَقِرُ إلى سُؤَالِهم عنها، سألهم؛ ليَذْكُرُوا
إنْ أمْكَنَ، وَيُشَاورَهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيهِ،
ــ
أدِلَّتَهم فيها، وجَوابَهم عنها؛ فإنَّه أسْرَعُ لاجْتِهادِه، وأقْرَبُ لصوابِه. وإن حَكَم باجْتِهادِه، فليس لأحَدٍ منهم الاعْتِراضُ عليه وإن خالفَ اجْتِهادَه؛ لأنَّ فيه افْتِياتًا عليه، إلَّا أن [يَحْكُمَ بما] (1) يُخالِفُ نَصًّا أو إجْماعًا (و) يُسْتَحَبُّ أن (يُشاورَهم فيما يُشْكِلُ عليه) لقولِه سبحانه:{وَشَاورْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (2). قال الحسنُ: إن كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لغَنِيًّا عن مَشُورَتهم، وإنَّما أراد أن يَسْتَنَّ بذلك الحُكَّامُ بعدَه (3). وقد شاوَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصْحابَه في أُسارَى بَدْرٍ (4)، وفي مُصالحةِ الكُفَّارِ يومَ الخَنْدَقِ (5). وشاوَرَ أبو بكر، رضي الله عنه، النَّاسَ في ميراثِ الجَدَّةِ (6)، وعُمَرُ في ديةِ الجنينِ (7)، وشاوَرَ في حَدِّ الخَمْرِ (8). ورُوِيَ أنَّ عُمَرَ كان يكونُ عندَه جماعة مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ منهم عثمانُ، وعليٌّ، وطَلحَةُ، والزُّبَيرُ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ، إذا نَزَل به الأمْرُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سورة آل عمران 1590.
(3)
أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 10/ 109.
(4)
انظر ما تقدم في 10/ 80.
وأخرجه مسلم، في: باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر. . . .، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1385. وأبو داود، في: باب في فداء الأسير بالمال، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 56 مختصرًا. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 30 - 33، 3/ 243.
(5)
انظر ما تقدم في 10/ 374.
(6)
تقدم تخريجه في 18/ 56.
(7)
تقدم تخريجه في 25/ 411.
(8)
تقدم تخريجه في 26/ 424.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شاوَرَهم فيه (1). ولا مُخالِفَ في اسْتِحْبابِ ذلك، قال أحمدُ: لمّا وَلِيَ سعدُ بنُ إبراهيمَ قضاءَ المدينةِ، كان يَجْلِسُ بينَ القاسِمِ وسالم ويُشاورُهما، ووَلِيَ مُحارِبُ بنُ دِثارٍ قضاءَ الكوفةِ، فكان يَجْلِسُ بينَ الحَكَمِ وحَمّادٍ يُشاورُهما، ما أحْسَنَ هذا لو كان الحُكَّامُ يَفْعَلُونَه، يُشاورُون ويَنْتَظِرُون. ولأنَّه يَنْتَبِهُ بالمُشاوَرَةِ، ويَتَذَكَّرُ ما نَسِيَه بالمذاكرةِ. ولأنَّ الاحاطةَ بجميعِ العُلومِ مُتَعَذِّرَة، وقد يَنْتَبِهُ لإصابةِ الحقِّ ومعرفةِ الحادثةِ مَن هو (2) دُونَ القاضي، فكيف بمَن يُساويه [أو يَزِيدُ عليه](3)! فقد رُوِيَ أنَّ أبا بكر الصِّدِّيقَ، رضي الله عنه، جاءَتْه الجَدَّتان، فوَرَّثَ أمَّ الأمِّ، وأسْقَطَ أمَّ الأبِ، فقال له عبدُ الرحمنِ بنُ سَهْل: يا خليفةَ رسولِ اللهِ، لقد أسْقَطْتَ التي لو ماتَتْ وَرِثَها، ووَرَّثْتَ التي لو ماتَتْ لم يَرِثْها. فرَجَعَ أبو بكر، فأشْرَكَ بينَهما (4). إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُشاورُ أهلَ العلمِ والأمانَةِ؛ لأنَّ مَن ليس كذلك فلا قولَ له في الحادثةِ، ولا يُسْكَنُ إلى قولِه. قال سُفْيانُ: ولْيَكُنْ أهلُ مَشورَتِك أهلَ التَّقْوَى وأهلَ الأمانَةِ. ويُشاورُ المُوافِقِين والمُخالِفِينَ، ويَسْألهم عن حُجَّتِهم؛ ليَبِينَ له الحَقُّ.
(1) انظر ما علقه البخاري، في: كتاب قوله الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَينَهُمْ} . . . .، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري 9/ 138، 139. وما أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 10/ 113. وانظر: فتح الباري 13/ 343.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
(4)
تقدم تخريجه في 18/ 57.