الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَعْيِينُ مَا يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فِيهِ مِنَ الْأعْمَالِ وَالبُلْدَانِ، وَمُشَافَهَتُهُ بِالْولَايةِ أَوْ مُكَاتَبَتُهُ بِهَا، وَإشْهَادُ شَاهِدَينِ على تَوْلِيَتهِ. وَقَال الْقَاضِي: تَثْبُتُ بِالاسْتِفَاضَةِ، إِذَا كَانَ بَلَدُهُ قَرِيبًا تَسْتَفِيضُ فِيهِ أخْبَارُ بَلَدِ الْإِمَامِ.
ــ
4827 - مسألة: (وتَعْيينُ ما يُوَلِّيه الحُكْمَ فيه مِن الأعْمالِ والبُلدانِ، ومُشَافَهَتُه بالولايَةِ أو مُكَاتَبَتُه بها، وإشْهَادُ شاهِدَين على تَوْلِيَته. وقال القاضي: تَثْبُتُ بالاسْتِفاضَةِ، إذا كان بَلَدُه قَرِيبًا يَسْتَفِيضُ فِيهِ أخْبارُ بَلَدِ الإِمام)
يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ ما يُوَلِّيه مِن الأعْمالِ والبُلْدانِ، ليَعْلَمَ مَحَلَّ ولائيه، فيَحْكُمَ فِيه، ولا يَحْكُمَ في غيرِه، وقد وَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيًّا قَضاءَ اليَمَنِ، ووَلَّى عُمَرُ شُرَيحًا قَضاءَ الكُوفَةِ، وكَعْبَ بنَ سُورٍ قَضاءَ البَصْرَةِ، وبَعَث في كلِّ مِصْر قاضِيًا وَوالِيًا. ويُشافِهُه الإِمامُ بالولايةِ إن كان حاضِرًا، أو يُكاتِبُه بها إن كان غائِبًا؛ لأنَّ التَّوْلِيَةَ تحْصُلُ بالمُشافَهَة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في الحَضْرَةِ، وبالمُكاتَبَةِ في الغَيبَةِ، كالتَّوْكِيلِ. فإن كان البَلَدُ الذي [ولَّاه قَضاءَه](1) فيه غيرَ بلدِ الإمامِ، كَتَب له العَهْدَ بما وَلَّاه؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَب لعَمْرِو بنِ حَزْم، حينَ بَعَثه إلى اليَمَنِ (2). وكَتَب عُمَرُ إلى أهلِ الكُوفَةِ: أمَّا بعدُ، فإنِّي قد بَعَثْتُ عليكم عَمّارًا أمِيرًا، وعبدَ اللهِ قاضِيًا، فاسْمَعُوا لهما وأطِيعُوا (3). فإن كان البَلَدُ الذي وَلَّاه قَضاءَه (4) بعيدًا، لا يَسْتَفِيضُ إليه الخَبَرُ بما يكونُ في بَلَدِ الإِمامِ، أحْضَرَ شاهِدَين عَدْلَين وقَرَا عليهما العَهْدَ، [أو قَرَأه غيرُه بحَضْرَتِه](5)، وأشْهَدَهما على تَوْلِيَته؛ ليَمْضِيَا (6) معه إلى بَلدِ ولايَتِه، فيُقِيما له الشَّهادةَ، ويقولُ لهما: اشْهَدا على أنِّي قد وَلَّيتُه قَضاءَ البلدِ الفُلانِيِّ، وتَقَدَّمْتُ إليه بما يَشْتَمِلُ هذا العَهْدُ عليه. وإنْ كان البلدُ قَرِيبًا مِن بلدِ الإمام، يَسْتَفِيضُ إليه ما يَجْرِي في بلدِ الإِمامِ، نحوَ أنْ يكونَ بينَهما خمسةُ أيّامٍ أَو ما دُونَها، جاز أنَّ يَكْتَفِيَ بالاسْتِفاضَةِ دُونَ الشَّهادَةِ؛ لأنَّ الولايةَ تَثْبُتُ بها. وبهذا قال الشافعيُّ، إلَّا أنَّ عندَه في ثُبوتِ الولايةِ بالاسْتِفاضَةِ في البلدِ القريبِ
(1) في ق، م:«لا قضاة» .
(2)
تقدم تخريجه في 2/ 72، وفي 25/ 309، 369.
(3)
أخرجه الحاكم، في: المستدرك 3/ 388.
(4)
سقط من: ق، م.
(5)
سقط من: ق، م.
(6)
في الأصل: «ليضما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَجْهَين. وقال أصحابُ أبي حنيفةَ: تَثْبُتُ بالاسْتِفاضَةِ. ولم يُفَرِّقُوا بينَ البلدِ القريبِ والبعيدِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ولَّى عليًّا قَضاءَ اليَمَنِ، وهو بعيدٌ، مِن غيرِ شَهادةٍ، ووَلَّى الوُلاةَ في البُلْدانِ البعيدةِ، وفَوَّضَ إليهم الولايةَ والقَضاءَ، ولم يُشْهِدْ، وكذلك خُلَفاؤه، ولم يُنْقَلْ عنهم الإشْهادُ على تَوْلِيةِ القَضاءِ، مع بعدِ بُلدانِهم. ولَنا، أنَّ القَضاءَ لا يَثْبُت إلَّا بأحَدِ أمْرَين، وقد تَعَذَّرَتْ (1) الاسْتِفاضَةُ في البَلَدِ البعيدِ؛ لعَدَمِ وُصُولِها إليه، فيَتَعَيَّنُ الإشْهادُ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُشْهِدْ على تَوْلِيَته، فإنَّ الظَّاهِرَ أنَّه لم يَبْعَثْ والِيًا إلَّا ومعه جماعةٌ الظاهرُ أنَّه أشْهَدَهم، وعَدَمُ نَقْلِه لا يَلْزَمُ منه عَدَمُ فِعْلِه، وقد قام دَلِيلُه، فيَتَعَيَّنُ وُجُوبُه.
(1) في م: «بعدت» .