الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَلَفَ لَا مَال لَهُ، وَلَهُ مَالٌ غَيرُ زَكَويٍّ، أَوْ دَينٌ عَلَى النَّاسِ، حَنِثَ.
ــ
4760 - مسألة: (وإن حَلَف لا مال له، وله مالٌ غيرُ زَكَويٍّ، أو دَينٌ على النَّاسِ، حَنِثَ)
إذا حَلَفَ لا يَمْلِكُ مالًا، حَنِثَ بمِلْكِ كلِّ ما يُسَمَّى مالًا، سَواءٌ كان من الأثْمانِ، أو غيرِها من العقارِ والأثاثِ والحَيوانِ. وبهذا قال الشافعيُّ. وعن أحمدَ، أنَّه إذا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بجميعِ مالِه، إنَّما يَتَناوَلُ نَذْرُه الصَّامِتَ (1) من مالِه. ذَكَرَها ابنُ أبي موسى؛ لأنَّ إطْلاقَ المالِ يَنْصَرِفُ إليه. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْنَثُ إلَّا أن يَمْلِكَ مالًا زَكَويًّا، اسْتِحْسانًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (2). فلم يَتَناوَلْ إلَّا الزَّكَويَّ. ولَنا، أنَّ غيرَ الزَّكَويَّةِ (3) أمْوالٌ، قال اللهُ تعالى:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (4). وهي
(1) الصامت: الذهب والفضة.
(2)
سورة الذاريات 19.
(3)
في الأصل، ق:«النقود» .
(4)
سورة النساء 24.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ممَّا يجوزُ ابْتِغاءُ النِّكاحِ يها. وقال أبو طَلْحَةَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أحَبَّ أمْوالِي إليَّ بِيرُحَاءَ. يُريدُ حَدِيقَةً (1). وقال عمرُ: أصَبْتُ أرْضًا بخَيبَرَ، لم أُصِبْ مالًا قَطُّ هو أنْفَسَ عندِي منه (2). وقال أبو قَتادَةَ: اشْتَرَيتُ مَخْرَفًا (3)، فكان أوَّلَ مالٍ تَأَثَّلْتُه (4). وفي [الحديثِ «خَيرُ](5) المَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ (6)، أو مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ» (7). ويقالُ: خيرُ المالِ عَينٌ خَرَّارَةٌ، في أرْضٍ خَوَّارَةٍ. ولأنَّه يُسَمَّى مالًا، فحَنِثَ به، كالزَّكَوي. وأمَّا قولُه تعالى:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} . فالحَقُّ ههُنا غيرُ الزَّكاةِ؛ لأنَّ هذه الآيَةَ مَكِّيَّةٌ، نزَلَتْ قبلَ فَرْضِ الزَّكاةِ؛ لأنَّ الزَّكاةَ إنَّما فُرِضَتْ بالمدينةِ، ثم لو كان
(1) أخرجه البخاري، في: باب الزكاة على الأقارب، من كتاب الزكاة، وفي: باب إذا قال الرجل له كيله: ضعه حيث أراك الله، من كتاب الوكالة، وفي: باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه. . . .، من كتاب الوصايا، وفي: باب {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، من كتاب التفسير، وفي: باب استعذاب الماء، من كتاب الأشربة. صحيح البخاري 2/ 148، 3/ 134، 135، 4/ 7، 6/ 46، 7/ 142. ومسلم، في: باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 693، 694. والدارمي، في: باب أي الصدقة أفضل، من كتاب الزكاة. سنن الدارمي 1/ 390. والإمام مالك، في: باب الترغيب في الصدقة، من كتاب الصدقة. الموطأ 2/ 995، 996. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 141، 262.
(2)
تقدم تخريجه في 16/ 362.
(3)
المخرف: البستان، أو نخلات. انظر: الفائق 1/ 359.
(4)
تقدم تخريجه في 10/ 152، 153.
(5)
في م: «حدث آخر» .
(6)
في م: «مأثورة» .
(7)
تقدم تخريجه في 12/ 155.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحقُّ (1) الزَّكاةَ، فلا حُجَّةَ فيها، فإنَّ الحَقَّ إذا كان في بعضِ المالِ، كان في المالِ، كما أنَّ مَن هو في بَيتٍ [في دارٍ](2) أو (3) بَلْدَةٍ، فهو في الدارِ (4) وفي البَلْدَةِ، قال اللهُ تعالى:{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} (5). ولا يَلْزَمُ أن يكونَ في جميعِ أقْطارِها. ثم لو اقْتَضَى هذا العُمومَ، لوَجَبَ تَخْصِيصُه، فإنَّ ما دونَ النِّصابِ مالٌ، ولا زَكاةَ فيه. وإن كان له دَينٌ، حَنِثَ. وهكذا ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ. وهو قولُ الشافعيِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه لا يُنْتَفَعُ به. ولَنا، أنَّه يَنْعَقِدُ عليه حَوْلُ الزَّكاةِ، ويَصِحُّ إخْراجُها عنه، ويَصِحُّ التَّصَرُّفُ فيه بالإِبْراءِ، والحَوَالةِ، والمُعَاوَضَةِ عنه لمَن هو في ذِمَّتِه، والتَّوْكِيل في اسْتِيفائِه، فيَحْنَثُ به، كالمُودَعِ.
فصل: وإن كان له مالٌ مَغْصُوبٌ، حَنِثَ؛ لأنَّه باقٍ على مِلْكِه. وإن
(1) في م: «لحق» .
(2)
تكملة من المغني 13/ 597.
(3)
في م: «في» .
(4)
ق م: «البيت» .
(5)
سورة الذاريات 22.