الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ، طَالَبَ المُدَّعِىَ بِتَزْكِيَتَهِ.
وَيَكْفِى فِى التَّزْكِيَةِ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا، وَلَا يَحْتَاجُ أنْ يَقُولَ: عَلَىَّ وَلِىَ.
ــ
4911 - مسألة: (وإن جَهِل حالَه، طالَبَ المُدَّعِىَ بتَزْكِيَتِه)
لأنَّه رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه أُتِىَ بشاهِدَيْن، فقال لهما: إنِّى لا أعْرِفُكما، ولا يَضُرُّكما أن لم أعْرِفْكما، جِيئا بمَن يَعْرِفُكما (1). ولأنَّ العدَالَةَ شَرْطٌ في قَبولِ الشهادةِ، على ما ذَكَرْنا، فإذا شَكَّ في وُجودِها، كانت كعَدَمِها، كشُروطِ الصلاةِ.
4912 - مسألة: (ويَكْفِى في التَّزْكِيةِ شاهِدانِ يَشْهَدان أنَّه عَدْلٌ رِضًا، ولا يَحْتاجُ أن يقولَ)
في التزكيةِ: (عَلَىَّ وَلِىَ) وهذا قولُ أكثرِ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 479.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أهلِ العلمِ. وبه يقولُ شُرَيْحٌ، وأهلُ العراقِ، ومالكٌ، وبعضُ الشافعيةِ. وقال أكْثَرُهم: لا يَكْفِيه إلَّا أن يقولَ: علىَّ ولِىَ. واخْتَلَفُوا
في تَعْلييه، فقال بعضُهم: لئلَّا تكونَ بينَهما عَداوةٌ أو قَرابَةٌ. وقال بعضُهم: لئلَّا يكونَ عَدْلًا في شئٍ دونَ شئٍ. ولَنا، قولُه تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (1). فإن شَهِدا أنَّه عَدْلٌ، ثَبَت ذلك بشَهادَتِهما، فيَدْخُلُ في عُمومِ الآيةِ، ولأنَّه إذا كان عَدْلًا، لَزِم أن يكونَ له وعليه، وفى حقِّ سائرِ الناسِ، وفى كلِّ شئٍ، فلا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِه.
ولا يَصِحُّ ما ذَكَرُوه، فإنَّ الإنسانَ لا يكونُ عَدْلًا في شئ دُونَ شئٍ، ولا في حَقِّ شَخْصٍ دونَ شَخْصٍ، فإنَّها لا تُوصَفُ بهذا، ولا تَنْتَفِى أيضًا بقَوْلِه: علىَّ ولِىَ. فإنَّ مَن ثَبَتَتْ عَدالَتُه، لم تَزُلْ بقَرابَةٍ ولا عَداوَةٍ، وإنَّما تُرَدُّ شَهادَتُه للتُّهْمَةِ مع كونِه عَدْلًا، ثم إنَّ هذا إذا كان مَعْلُومًا انْتِفاؤْه بينَهما، لم يَحْتَجْ إلى ذِكْرِه ولا نَفيِه عن نفسِه، [كما لو شَهدِ بالحقِّ مَن عرَف الحاكمُ عدالتَه، لم يَحْتَجْ إلى أن يَنْفِىَ عن نفسِه ذلك](2)، ولأنَّ العداوةَ لا تَمْنَعُ مِن شَهادَتِه له بالتَّزْكِيَةِ، وإنَّما تَمْنَعُ الشَّهادةَ عليه، وهذا شاهِدٌ له
بالتَّزْكِيَةِ والعَدالةِ، فلا حاجَةَ به (3) إلى نَفْىِ العَداوةِ.
(1) سورة الطلاق 2.
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَكْفِى أن يقولَ: ما أعلمُ منه إلَّا الخَيْرَ. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ. وقال أبو يوسُفَ: يَكْفِى؛ لأنَّه إذا كان مِن أهلِ الخِبْرَةِ به، ولا يَعْلَمُ منه إلَّا الخَيْرَ، فهو عَدْلٌ. [ولَنا](1)، أنَّه لم يُصَرِّحْ بالتَّعْديلِ، فلم يكنْ تَعْديلًا، كما لو قال: أعْلَمُ منه خَيْرًا. وما ذَكَرُوه لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الجاهِلَ بحالِ أهلِ الفِسْقِ، لا يَعْلَمُ منهم إلَّا الخَيْرَ؛ لأنَّه يَعْلَمُ إسلامَهم، وهو لا يَعْلَمُ منهم (2) غيرَ ذلك، وهم غيرُ عُدولٍ.
قال أصْحابُنا: ولا يُقْبَلُ التَّعْديلُ إلَّا مِن أهلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، والمعرفةِ المُتَقادِمَةِ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لخَبَرِ. عمرَ الذى قَدَّمْناه، ولأنَّ عادةَ الناسِ إظْهارُ الطَّاعاتِ وإسْرارُ المَعاصِى، فإذا لم يكنْ ذا خِبْرَةٍ باطنةٍ، فرُبَّما اغْتَرَّ (3) بحُسْنِ ظاهِرِه، وهو فاسِقٌ في الباطِنِ. وهذا يَحْتَمِلُ أن
(1) في الأصل: «قلنا» .
(2)
بعده في الأصل: «من» .
(3)
في الأصل: «اعتبر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُرِيدَ الأصْحابُ بما ذَكَرُوه أنَّ الحاكمَ إذا عَلِمَ أنَّ المُعَدِّلَ لا خِبْرَةَ له، لم يَقْبَلْ شهادتَه بالتَّعْديلِ، كما فعَل عمرُ، رَضِىَ اللهُ عنه. ويَحْتَمِلُ أنَّهم أرادوا أنَّه (1) لا يجوزُ للمُعَدِّلِ الشَّهادةُ بالعَدالةِ، إلَّا أن تكونَ له خِبْرَةٌ باطِنَةٌ.
فأمَّا الحاكمُ (2) إذا شَهِد عندَه العَدْلُ بالتَّعديلِ، ولم يَعْرِفْ حقيقةَ الحالِ، فله أن يَقْبَلَ الشَّهادَةَ مِن غيرِ كَشْفٍ، وإنِ اسْتَكْشَفَ الحالَ، كما فعَل عمرُ، رَضِىَ الله عنه، فحسَنٌ.
(1) في الأصل: «به» .
(2)
في م: «الحكم» .