الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أُدْمًا، حَنِثَ بأَكْلِ الْبَيضِ، وَالشِّوَاءِ، وَالْجُبْنِ، وَالْمِلْحِ، وَالزَّيتُونِ، وَاللَّبَنِ، وَسَائِرِ مَا يُصْطبَغُ بِهِ. وفي التَّمْرِ وَجْهَانِ.
ــ
4742 - مسألة: (وإن حَلَف لَا يَأكُلُ أُدْمًا، حَنِثَ بأكْلِ البَيضِ، والشِّوَاءِ، والجُبْنِ، والمِلْحِ، والزَّيتُونِ، واللَّبَنِ، وسائِرِ مَا يُصْطَبَغُ به. وفي التَّمْرِ وَجْهانِ)
إذا حَلَف على تَرْكِ الأُدْمِ، حَنِثَ بأكْلِ كلِّ (1)؛ ما جَرَتِ العادَةُ بأكْل الخُبْزِ به؛ لأنَّ هذا مَعْنَى التَّأَدُّم، وسَواءٌ في هذا ما يُصْطَبَغُ (2) به؛ كالطَّبِيخِ (3)، والمَرَقِ، والخَلِّ، وَالزَّيتِ، والسَّمْنِ، والشَّيرَجِ، واللَّبَنِ، قال اللهُ تعالى:{وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} (4). وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ» (5). وقال:
(1) سقط من: ق، م.
(2)
في الأصل: «يصطنع» .
(3)
في الأصل: «كالبطيخ» .
(4)
سورة المؤمنون 20.
(5)
أخرجه مسلم، في: باب فضيلة الخل والتأدم به، من كتاب الأطعمة. صحيح مسلم 3/ 1621 - 1623. وأبو داود، في: باب في الخل، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 323. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في الخل، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذي 8/ 33. والنَّسائي، في: باب إذا حلف أن لا يأتدم فأكل خبزا بخل، من كتاب الإيمان والنذور. المجتبى 7/ 13. وابن ماجه، في: باب الائتدام بالخل، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه 2/ 1102. والدارمي، في: باب أي الإدام كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كتاب الأطعمة. سنن الدَّارمي 2/ 101. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 301، 304، 364، 371، 389، 390.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«ائْتَدِمُوا بِالزَّيتِ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» . رَواه ابنُ ماجَه (1). أو من الجامِداتِ، كالشِّواءِ والجُبْنِ والباقِلَّاءِ والزَّيتُونِ والبَيضِ. وبهذا قال الشافِعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسف: ما لا يُصْطَبَغُ به فليس بأُدْم؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يُرْفَعُ إلى الفَمِ مُفْرَدًا. ولَنا، ما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«سَيِّدُ الإِدَامِ اللَّحْمُ» (2). وقال: «سَيِّدُ أُدْمِكُمُ المِلْحُ» . رَواه ابنُ ماجَه (3). ولأنَّه يُؤْكَلُ به الخُبْزُ عادَةً، فكان إدامًا (4)، كالذي يُصْطَبَغُ (5) به، ولأنَّ
(1) في: باب الزيت، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه 2/ 1103.
كما أخرجه التِّرْمِذِي، في: باب ما جاء في أكل الزيت، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذي 8/ 43. والدارمي، في: باب في فضل الزيت، من كتاب الأطعمة. سنن الدَّارمي 2/ 102. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 497.
(2)
بهذا اللفظ أخرجه تمام الرَّازي في «فوائده» . انظر: تخريج أحاديث إحياء علوم الدين 2/ 930. من حديث بريدة مرفوعًا. وعند ابن ماجه من حديث أبي الدَّرداء بلفظ: «سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم» . سنن ابن ماجه 2/ 1099. وانظر مجمع الزوائد 5/ 35، كشف الخفاء 1/ 461، 462.
(3)
في: باب الملح، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه 2/ 1102. وهو ضعيف، انظر كشف الخفاء 1/ 459، 458.
(4)
في م: «أدما» .
(5)
في الأصل: «يصطنع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كثيرًا ممَّا ذَكَرْنا لا يُؤْكَلُ في العادَةِ وَحْدَه، إنَّما يُعَدُّ للتَّأدُّمِ به، فكان أُدْمًا (1)، كالخَلِّ واللَّبَنِ. وقولُهم: إنَّه يُرْفَعُ إلى الفَمِ مُفْرَدًا. عنه جوابان؛ أحَدُهما، أنَّ منه ما يُرْفَعُ مع الخُبْزِ، كالملحِ ونحوه. والثاني، أنَّهما يَجْتَمِعان في الفَمِ والمَضْغِ والبَلعِ، الذي هو حَقِيقَةُ الأكلِ، فلا يَضُرُّ افْتِراقُهُما قبلَه. وأمَّا التَّمْرُ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، هو (2) أُدْمٌ؛ لِما روَى يوسفُ بنُ (3) عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ، قال: رَأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَضَع تَمْرَةً على كِسْرَةٍ، وقال:«هذِهِ (4) إدَامُ هذِهِ» . رَواه أبو داوُدَ (5). وذَكَرَه الإمامُ أحمدُ. والثاني، ليس بأُدْم؛ لأنَّه لا يُؤْتَدَمُ به عادَةً، وإنَّما يُؤْكَلُ قُوتًا وحَلاوَةً، ولأنَّه فاكِهَةٌ، فأشْبَهَ الزَّبِيبَ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «أنَّه» .
(3)
في م: «عن» .
(4)
في م: «هذا» .
(5)
في: باب الرجل يحلف أن لا يتأدم، من كتاب الأيمان والنذور، وفي: باب في التمر، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 201، 325.
كما أخرجه أبو يعلى في مسنده 13/ 482، من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن أَبيه. وقال في مجمع الزوائد 5/ 40: وفيه يحيى بن العلاء، وهو ضعيف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا حَلَف لا يَأْكُلُ طَعامًا، حَنِثَ بأكْلِ كلِّ ما يُسَمَّى طَعامًا؛ مِن قُوتٍ، وأُدْمٍ، وحَلْواءَ، وجامِدٍ، ومائِعٍ، قال الله تعالى:{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} (1). وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} (2). يَعْنِي على مَحَبَّةِ الطَّعامِ، وحاجَتِهم إليه. وقيل: على حُبِّ الله تعالى. وقال تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} (3). وسَمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم اللَّبَنَ طَعامًا، فقال:«إنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ (4) ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أطْعِمَتَهُمْ» (5). وفي الماءِ وَجْهان؛ أحَدُهما، هو طَعامٌ؛ لقولِه تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} (6). والطَّعامُ ما يُطْعَمُ، ولأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّى اللَّبَنَ طَعامًا، وهو
(1) سورة آل عمران 93.
(2)
سورة الإنسان 8.
(3)
سورة الأنعام 145.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
تقدم تخريجه في 27/ 260.
(6)
سورة البقرة 249.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَشْروبٌ، فكذلك الماءُ. والثاني، ليس بطَعامٍ؛ لأنَّه لا يُسَمَّى طَعامًا، ولا يُفْهَمُ مِن إطْلاقِه اسْمُ الطَّعامِ، ولهذا يُعْطَفُ عليه، فيقالُ: طعامٌ وشَرابٌ. وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا أعْلَمُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَّا اللَّبَنُ» . رَواه ابنُ ماجَه (1). ويُقالُ: بابُ الأطْعِمَةِ والأشْرِبَةِ. ولأنَّه إن كان طَعامًا في الحَقِيقَةِ، فليس بطعامٍ في العُرْفِ، فلا يَحْنَثُ بشرْبِه؛ لأنَّ مَبْنَى الأيْمانِ على العُرْفِ، لكَوْنِ الحالِفِ في الغالِبِ لا يُرِيدُ بلَفْظِه إلَّا ما يَعْرِفُه. فإن أكَلَ دَواءً، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، يَحْنَثُ؛ لأنَّه يُطْعَمُ حال الاخْتِيارِ. وهو مذهبُ الشافعيِّ. والثاني، لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه لا يدْخُلُ في إطْلاقِ اسْمِ الطَّعامِ، ولا يُؤْكَلُ إلَّا عندَ الضَّرُورَةِ. فإن أكَلَ مِن نَباتِ الأرْضِ ما جَرَتِ العادَةُ بأكْلِه، حَنِثَ. وإن أكلَ ما لم تَجْرِ به عادَةٌ،
(1) في: باب اللبن، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه 2/ 1103.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما يقول إذا شرب اللبن، من كتاب الأشربة. سنن أبي داود 2/ 304.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كوَرَقِ الشَّجَرِ، ونُشارَةِ الخشَبِ والتُّرابِ، احْتَمَلَ وَجْهَين؛ أحَدُهما؛ يَحْنَثُ؛ لأنَّه قد أكَلَه، فأَشْبَهَ ما جَرَتِ العادَةُ بأكْلِه، ولأنَّه رُوِيَ عن عُتْبَةَ بنِ غَزْوانَ، أنَّه قال: لقد رأَيتُنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سابِعَ سَبْعَةٍ، ما لَنا طَعامٌ إلَّا وَرَقُ الحُبْلَةِ (1)، حتَّى قَرِحَتْ أشْدَاقُنا (2). والثاني، لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه لا يَتَناوَلُه اسمُ الطَّعامِ في العُرْفِ.
فصل: وإن حَلَف لا يَأكُلُ قُوتًا، فأكَلَ خبزًا، أو تمرًا، أو زَبِيبًا (3)، أو لَحْمًا، أو لَبَنًا، حَنِثَ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِن هذه يُقْتاتُ في بعضِ البُلْدانِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَحْنَثَ إلا بما يَقْتاتُه أهْلُ بَلَدِه؛ لأنَّ يَمِينَه تَنْصَرِف إلى القُوتِ المُتَعارَفِ عندَهم وفي بَلَدِهم. ولأصحابِ الشافعيِّ وَجْهان كَهذَين. وإن أكَلَ سَويقًا، أو اسْتَفَّ دَقِيقًا، حَنِثَ؛ لأنَّه يُقْتاتُ كذلك. ولهذا قال بعضُ اللُّصوصِ (4):
لا تَخْبِزَا خُبْزًا وبُسَّا بَسَّا
ولا تُطِيلَا بمُقامٍ حَبْسَا
(1) الحُبْلَةُ: ثَمَر السَّمُرِ، يشبه اللوبياء. النهاية 1/ 334.
(2)
أخرجه مسلم، في: باب حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد. . . .، من كتاب الزهد والرقائق. صحيح مسلم 4/ 2279. وابن ماجه، في: باب معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه 2/ 1392. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 174، 5/ 61.
(3)
في م: «تينا» .
(4)
الرجز في: الحيوان 4/ 490، 491، الصحاح 2/ 873، مقاييس اللغة 2/ 240، اللسان والتاج (خ ب ز) وفيهما:«نُسَّا نَسَّا» واللسان (ب س س) انظر معجم الشعراء 476، والمخصص 7/ 127.