الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ مَاتَ الْمُوَلِّي، أَوْ عُزِلَ الْمُوَلَّى مَعَ صَلَاحِيَتهِ، لَمْ تَبْطُلْ ولَايتُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَبْطُلُ في الْآخَرِ.
ــ
وَكَّلَه في الصَّدقةِ بمالٍ، لم يَجُزْ له أخْذُه، ولا دَفْعُه إلى هَذَين. ويَحْتَمِلُ أنَّ يجوزَ له اخْتِيارُهما، إذا كانا صالحَين للولايةِ؛ لأنَّهما يَدْخُلان في عُمُومِ مَن أذِنَ له في الاخْتِيارِ منه، مع أهْلِيَّتهما، أشْبَها الأجانِبَ.
4833 - مسألة: (إذا مات المُوَلِّي، أو عُزِل المُوَلَّى مع صَلاحِيته، لم تَبْطُلْ ولايتُه في أحَدِ الوَجْهَين، وتَبْطُلُ في الآخَرِ)
إذا وَلَّى الإمامُ قاضِيًا، ثم مات، لم يَنْعَزِلِ القاضِي؛ لأنَّ الخُلَفاءَ، رضي الله عنهم، [وَلَّوْا حُكّامًا](1) في زَمَنِهم، فلم يَنْعَزِلُوا بمَوْتِهم، ولأنَّ في عَزْلِه بمَوْتِ الإمام ضَرَرًا على المسلِمِين، فإنَّ البَلَدَ يَتَعَطَّلُ (2) مِن الحُكّامِ، وتَقِفُ أحْكَامُ النَّاسِ إلى أنَّ يُوَلِّيَ الإِمامُ الثَّاني حَاكِمًا، وفيه
(1) في م: «ولو أحكاما» .
(2)
في الأصل: «يبطل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ضَرَرٌ (1) عَظِيمٌ. وكذلك لا يَنْعَزِلُ القاضِي إذا عُزِل الإمامُ؛ لِما ذَكَرْنا. فأمَّا إن عَزَلَه الإمامُ الذي وَلَّاه أو غيرُه، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَنْعَزِلُ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه عَقْدٌ لمَصْلَحَةِ المسلمين، فلم يَمْلِكْ عَزْلَه مع سَدادِ حالِه، كما لو عَقَدَ النِّكاحَ على مُوَلِّيَته، لم يكنْ له فَسْخُه. والثاني، [له عَزْلُه](2)، لِما رُوِيَ عن (3) عُمَرَ، رضي الله عنه، أنَّه قال: لأعْزِلَنَّ أبا مَرْيَمَ (4)، وأُوَلِّيَنَّ رجُلًا إذا رآهُ الفاجرُ فَرِقَه (5). فعَزَلَه عن قَضاء البَصْرَةِ، ووَلَّى كَعْبَ بنَ سُورٍ مَكانَه. ووَلَّى عليٌّ، رضي الله عنه، أَبا الأسْوَدِ، ثم عَزَلَه، فقال له: لِمَ عَزَلْتَنِي، وما خُنْتُ (6). قال: إنِّي رَأيتُك يَعْلُو كلامُك على الخَصْمَين. ولأنَّه يَمْلِكُ عَزْلَ أُمَرائِه ووُلاتِه على البُلْدانِ، فكذلك قُضاتُه. وقد كان عُمَرُ، رضي الله عنه، يُوَلِّى ويَعْزِلُ، فعَزَلَ شرَحْبِيلَ بنَ حَسَنَةَ
(1) في ق، م:«خطر» .
(2)
سقط من: ق، وفي م:«ينعزل» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
هو إياس بن صبيح بن محرش الحنفي. انظر ترجمته في: أخبار القضاة، لوكيع 1/ 269.
(5)
فرقه: خافه.
والأثر أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 10/ 108. ووكيع، في: أخبار القضاة 1/ 270. وانظر: إرواء الغليل 8/ 234.
(6)
في الأصل: «جنيت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن ولايَته في الشامِ، ووَلَّى مُعاويَةَ، فقال له شُرَحْبِيلٌ: أمِن جُبْنٍ عَزَلْتَنِي، أو مِن (1) خِيانَةٍ؟ قال: من كلٍّ لا، ولكنْ أرَدْتُ رجلًا أقْوَى مِن رجلٍ. وعزلَ خالدَ بنَ الوليدِ، ووَلَّى أبا عُبَيدَةَ. وقد كان يُوَلِّي بعضَ الوُلاةِ الحُكْمَ مع الإمارَةِ، فوَلَّى أبا موسى البَصْرَةَ قضاءَها وإمْرَتَها (2). ثم كان يَعْزِلُهم هو (3)، ومَن لم يَعْزلْه، عَزَلَه عُثْمانُ بعدَه إلَّا القليلَ منهِم، فعَزْلُ القاضي أوْلَى. ويُفارِقُ عَزْلَه بمَوْتِ مَن وَلَّاه أو عَزْلِه؛ لأنَّ فيه ضَرَرًا، وههُنا لا ضَرَرَ فيه؛ لأنَّه لا يَعْزِلُ قاضيًا حتى يُوَلِّيَ آخَرَ مكانَه،
(1) زيادة من: الأصل.
(2)
انظر لذلك كله: تاريخ الطبري 4/ 64 - 69.
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولهذا لا يَنْعَزِلُ الوالي (1) بمَوْتِ الإمامِ، ويَنْعَزِلُ بعَزْلِه. وقد ذَكَر شيخُنا في عَزْلِه بالموتِ، في الكتابِ المَشْرُوحِ وَجْهَين، وحَكاهما أبو الخَطَّابِ. والأوْلَى، إن شاءَ اللهُ، ما ذَكَرْنا. فأمَّا إن تَغَيَّرَتْ حالُ القاضي، بفِسْقٍ، أو زَوالِ عَقْل، أو مَرَضٍ يَمنعُه من القضاءِ، أو اخْتَلَّ فيه بعضُ شُرُوطِه، فإنَّه يَنْعَزِلُ بذلك، ويَتَعَيَّنُ على الإِمامِ عَزْلُه، وَجْهًا واحدًا. وأمَّا إذا اسْتَخْلَفَ القاضي خَلِيفَةً، فإنَّه يَنْعَزِلُ بمَوْتِه وعَزْلِه؛ لأنَّه نائِبُه، أشْبَهَ الوَكِيلَ.
(1) في ق، م:«القاضي» .