الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، أو لَيَرْحَلَنَّ عَنْ هذِهِ الدَّارِ، فَفَعَلَ، فَهَلْ لَهُ الْعَوْدُ إِلَيهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
4783 - مسألة: (وإن حَلَف لَيَخْرجَنَّ مِن هذه البَلْدَةِ، أو لَيَرْحَلَنَّ عن هذه الدَّارِ، ففَعَل، فهل له العَوْدُ إليها؟ على رِوَايَتَين)
إحْدَاهما، لا شيءَ عليه في العَوْدِ، ولا يَحْنَث به؛ لأنَّ يَمِينَه على الخُروجِ، وقد خَرَج، فانْحَلَّتْ يَمِينه بفِعْلِ ما حَلَف عليه، فلم يَحْنَثْ فيها (1) بعدُ. والثانِيَة، يَحْنَث بالعَوْدِ؛ لأنَّ ظاهِرَ حالِه قَصْدُ هِجْرانِ ما حَلَف على الرَّحيلِ منه، ولا يَحْصُلُ ذلك بالعَوْدِ. ويُمْكِن حَمْلُ هذه الرّوايَةِ على أنَّ للمَحْلُوفِ (2) عليه سَبَبًا (3) هَيَّجَ يَمِينَه، أو دَلَّتْ قَرِينَة حالِه على إرادَةِ هِجْرانِه، أو نَوَى ذلك بيَمِينِه، فاقْتَضَتْ يَمِينه دَوامَ اجْتِنابِها. فإن لم يَكنْ كذلك، لم يَحْنَثْ بالعَوْدِ؛ لأنَّ اليَمِينَ تحْمَل (4) عندَ عَدَمِ ذلك على مُقْتَضَى اللَّفْظِ،
(1) في الأصل: «فيما» .
(2)
في م: «المحلوف» .
(3)
في م: «شيء» .
(4)
سقط من: م.
فَصْلٌ: وإنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا، وَيُمْكِنُهُ الامْتِنَاعُ فَلَمْ يَمْتَنِعْ، أوْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا فَخَدَمَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَقَال الْقَاضِي: يَحْنَثُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحْنَثَ.
ــ
ومُقْتَضاه ههُنا الخُروجُ، وقد فَعَلَه، فانْحَلَّتْ يَمِينُه به. وكذلك الحُكْمُ (1) إذا حَلَف على الرَّحيلِ من بَلَدٍ، لم يَبَرَّ إلَّا بالرَّحيلِ بأهْلِه.
فصل: قال، رحمه الله:(إذا حَلَف لا يَدْخُلُ دارًا، فحُمِلَ فأُدْخِلَها، ويُمْكِنُه الامْتِناعُ فلم يَمْتَنِعْ، أو حَلَف لا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا، فخَدَمَه وهو ساكِت، فقال القاضي: يَحْنَثُ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَحْنَثَ) إذا حَلَف لا يَدْخُلُ دارًا، فحُمِلَ فأُدْخِلَها، فلم يُمْكِنْه الامْتِناعُ، لم يَحْنَثْ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ أبي طالبٍ. وبه قال الشافعي، وأبو ثَوْرٍ،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصحابُ الرَّأْي. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ الفِعْلَ غيرُ مَوْجودٍ منه، ولا مَنْسُوبٍ إليه. فإن حُمِلَ بأمْرِه، فأُدْخِلَها، حَنِثَ؛ لأنَّه دَخَل مُخْتارًا، فأشْبَهَ ما لو دَخَل راكِبًا. فإن حُمِلَ بغيرِ أمْرِه، لكنَّه أمْكَنَه الامْتِناعُ فلم يَمْتَنِعْ، حَنِثَ أيضًا. اخْتارَه القاضي؛ لأنه دَخَلَها غيرَ مُكْرَهٍ، فأشْبَهَ ما لو حُمِلَ بأمْرِه. وقال أبو الخَطَّابِ: في الحِنْثِ وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَحْنَثُ؛ [لأنَّه لم يَفْعَلِ الدُّخُولَ، ولم يَأمُرْ به، فأشْبَهَ ما لو لم يُمْكِنْه الامْتِناعُ. ومتى دَخَل باخْتِيارِه، حَنِثَ](1)، سَواءٌ كان ماشِيًا، أو راكِبًا، أو مَحْمُولًا، أو ألْقَى نَفْسَه (2) في ماءٍ فَجَرَّه إليها، أو سَبَح فيها فَدَخَلَها، وسَواءٌ دَخَل مِن بابِها، أو تَسَوَّرَ حائِطَها، أو دَخَل مِن طاقَةٍ فيها، أو نَقَب حائِطَها، و (3) دَخَل مِن ظَهْرِها، أو غير ذلك.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «سفينة» .
(3)
في ق، م:«أو» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن أُكْرِهَ بالضَّرْبِ ونَحْوه، فدَخَلَها، لم يَحْنَثْ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. والثاني، يَحْنَثُ. وهو قولُ أصحابِ الرَّأْي. ونحوُه عن النَّخَعِيِّ؛ لأنه دَخَلَها وفَعَل ما حَلَف على تَرْكِه. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«عُفِيَ لأُمَّتِي عَنِ الْخَطَأَ، والنِّسْيانِ، ومَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيهِ» (1). ولأنَّه دَخَلَها مُكْرَهًا، فأشْبَهَ ما لو حُمِلَ فأُدْخِلَها مُكْرَهًا. وكذلك إن حَلَف لا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا، فخَدَمَه وهو ساكِتٌ، فيه مِن الخلافِ ما ذكَرْناه في دُخولِ الدَّارِ؛ لأنَّه في مَعْناه.
فصل: وإن حَلَف لا يَسْتَخْدِمُ عَبْدًا، فخَدَمَه وهو ساكِت، لم يَأْمُرْه ولم يَنْهَه، فقال القاضي: إن كان عبدَه، حَنِثَ، وإن كان عبدَ غيرِه، لم يَحْنَثْ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ عبدَه يَخْدِمُه عِبادَةً (2) بحُكْمِ اسْتِحْقَاقِه ذلك عليه، فيكونُ معْنى يَمِينِه: لَا مَنَعْتُك خِدْمَتِي. فإذا لم
(1) تقدم تخريجه في 1/ 276.
(2)
في ق، م:«عادة» .