الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُوصِي الوُكَلَاءَ وَالْأعْوَانَ عَلَى بَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالخُصُومِ، وَقِلَّةِ الطَّمَعِ، وَيَجْتَهِدُ أن يَكُونُوا شُيُوخًا أوْ كُهُولًا، مِنْ أهْلِ الدِّينِ والعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ.
وَيَتَّخِذُ كَاتِبًا مُسْلِمًا، مُكَلَّفًا، عَدْلًا، حَافِظًا، عَالِمًا، يُجْلِسُهُ بِحَيثُ يُشَاهِدُ مَا يَكتُبُهُ، وَيَجْعَلُ الْقِمَطْرَ مَخْتُومًا بَينَ يَدَيهِ.
ــ
4856 - مسألة: (ويُوصِي الوُكَلَاءَ والأعْوانَ على بابِه بالرِّفْقِ بالخُصُومِ، وقِلَّةِ الطَّمَعِ، ويَجْتَهِدُ أن يكونوا شُيُوخًا أو كُهُولًا، مِن أهْلِ الدِّينِ والعِفَّةِ والصِّيانَةِ)
لأنَّهم أقلُّ شرًّا، فإنَّ الشَّبابَ شُعْبَةٌ مِن الجُنُونِ، ولأنَّ الحاكمَ (1) يَأتِيه النِّساءُ، وفي اجْتِماعِ الشَّبابِ بهِنَّ ضَرَرٌ (2).
4857 - مسألة: (ويَتَّخِذُ كاتِبًا مُسْلِمًا، مُكَلَّفًا، عَدْلًا، حافِظًا، عالِمًا، يُجْلِسُه بحيثُ يُشاهِدُ ما يَكْتُبُه، ويَجْعَلُ القِمَطْرَ
(3) مَخْتُومًا بين يَدَيه) وجملةُ ذلك، أنَّه يُسْتَحَبُّ للحاكمِ أن يَتَّخِذَ كاتِبًا؛
(1) في الأصل: «الحكم» .
(2)
في م: «ضرورة» .
(3)
هو الذي تصان فيه الكتب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم استَكْتَبَ زيدَ بنَ ثابتٍ وغيرَه (1). ولأنَّ الحاكمَ تَكْثُرُ أشْغالُه ونَظَرُه، فلا يُمْكِنُه [أن يَتَولَّى](2) الكِتابَةَ بنَفْسِه. وإنْ أمْكَنَه تَوَلِّي (3) الكتابَةِ بنفسِه، جاز، والاسْتِنابَةُ فيه أوْلَى. ولا يجوزُ أن يَسْتَنِيبَ في ذلك إلَّا عَدْلًا، لأنَّ الكتابةَ مَوْضِعُ أمانَةٍ. ويُسْتَحَبُّ أن يكونَ فَقِيهًا؛ ليَعْرِفَ مَواقِعَ الألْفاظِ التي تَتَعَلَّقُ بها الأحْكامُ، ويُفَرِّقَ بينَ الجائزِ والواجِبِ، ويَنْبَغِي أن يكونَ وافِرَ العَقْلِ، وَرِعًا، نزهًا؛ لئلَّا يُسْتمال بالطَّمَعِ، ويكونَ مسلمًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} (4). وَرُوىَ أنَّ أبا موسى قَدِمَ على عُمرَ،
(1) أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 10/ 126.
وانظر ما أخرجه البخاري، في: باب قوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} ، من كتاب التفسير، وفي: باب جمع القرآن، من كتاب فضائل القرآن، وفي: باب يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلا، وباب ترجمة الحكام. . . . (معلقا) من كتاب الأحكام. صحيح البخاري 6/ 89، 90، 225، 226، 9/ 92 - 94. وأبو داود، في: باب رواية حديث أهل الكتاب، من كتاب العلم. سنن أبي داود 2/ 286. والترمذي، في: باب ما حاء في تعليم السريانية، من كتاب الاستئذان، وفي: باب قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}، من كتاب التفسير. عارضة الأحوذي 10/ 172، 11/ 258 - 261. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 182، 184.
(2)
في م: «تولى» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سورة آل عمران 118.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومعه كاتِب نَصْرانِيٌّ، فأحْضَرَ أبو موسى شيئًا مِن مَكْتُوباتِه عندَ عُمَرَ، فاسْتَحْسَنَه، وقال: قُلْ لكاتِبِك يَجِئُ ويَقْرَأ كتابَه. قال: إنَّه لا يَدْخُلُ المسجدَ. قال: ولِمَ؟ قال: إنَّه نَصْرانِيٌّ. فانْتَهَرَه عُمَرُ، وقال: لا تَأتَمِنُوهم وقد خَوَّنَهم اللهُ تعالى، ولا تُقَرِّبُوهم وقد أبعَدَهم اللهُ، ولا تُعِزُّوهم وقد أذَلَّهم الله (1). ولأنَّ الإِسْلامَ مِن شُرُوطِ العَدالةِ، والعدالةُ شَرْط. وقال أصحابُ الشافعيِّ: في اشْتِراطِ عَدالتِه وإسْلامِه وَجْهان؛ أحَدُهما، يُشْتَرَطُ؛ لِما ذَكَرْنا. والثاني، لا يُشْتَرَطُ؛ لأنَّ ما يَكْتُبُه لا بدَّ مِن وُقُوفِ القاضي عليه فتُؤْمَنُ (2) الخِيانَةُ. ويُسْتَحَبُّ أن يكونَ جَيِّدَ الخَطِّ؛ لأنَّه أكْمَلُ. وأن يكونَ حُرا؛ ليَخْرُجَ مِن الخِلافِ. وإن كان عبدًا، جاز؛ لأن شهادةَ العبدِ جائزة. ويكون القاسِمُ على الصِّفَةِ التي ذَكَرْنا في الكاتِبِ، ولابدَّ مِن كونِه حاسِبًا؛ لأنَّه عَمَلُه، وبه يَقْسِمُ، فهو كالخَطِّ للكاتِبِ، والفِقْهِ للحاكمِ. ويُسْتَحَبُّ للحاكمِ أنْ يُجْلِس الكاتبَ بينَ يَدَيه؛ ليُشاهِدَ ما يَكْتُبُه، ويُشافِهَه بما يُمْلِي عليه، وإن قَعَدَ ناحيةً، جاز؛ لأنَّ المَقْصُودَ يَحْصُلُ؛ لأنَّ ما يَكْتُبُه يُعْرَضُ على الحاكمِ، [فيشيرُ به](3). ويَجْعَلُ القِمَطْرَ مَخْتُومًا بينَ يَدَيه؛ ليَتْرُكَ فيه ما يَجْتَمِعُ مِن
(1) تقدم تخريجه في 10/ 474.
(2)
في م: «فهو من» .
(3)
في م: «فيستبرئه» .